المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا في حوار حصري لـ"المساء":
ماكرون يخرق الشرعية الدولية
![ماكرون يخرق الشرعية الدولية](/dz/media/k2/items/cache/2540ff03fe0ab2ba04fc379f73f2782b_XL.jpg?t=20250205_211635)
- 470
![أجرت الحوار: مليكة خلاف](/dz/components/com_k2/images/placeholder/user.png)
❊ ملف الذّاكرة مهم للغاية لدى الرئيس تبون
❊ فرنسا الرسمية تدوس الشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية
❊ الثقة بين الجزائر وفرنسا أصبحت هشّة جدا وحل واحد فقط أمام باريس
❊ باريس تأخرت كثيرا في إدراك ما يحدث في إفريقيا الجديدة
❊ نفوذ فرنسا في إفريقيا انتهى.. ولا حل أمامها سوى الثقافة والاقتصاد
❊ تحديد وتنظيف مواقع التجارب النّووية بالجزائر حتمية على فرنسا
❊ فرنسا تصمّ أذانها اتجاه طلب الجزائر تسوية ملف جرائمها النّووية
❊ مفعول التفجيرات النّووية الفرنسية امتد 7 سنوات.. والجزائر المستقلّة مازالت تحصي ضحاياها
❊ تاريخ الجزائر القديم موجود في الأرشيف الفرنسي.. ومتاح للمؤرخين الجزائريين
❊ نجحنا في ترسيخ كرونولوجيا الأحداث الكبيرة في إطار لجنة الذّاكرة
❊ تصريحات صنصال "بهتان" والمناطق الغربية جزائرية محضة منذ قرون
أكد المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، أن فرنسا الرسمية تصمّ أذانها إزاء طلب الجزائر المتعلق بتنظيف الأماكن التي شكّلت مسرح تجريب التفجيرات النّووية، رغم أنه من ملفات جدول أعمال تقرير اللجنة المشتركة الجزائرية ـ الفرنسية للتاريخ والذّاكرة، في حين أرجع في حوار حصري خصّ به "المساء" سبب الانسداد الذي تعرفه العلاقات الثنائية في الوقت الحالي، إلى خروج فرنسا عن الشرعية الدولية فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، مؤكدا أن الثقة بين البلدين أصابتها الهشاشة، فيما اعترف بقصور الرؤية لدى فرنسا الرسمية التي فقدت نفوذها بإفريقيا بسبب عدم إدراك التغييرات التي جعلت الأفارقة يرفضون كل نهب واستغلال لأراضيهم، فيما يفضح بهتان صنصال.
المساء: لقد حيا الرئيس عبد المجيد تبون، في حوار مع جريدة "لوبينيون" الفرنسية عملكم في إطار اللجنة المشتركة الجزائرية ـ الفرنسية للتاريخ والذّاكرة، وأوضح أنه سبق أن استقبلكم مرتين، ماهو تعليقكم؟
ستورا: رئيس الجمهورية السيّد عبد المجيد تبون، الذي بادر بإنشاء اللجنة المشتركة لمؤرخي البلدين كان قد أكد خلال استقباله لي في جويلية 2022، على أهمية هذه اللجنة وضرورتها لتسليط الضوء على التاريخ المشترك بين الجزائر وفرنسا خلال الفترات الطويلة الماضية، أي منذ دخول الغزاة الفرنسيين إلى الجزائر في القرن التاسع عشر، ويرى الرئيس تبون، أن الأمر مهم للغاية من أجل فهم ما حدث من خلال العودة إلى أصل الأحداث التي طبعت تلك المرحلة التاريخية، على غرار ما اقترفه المستعمر من نزع للأراضي وتجريد للممتلكات، وارتكاب للمجازر وتكريس لفكر استعماري أوروبي في الجزائر، وغيرها من الأحداث لمحاولة مسخ الهوية الوطنية للجزائري.
❊ بخصوص ملف الذّاكرة.. ماهي نقاط التوافق المسجّلة لحد الآن بين الجزائر وباريس، وهل يمكن أن نعرف اقتراحاتكم لتسوية الملفات العالقة؟
❊ اللقاءات الخمسة التي جمعت المؤرخين الفرنسيين والجزائريين شهدت أمورا إيجابية لعل أهمها أن الجانبين أبديا موافقتهما على العمل حول تسلسل زمني معين، مثل تحديد التواريخ الأكثر أهمية المتعلقة بوصول الغزاة الفرنسيين إلى الجزائر في القرن التاسع عشر، والتي تميّزت بمواجهات وارتكاب لمجازر كبرى في حق الجزائريين، فقد تم بنجاح ترسيخ هذه الكرونولوجيا الكبيرة كخطوة أولى.
