الرصيد الدبلوماسي للجزائر بمجلس الأمن

انتصارات متتالية.. وكبح جماح تسييس القضايا العادلة

انتصارات متتالية.. وكبح جماح تسييس القضايا العادلة
رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون
  • 252
مليكة. خ مليكة. خ

❊ الجزائر.. الدرع الحصين للقضية الفلسطينية

❊ إسهامات متميّزة للارتقاء بقيم السلام وفضائل الحوار لتجاوز الخلافات

حفل الرصيد الدبلوماسي للجزائر خلال مباشرتها لمهامها كعضو غير دائم في مجلس الأمن بالكثير من المكاسب لصالح عدة قضايا وضعتها ضمن أولوياتها على غرار القضيتين الفلسطينية والصحراوية، فضلا عن ملفات مازالت تؤرق المجتمع الدولي مثل الوضع في ليبيا، السودان وعدة قضايا إفريقية، في إطار سعيها  لإحداث تغيير وتأثير في قرارات المجلس مع كبح جماح التسييس الحاصل تجاه هذه القضايا.

  تعمل الجزائر التي تترأس مجلس الأمن إلى غاية نهاية الشهر الجاري، بديناميكة كبيرة على طرح القضايا العالقة وإعطائها صبغة الأولوية في سياق تكريس السلم والأمن الدوليين، أبرزها القضية الفلسطينية التي حظيت بالنصيب الأوفر من عمل بعثة الجزائر بالهيئة الأممية نظرا للتطورات الخطيرة التي يشهدها قطاع غزّة، والوضع الإنساني الكارثي الذي تسبب فيه الكيان الصهيوني الذي لا يفقه سوى لغة الدم.

وإذا كان اتفاق وقف إطلاق النّار في غزّة والذي يفترض أن يدخل حيّز التنفيذ خلال الساعات المقبلة، قد ساهم فيه مجموعة من الوسطاء والقوى الاقليمية في المنطقة، إلا أنه لا يمكن البتة إنكار جهود الجزائر في مجلس الأمن لإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وتشريح الوضع في القطاع عبر الدعوة إلى عقد العديد من الجلسات، فضلا عن تحركاتها الماراطونية داخل أروقة المجلس من أجل اقناع الدول الأعضاء لإبرام اتفاق وقف إطلاق النّار الذي تعرض لعراقيل كثيرة عدة مرات، قبل أن يتم التصويت عليه في الأخير رغم عدم تجسيده ميدانيا فور صدوره بسبب التعنت الاسرائيلي.

فمن منّا لا يتذكر رد مندوب الجزائر في مجلس الأمن، على نظيره الفلسطيني رياض منصور، عندما طلب منه هذا الأخير الوقوف إلى جانبه في المقدمة خلال ندوة صحفية بمقر الأمم المتحدة، حيث أجابه عمار بن جامع، "أنا وراك دائما"، وهي عبارة تحمل الكثير من المعاني والتي تعكس بالتأكيد الموقف المشرّف للجزائر تجاه هذه القضية العادلة، ووقوفها الدائم وراء أصحاب الحق في الدفاع عن أنفسهم وأرضه، كما كانت بمثابة الدرع الحصين لها في محفل دولي كاد أن يحيل هذه القضية إلى درج النسيان بتأثير من بعض القوى.

ورغم الضغوط الكبيرة التي واجهتها الجزائر داخل مجلس الأمن من أجل منعها إعداد مشروع قانون وقف إطلاق النّار إلا أن موقفها بقي مستميتا، حيث ساهم بالنصيب الأوفر في صدور القرار شهر مارس الماضي، بعد أن أحجمت الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض. وقد أشادت العديد من المواقع الإعلامية الدولية، بمرافعات الجزائر الوازنة أمام الأمم المتحدة، دفاعا عن القضية العادلة على غرار المركز الفلسطيني للإعلام، الذي أبرز دور بلادنا في حشد المزيد من الأصوات الداعمة للملف الفلسطيني وفي تحييد الاستفراد الأمريكي المنحاز إلى الكيان  الصهيوني. 

كما نجحت الجزائر في عقد جلسة للنظر في منح طابع الإلزامية للقرار الذي صدر عن محكمة العدل الدولية، بخصوص جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزّة، فضلا عن إحكام التنسيق بينها والدول العشر غير الدائمة العضوية في المجلس لتشكيل حق النقض الخاص بهم، ذلك أن أي قرار في المجلس يحتاج إلى 9 أصوات مؤيدة لإقراره.ورغم أن القضية الفلسطينية قد استأثرت بأجندة الجزائر خلال عهدتها التي تدوم إلى غاية نهاية العام الجاري، إلا أن ذلك لم يثنها عن الدفاع عن القضايا الإفريقية والعربية الأخرى، على غرار الانجاز المحقق منذ يومين بشأن ليبيا، حيث تمكنت بلادنا من انتزاع موافقة تاريخية تسمح للمؤسسة الليبية للاستثمار بإعادة استثمار الأصول الليبية المجمدة في المنظمات المالية الدولية.

كما أسفرت جهود الجزائر أيضا عن قرار آخر يلزم لجنة العقوبات حول ليبيا بإبلاغ السلطات الليبية مستقبلا بكل المراسلات المتعلقة بالأصول المجمدة، مما يمنح ليبيا فرصة أكبر لتتبع مصير أموالها بشكل دقيق وواضح.

ويأتي هذا الانجاز في الوقت الذي تتمسك فيه الجزائر بضرورة حل الأزمة الليبية دون التدخل الأجنبي، في ظل سعي أطراف خارجية للتشويش على جهود الأطراف الليبية على ضوء تعدد الأجندات المرتكزة على مبدأ تصفية الحسابات ما ساهم في إدامة الأزمة إلى غاية اليوم.ولم تغب أزمة السودان ولبنان والصومال ومختلف بؤر التوتر التي تشهدها القارة السمراء عن اهتمامات الجزائر في مجلس الأمن، حيث كثيرا ما دعت بلادنا في إطار الجلسات التي تدعو إليها للنظر في هذه القضايا خاصة في جانبها الإنساني مع دعوة المجتمع الدولي لوضع معاناة شعوب هذه الدول.