رئيس الجمهورية يلتزم بحلّ مشكل التمويل

السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة

السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة
رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون
  • 384
دليلة مالك دليلة مالك

في ظلّ دعم متزايد من الدولة، لا سيما بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الجمهورية، تبدو السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة من التطوّر والازدهار، لا سيما في ما يتعلّق بجانب التمويل، الذي يُعدّ ضعفه أحد العراقيل الكبرى في ركود الصناعة السينمائية في الجزائر؛ إذ أكّد الرئيس عبد المجيد تبون في افتتاح الجلسات الوطنية للسينما، أنّه ليس هناك مشكل في التمويل؛ سواء بالعملة الوطنية أو الأجنبية. وعلى ضوء هذا التصريح شدّدت شخصيات في مجال السينما التقتهم "المساء" في ختام الجلسات أوّل أمس بالمركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال"، على أنّ هذا الدعم يمثّل فرصة تاريخية لتطوير الصناعة السينمائية، سواء من حيث الكمّ أو الجودة، بما يوازي طموحات الشعب الجزائري، ويرتقي إلى المعايير الدولية.

الوعي السياسي وأهمية التمويل في تطوير السينما

قال الدكتور فيصل صاحبي، عضو اللجنة العلمية للجلسات الوطنية للسينما، إنّ التصريح الذي ألقاه رئيس الجمهورية في افتتاح الجلسات الوطنية للسينما، كان بمثابة نقلة نوعية؛ إذ أكّد على أهمية التمويل في إنعاش القطاع السينمائي، مشيراً إلى أنّ "المال هو عصب الحرب" في هذا السياق. وقد لاقى هذا التصريح ترحيباً من المبدعين في المجال، الذين رأوا أنّ التمويل ليس مجرّد دعم مادي، بل أداة لتمكين السينمائيين من إبداع أعمال تتناسب مع رؤية الشعب الجزائري، وطموحاته.

وفي هذا الصدد، صرح فيصل صاحبي (أستاذ بالمعهد العالي للسينما بجامعة وهران)، بأن السينما الجزائرية يجب أن تكون جزءاً من المشروع الحضاري الوطني، قائلًا: "إعادة كتابة التاريخ السينمائي الجزائري هي خطوة ضرورية لاسترجاع أدوات الكتابة التي فقدناها بسبب الاستعمار. السينما يجب أن تكون وسيلة لرصد وتوثيق مآسي وآمال الشعب الجزائري".

التحديات والفرص.. من التمويل إلى الجودة

من جهتها، أكّدت المنتجة والمخرجة ياسمين شويخ على أهمية تنفيذ هذه التصريحات في الواقع؛ حيث أبدت تفاؤلها بشأن توجيه الميزانيات المخصّصة للثقافة بشكل عام، وللسينما بشكل خاص. وقالت إنّ التمويل سيساهم في إنتاج أفلام جزائرية ذات جودة عالية، ولكنّها أشارت إلى أنّه لا يمكن تحقيق النجاح دون التركيز على جودة الأفلام، وهو ما يتطلّب العمل على تطوير المهارات التقنية للمخرجين، وكتّاب السيناريو. ولتحقيق نقلة نوعية في صناعة السينما الجزائرية، حسب محدّثة "المساء"، من الضروري أن نتبنى استراتيجية واضحة ومدروسة، تتعلّق بالتمويل، والإنتاج بشكل مستدام. 

الفكرة الأساسية التي يجب أن نعتمد عليها، هي أنّ النجاح لا يأتي من فيلم واحد فقط، بل من سلسلة من الأفلام المتنوعة، التي يمكن أن تساهم في بناء هوية سينمائية قوية، وتعزّز من مكانة السينما الجزائرية على الساحة الدولية، وفقا للمتحدّثة.