أما القرار الثاني والذي اعتبره انجازا كبيرا، على الأقل بالنسبة لي فيتعلق بتمكين المؤرخين الجزائريين من المجيء إلى فرنسا من أجل الإطلاع على الأرشيف الفرنسي الذي يشكّل كميات كبيرة ومتعدد الجوانب، إذ يتضمن هذا الكم الكبير من الأرشيف تاريخ الجزائر القديم أي بداية من القرن التاسع عشر وليس فقط ثورة التحرير، وهذا المقترح يعد فرصة بالنسبة للمؤرخين الجزائريين لتكثيف العمل، وتكملته وفق المراجع المتاحة ودراسة السير الذاتية لكل الفاعلين المشاركين في الغزو الاستعماري الفرنسي الذي شهدته الجزائر.
❊ الرئيس عبد المجيد تبون، دعا فرنسا مجددا إلى تنظيف المواقع التي شهدت التجارب النّووية في جنوب الجزائر، برأيكم هل ستستجيب باريس لهذا الطلب؟
❊ مسألة التفجيرات النّووية كانت ضمن جدول أعمال تقريري الذي قدمته سنة 2021، وهذا الطلب لم يلق للأسف أي صدى إلى غاية اليوم، وفرنسا الرسمية مازالت تصمّ أذانها اتجاه هذا الطلب.
واعتقد أنه من الضروري تحديد الأماكن المتعددة التي شكّلت مسرحا للتجارب النّووية الفرنسية بين سنوات 1960 و1967 في صحراء الجزائر، أي لمدة 7 سنوات كاملة، لأنه بتحديد هذه الأماكن يمكن تنظيف مخلّفات هذه التجارب و"إصلاحها" لأننا على علم أن هناك عددا كبيرا من الضحايا من الجزائريين لهذه التجارب النّووية، كما أننا على دراية أن الجريمة مازالت تحصي ضحايا حتى بعد استقلال الجزائر، ولهذا اتمسّك بفكرة أنه من الحتمي تحديد وتنظيف هذه المواقع في الوقت نفسه، ومازال هذا الطلب مدرجا ضمن جدول أعمال اللجنة وعصب محوري في علاقة الجزائر مع فرنسا.
❊ ما هو تعليقكم بخصوص الإنسداد الذي تعرفه العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية، وكيف يمكن تجاوز هذا التصعيد؟
❊ في قراءتي للأحداث، فبداية الإنسداد في العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية كان بسبب قضية الصحراء الغربية، وما يعرف بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، واعتقد أنه على السلطات الفرنسية وببساطة العودة إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة، والذي يقر حق تقرير مصير الشعب الصحراوي واحترام المبادئ التي تنصّ عليها مواثيق المنظمة الأممية منذ سنوات طويلة بخصوص هذا النزاع القديم جدا، وهو السبيل الوحيد الذي سيمكن العلاقات الثنائية بين البلدين من العودة إلى مجراها الطبيعي.
ولكن قبل كل ذلك لابد أيضا من عودة علاقة الثقة بين البلدين الكبيرين الجزائر وفرنسا والتي أصبحت تعاني هشاشة كبيرة جدا.
❊ فرنسا فقدت الكثير من النفوذ في إفريقيا، كيف تقيّمون هذه الوضعية؟
❊ أعتقد أن فرنسا الرسمية تأخرت كثيرا لترى وتفهم ما أصبحت عليه إفريقيا الجديدة اليوم في إطار تكريس سيادتها السياسية، فباريس تعاني صعوبة كبيرة في تقبّل هذه التغييرات الحاصلة في إفريقيا، والتي شكّلت مفاجأة كبيرة بالنسبة لها خاصة وأن علاقة فرنسا بالقارة دامت لعقود طويلة، كما أن تبعية بعض الدول الإفريقية لفرنسا طرحت العديد من التساؤلات لدى الأجيال الجديدة من الأفارقة الرافضين لهذه التبعية والواقع المرفوض بالنسبة لهم كأفارقة.
وعليه اعتقد أن فرنسا التي تأخرت لتقبّل هذه الفكرة لم يعد أمامها من حل سوى أن تبحث عن نوع آخر من التأثير في القارة، وليس أمامها سوى البوابة الثقافية والاقتصادية في إفريقيا.
❊ ما تعليقكم حول تصريحات الموقوف بوعلام صنصال، بخصوص الوحدة الترابية للجزائر، نريد وجهة نظركم من الناحية التاريخية؟
❊ كانت لي فرصة إبراز رؤيتي المختلفة بخصوص هذا الموضوع الذي خاض فيه بوعلام صنصال، والذي زعم فيه تبعية مناطق غربية من الجزائر على غرار وهران وتلمسان تاريخيا للمغرب، وأقول كمؤرخ إن مزاعمه لا أساس لها من الصحة و«بهتان" صريح كون هذه المناطق جزائرية محضة منذ قرون طويلة، وقد عبّرت عن وجهة نظري في هذا الأمر بصفة علنية رغم أنه من الصعب التعبير عن رؤية مخالفة مع شخص بعيد عنك.