المركز الثقافي الجامعي
فراشات وجماجم تغزو معرض منال لين
- 115
فراشات وجماجم متناثرة هنا وهناك، في معرض الفنانة الشابة منال لين، المقام حاليا بالمركز الثقافي الجامعي إلى غاية 12 فيفري الجاري، رمز لتغيرات الحياة التي لا بد منها، والتي تصاحب الإنسان من المهد إلى اللحد.
تعمل الفنانة العصامية منال لين، على تحويل عناصر واقعية إلى رمزيات في لوحاتها المنجزة، بتقنيات الأكريليك والرسم الزيتي والأكوارال، بغية نقل مشاعرها إلى الجمهور وتوصيل رسائل عديدة. وهكذا تعمل التشكيلية على إنشاء تناغم بين التقنية من جهة، والتعبير الفني من جهة أخرى، والنتيجة لوحات متناسقة ومعبرة بشكل كبير.
تعرض لين بمعرضها الفردي الأول من نوعه، مجموعة من اللوحات، رسمت فيها فراشات مختلفة الألوان، معظمها عملاقة، رمز للتحولات التي تصيب حياة الإنسان، ولم لا للتغيرات الإيجابية التي طالما انتظرها، فالفراشة كانت مجرد دودة قز تحولت بعدها إلى فراشة جميلة. أيضا رمزية الفراشة أبعد من مجرد قدرتها على التحول، فهناك من يدعي بأن رفة من جناحها قد تغير طقس مكان آخر، أي أن تغييرا صغيرا قد تكون له عواقب كبيرة.
الجماجم أيضا حاضرة في أكثر من لوحة لمنال لين، والتي لا تعني أبدا الجانب المرهب للحياة المتمثل في الموت، وتحول الجسد إلى مجرد هيكل عظمي، قد يصبح ترابا هو الآخر، ويندثر بذلك الإنسان تماما، إلا من روحه الخالدة، بل قد يرمز إلى موت شيء ما وميلاد شيء أفضل منه، في لوحات تتقاطر أملا وإيجابية.
في هذا السياق، حينما يشاهد زائر المعرض كل هذه الفراشات الملونة، يشرح صدره، حتى حينما يجد نفسه أمام لوحات الجماجم، التي ولشدة فنيتها لن يتزعزع "خاطره"، فمنال لين أضفت عليها لمستها الفنية، فتحولت من شيء مفزع إلى فن جميل.
كما عملت المهندسة الميكانيكية في معرضها هذا، الذي يضم مجموعة من لوحات، بدأت رسمها في 2020، وأتمتها عام 2024، على التأرجح بين عنصري البداية والنهاية، أي بداية الحياة التي تتلخص في الفراشة ونهايتها المعبرة بالجمجمة، فهل حقا نشهد في هذا المعرض تناقضا بين هذين المبدأين؟ أم أنه حينما نعتقد أننا في بداية أمر ما، نكون في نهايته والعكس صحيح؟ وهل حاولت منال لين رسم دورة الحياة بشكل فني، مليء بالألوان، أي بالحياة في حد ذاتها؟ وهل ابتغت الفنانة إقصاء الكآبة من موضوع يهزنا نحن بنو البشر، يتمثل في نهاية حياتنا التي ستحدث يوما ما لا محالة؟
حقا، رسومات منال لين تحمل في عمقها فلسفة عظيمة، تتمثل في تحول كل شيء في هذه الحياة، إلا أمر واحد هو الله جل جلاله، فالتغير حاصل لا محالة، لهذا تدفع بنا منال إلى محاولة التغلغل في هذه التحولات بالشكل الذي يجعلنا نستفيد منها، وعيش حياتنا بجمالية قبل أن تتوقف نهائيا.
في إطار آخر، لجأت منال لين إلى الذكاء الاصطناعي، لإنجاز ثلاث لوحات حول قصة فاطمة المعكرة، بالإضافة إلى بصمتها الخاصة، وقد أرفقتها بنص يعرف بهذه القصة الشهيرة، التي حدثت في القصبة. أيضا نجد لوحة بعنوان "غريتا أوتو"، رسمتها بتقنية الرسم الزيتي، لامرأة ترتدي فستانا أوروبيا من القرون السابقة.