وأكّدت شويخ أن من خلال تحديد الميزانية المناسبة يمكن تحديد عدد الأفلام التي يمكن إنتاجها سنوياً؛ لا ينبغي أن يكون الهدف هو إنتاج فيلم واحد فقط في السنة وانتظار نجاحه، بل يجب أن يكون هناك توجّه نحو الإنتاج المستمر لعدد من الأفلام في مختلف الأنواع والمواضيع، وبالتالي هذا سيساهم في توفير فرص عمل للمبدعين المحليين في مجال الكتابة، والإخراج، والتمثيل، والفنيين. والأهم من ذلك، سيساهم في بناء قاعدة جماهيرية واسعة؛ من خلال تنوّع الأعمال السينمائية التي تصل إلى الجمهور الجزائري، والمشاهدين الدوليين. ولا تقتصر السينما الجزائرية على الإنتاج المحلي فقط، حسب شويخ، بل يجب أن يكون هناك تشجيع أكبر على إقامة شراكات مع دول أخرى في مجال إنتاج الأفلام. 

الإنتاجات المشتركة مع دول ذات صناعة سينمائية متطوّرة، يمكن أن تفتح الباب أمام تعزيز التعاون الفني والتقني. هذه الشراكات لا تقتصر فقط على التمويل، بل تشمل أيضاً، تبادل الخبرات الفنية، والاستفادة من التقنيات المتطوّرة، ورفع جودة الإنتاج.  من جانبه، أشار الأكاديمي في مجال السينما الدكتور سعيد قادم، إلى أنّ هذه المبادرة تمثّل خطوة استراتيجية مهمة للنهوض بالصناعة السينمائية في الجزائر، مضيفًا أنّ هذا المشروع سينعكس إيجابا على تطوير الإنتاج السينمائي من الناحيتين الكمية والنوعية؛ ما يتيح للسينما الجزائرية الوصول إلى مستويات دولية.

فرصة لبناء هوية سينمائية جزائرية متميزة

تناول المخرج والمؤلف السينمائي مؤنس خمار في حديثه مع "المساء"، أهمية التمويل في تجاوز العقبات التي تعيق صناعة السينما الجزائرية، مؤكدا أنّ التحدي الأكبر كان دائما يتمثّل في تكاليف الإنتاج. وأضاف أنّ التمويل اللازم سيمنح السينمائيين الجزائريين الفرصة لمنافسة الأعمال العالمية، مشيرا إلى أهمية التفاعل مع المنصات العالمية؛ مثل "نتفليكس" ، التي أصبحت، اليوم، من أهم مموّلي صناعة السينما العالمية. كما دعا إلى تسهيل الإجراءات والتعاون مع هذه الهيئات؛ لتقديم أعمال جزائرية تنافس على الساحة الدولية.

أما المخرجة والمنتجة هاجر سباطة، فقد أكّدت على أنّ تصريحات الرئيس كانت محفّزة للغاية، موضّحة أن التمويل سيسمح للسينمائيين الجزائريين بتحقيق طموحاتهم، خاصة في ما يتعلّق بإنتاج أفلام ذات جودة عالية، تستطيع منافسة الأفلام العالمية. كما تطرقت لضرورة إنشاء استديوهات متخصّصة في المؤثرات البصرية والدبلجة، وهو ما سيساهم في رفع مستوى الصناعة السينمائية الجزائرية، ويعزّز من انتشارها عالميّاً.

* دليلة مالك


لفائدة الصناعة السينماتوغرافية

قانون المالية 2025 يخصّص تدابير جبائية

خصّص قانون المالية لسنة 2025 الصادر في العدد رقم 84 من الجريدة الرسمية، تدابير جبائية لفائدة الصناعة السينماتوغرافية في الجزائر، تتعلق بتحصيل عدة رسوم لفائدة "الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها" ؛ بهدف دعم هذه الصناعة الثقافية الوطنية، وترقيتها.

جاء في المادة 117 لقانون المالية لسنة 2025 الذي وقّع عليه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، " تعدَّل وتتمَّم أحكام المادة 63 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010، المعدّلة والمتمّمة؛ حيث تنصّ على إنشاء رسم للإشهار يطبَّق على رقم الأعمال المحقق في إطار النشاط الإشهاري. ويستحق الرسم شهريا على كل شخص يحقّق رقم أعمال متصلا بأشغال الإشهار، ويحدّد معدله بـ 2 بالمائة ".

