رئيس الجمهورية يحبط المراهنين على ليّ ذراعها
الجزائر لا ترضخ للمساومات والابتزاز
- 145
أحبط رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون محاولات المراهنين على فرض أساليب معينة في التعامل مع الجزائر، وفق رؤية لا تتوافق مع الأسس التي تحكم العلاقات الدولية، من خلال تأكيده على أن الجزائر ليست في حاجة "إلا إلى الله ثمّ إلى أبنائها "، مشيرا إلى جهل هذه الأطراف التام للجزائر، في ظل ما تتوفّر عليه من إمكانيات تنموية واعدة، تجعلها مكتفية بذاتها ودون الحاجة إلى مساعدة من الخارج.
تصريحات الرئيس تبون خلال أشغال الجلسات الوطنية للسينما، كانت بمثابة رسالة قوية لبعض الأطراف الدولية التي تبحث عن ثغرات لمحاولة ليّ ذراع الجزائر عبر فرض إملاءاتها من أجل تمرير أهدافها، في الوقت الذي تصرّ فيه الجزائر على المضي قدما لضمان استقلاليتها في الكثير من المجالات، خاصة ما تعلق بالأمنين الغذائي والمائي.وتلخص عبارة رئيس الجمهورية بأن "لجزائر ليست في حاجة إلا إلى الله وإلى أبنائها"، العقيدة السياسية التي دأبت بلادنا على السير في نهجها حتى في أحلك الظروف عندما عاشت العشرية السوداء، حيث أنها لم ترضخ لأي مساومات أو ابتزاز مقابل التنازل عن المبادئ التي ترتكز عليها سياستها الخارجية.
ولعل في حرص الجزائر على مسح ديونها ورفضها اللجوء إلى الاستدانة بعد تعافيها من ظاهرة الإرهاب وتحسّن مؤشراتها الاقتصادية، أفضل مثال على صواب رؤيتها الاستشرافية، حيث يحرص الرئيس تبون على تقليص استيراد المنتوجات التي يمكن تصنيعها محليا من أجل تخفيف عبء الفاتورة، موازاة مع العمل على ضمان استقلالية الأمن الغذائي والمائي.
ووضعت الجزائر هاتين الأولويتين ضمن اهتماماتها لما لذلك من تأثير على مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وبشكل أخص على استقلالية القرار السياسي والاقتصادي للدولة، ضمن رؤية شاملة واستشرافية يطبّقها رئيس الجمهورية والتي تقوم على خطط وبرامج تضع المواطن في قلب الاهتمامات الأساسية.
والتزم الرئيس تبون في هذا السياق بالعمل على ضمان حصول جميع المواطنين على الماء الشروب بتعبئة ناجعة للموارد وتحسين وترشيد وسائل توزيع واستهلاك المياه، مع وضع خطة لتحديث الفلاحة وتطوير الإنتاج الحيواني والصيد البحري لضمان الأمن الغذائي، كون هذا المسعى تفرضه حتمية بناء اقتصاد وطني قوي، متنوّع، مدر للثروة ويحصن الأمة من التبعية للخارج وللمحروقات.
وتنبع هذه القناعة، انطلاقا من ضرورة تدارك أخطاء تجارب الدول الأخرى التي باتت تعيش حالة انعدام الأمن الغذائي بسبب مستجدات غير محسوبة، على غرار ما تم تسجيله في الأزمة الروسية الأوكرانية وما انجر عنها من تذبذب سلاسل توريد الحبوب والأسمدة بين كبرى الدول المنتجة للحبوب وبقية العالم. وعليه، تركز الجزائر على تطوير وعصرنة قطاعها الفلاحي من خلال إصلاحات هيكلية كتشجيع الاستثمار وتوفير العقار الفلاحي ورفع العراقيل في مجال التمويل، ما انعكس إيجابا على عديد المؤشرات، والذي تجلّى في مساهمة القطاع بشكل هام في الناتج الداخلي الوطني الخام.
وبذلك أضحت الجزائر من الدول التي قطعت أشواطا كبيرة في مجال الأمن الغذائي بفضل منجزات قطاعها الفلاحي الذي عرف قفزة نوعية خلال السنوات القليلة الماضية بالرغم من الظرف الدولي الصعب، فضلا عن التغيرات المناخية التي تشهدها عديد مناطق العالم.كما تعكف الجزائر بتعليمات رئيس الجمهورية على تجسيد استراتيجية فعالة لمعالجة إشكالية التزوّد بالماء نهائيا أمام تحديات وتأثير التغيرات المناخية، عبر إعطاء الأولوية لحشد الموارد المائية المستدامة، إلى جانب اعتماد محطات تحلية مياه البحر التي ينتظر الانتهاء من أشغالها في الآجال القريبة.
والواقع أن استراتيجية الرئيس تبون التي ترتكز على ضمان الاستقلالية عبر الاكتفاء الذاتي في الكثير من الموارد، فضلا عن الخروج من تبعية المحروقات، تؤرق الكثير من الأطراف التي تسعى لأن يكون لها أوراق رابحة تمكنها من محاولة اللعب على وتر "الابتزاز والضغط"، مثلما تمارس ذلك على عديد الدول التي تعيش أزمات خانقة تجعلها تلجأ إلى الاستدانة من الصناديق المالية الدولية.
ويؤكد رئيس الجمهورية أن الجزائر ليست بحاجة لـ«صدقة" بعض الدول التي تتباهى بتقديمها مخصّصات مالية تنموية لبلادنا، علما أن الهبات التي تقدّمها الجزائر للدول الصديقة والشقيقة في عزّ أزماتها تفوق هذه القيمة بأضعاف مضاعفة، بل لم يتوان الرئيس تبون في تأكيد استعداده التخلي عنها في حال ما طلبت هذه الدول استعادة تلك المخصّصات كون الجزائر ليست بحاجة إليها.
وبذلك يكون الرئيس تبون قد صد المنافذ التي تحاول هذه الأطراف الدولية التأثير بواسطتها على الجزائر، رغم إدراكها بأنها هي التي بحاجة إلى الجزائر وليس العكس، كما أن تواجدها الاقتصادي عبر مشاريع وبرامج استثمارية لا يعدو أن يكون مجرد الحفاظ على إطار التعاون التقليدي والذي حرصت الجزائر على أن يكون وفق مبدأ تنوّع الشركاء.