ويخصَّص حاصل هذا الرسم بـ 50 بالمائة لفائدة ميزانية الدولة، و25 بالمائة لفائدة حساب التخصيص الخاص رقم 157- 302 الذي عنوانه "الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها"، فيما تخصّص 25 بالمائة الأخرى، لفائدة حساب التخصيص الخاص رقم 156- 302 الذي عنوانه "صندوق دعم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، وأنشطة تكوين الصحفيين ومهنيي الصحافة".

من جهة أخرى، أشارت المادة 121 لنفس القانون، إلى إنشاء لفائدة "الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها"، رسم على تسليم الرخص والتأشيرات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية، تحدد قيمتها على النحو الآتي، رخصة التصوير السينمائي بقيمة 20 ألف دينار، ورخصة نشاط مؤسسة سينمائية بقيمة 20 ألف دينار، ورخصة نشاط توزيع الأفلام السينمائية بقيمة 20 ألف دينار، ورخصة نشاط استغلال قاعات السينما بقيمة 20 ألف دينار، ورخصة نشاط استنساخ وتوزيع المنتجات السمعية البصرية بقيمة 20 ألف دينار، وتأشيرة الاستغلال التجاري لفيلم سينمائي بقيمة 10 آلاف دينار، وتصريح بممارسة نشاط متعلق بالخدمات السينماتوغرافية بقيمة 20 ألف دينار، وتصريح بممارسة نشاط الاستغلال السينمائي عبر الدعائم التسجيلية والبث على المنصات الرقمية بقيمة 20 ألف دينار.

كما تمت في هذا الإطار (المادة 121) الإشارة إلى خضوع تجديد التراخيص والتأشيرات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية، لدفع نفس قيمة الرسوم المذكورة أعلاه؛ حيث يتم تحصيل هذه الرسوم من طرف قابض الضرائب المؤهل، كما هي الحال في مجال حقوق الطابع، وفق ما ورد في الجريدة الرسمية.

من جهة أخرى، تقول المادة 222: "يفتح في كتابات الخزينة حساب تخصيص خاص رقمه 157- 302، وعنوانه "الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها" ؛ حيث يقيَّد في هذا الحساب في باب الإيرادات، عائد الأتاوى المطبقة على تذاكر الدخول إلى قاعات السينما، وعائد الرسوم المحصلة عند تسليم التأشيرات والرخص المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما في مجال الصناعة السينماتوغرافية، وحصة من ناتج رسم الإشهار المنصوص عليه في المادة 63 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010، ومخصصات ميزانية الدولة والجماعات المحلية، وكل المساهمات أو الموارد الأخرى، والهبات والوصايا.

أما في باب النفقات فيشير المصدر إلى الإعانات الموجهة للإنتاج السينمائي، وتوزيعه، واستغلاله، وتجهيزه، ومخصصات للمؤسسات تحت الوصاية بموجب مقرر من الوزير المكلف بالثقافة، بعنوان النفقات المرتبطة بالعمليات الموكلة إليها.

وأشارت، أيضا، المادة 222 في هذا الباب، إلى أن تنفيذ العمليات المالية بعنوان هذا الصندوق، يتم تحت رقابة الإدارة المركزية للوزارة المكلفة بالثقافة، مع احترام الإجراءات التنظيمية المعمول بها بعد اكتتاب دفتر الشروط الذي يحدد مسؤوليات وحقوق والتزامات كل الأطراف. كما أشارت إلى أن الوزير المكلف بالصناعة السينماتوغرافية، هو الآمر بالصرف لهذا الحساب.

وكان عام 2024 عرف صدور القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية، والذي يهدف إلى تحديد الأحكام المطبقة على الصناعة السينماتوغرافية، ولا سيما منها تلك المتعلقة بإنتاج وتوزيع واستغلال الأفلام السينمائية، والترويج لها عبر مختلف الدعائم، وكذا تنظيم النشاطات المتصلة بها. 

* م. ص