لتجنّب القلق وتغيّر الساعة البيولوجية
هذا ما يجب على الصائم معرفته

- 52

يشكل اضطراب النوم الناجم عن تغير الساعة البيولوجية في رمضان بسبب إطالة السهر وتأخر موعد النوم، مشكلا عويصا بالنسبة للكثيرين، خاصة الفئة العاملة، التي تجد صعوبة في التأقلم مع النظام الجديد الذي يفرضه شهر رمضان. وانطلاقا من كل هذا اختار محمد ملاك مختص نفسي بالمؤسسة العمومية الاستشفائية بالعفرون ـ على هامش أسبوع الوقاية حول الصحة في رمضان ـ أن يقدّم للمواطنين جملة من النصائح لتفادي التعرض لهذا المشكل، الذي يؤثر، حسبه، حتى على الصحة النفسية؛ نتيجة ما يترتب عليه من قلق، وعصبية؛ بسبب قلة النوم.
قال المختص النفسي محمد ملاك في تصريح لـ«المساء"، إنّ كل ما يحدث للصائمين من مشاكل واضطرابات خلال يوم رمضان، ناتج عن قلة النوم؛ بسبب إطالة السهر إلى وقت متأخر من الليل. وحسبه، فإن الإشكال لا يُطرح في السهر بحد ذاته، وإنما في النوم صباحا، والذي يمكن تفاديه من خلال تجريب بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الكثيرين خاصة أولئك الذين يحبون السهر بعد الإفطار إلى أوقات متأخرة من الليل.
وتطرق المختص لأولى النصائح التي يعتقد أن البعض لا يعرفها، وتتمثل في إطالة السهر، ومن ثمة التسحر والذهاب إلى النوم. وهذا، حسبه، من الأخطاء الشائعة التي يجب معالجتها؛ حتى لا يعاني الصائم من اضطراب في النوم. والأصح السهر خارج المنزل أو حتى داخله لمتابعة بعض البرامج إلى غاية، مثلا، منتصف الليل. ثم الذهاب لأخذ قسط من النوم. بعدها ضبط الساعة من أجل السحور. وبهذه الطريقة يكون أعطى جسمه وقتا للنوم. وأكثر من هذا نحيي سنّة نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي أوصانا بالاستيقاظ لتناول وجبة السحور.
والنصيحة الثانية التي تُعد، حسب المختص النفسي، غاية في الأهمية بالنسبة للفئة التي تقوم من أجل التسحر ومن ثمة العودة إلى النوم، وهو الخطأ الشائع أيضا الذي يقع فيه الكثيرون، مقترحا عوض الذهاب إلى النوم، التفرغَ للعبادة، وقراءة القرآن. وبهذه الطريقة يتجنب النوم الذي يتسبب له في بعض المشاكل النفسية. ولعل أهمها الشعور بالنرفزة؛ بسبب التعب، وبالتالي كلما تجنب النوم صباحا وحرم جسمه من التعود على نظام جديد بهذه الطريقة، كان من السهل عليه النوم بعد الإفطار. والنتيجة أنه يأخذ نصيبه الوافر من النوم، ويتفادى تغير ساعته البيولوجية.
وفي ما يخص النصيحة الثالثة قال المختص: "أعتقد أن سبب اضطراب الساعة البيولوجية هو القيلولة" ؛ إذ يلجأ البعض، حسبه، لأخذ قسط من النوم أو ما يعرف بالقيلولة. هذه الأخيرة إذا كانت ضرورية للبعض مثل كبار السن مثلا، فإن بعض الفئات خاصة العمال منهم، قد تؤثر عليهم سلبا؛ لأنها تسمح لهم بأخذ قسط وافر من النوم. والنتيجة صعوبة النوم بالليل؛ ما يؤدي إلى إطالة السهر، وعدم الرغبة في النهوض باكرا صباحا؛ من أجل هذا حبّذا لو يتم تجنب القيلولة، ليتمكن الجسم من النوم في الموعد المحدد بعد الإفطار عند الساعة 11 أو منتصف الليل كأقصى تقدير.
وردّا على سؤالنا عما إذا كان الطعام المحضَّر يتسبب هو الآخر في اضطرابات النوم، أوضح المختص النفسي أن ربة البيت في رمضان، معروف عنها أنها تسعى جاهدة لجعل مائدتها الرمضانية غنية بالأطباق الشهية والمتنوعة، والتي تؤثر إلى حد كبير على الصائمين، لا سيما الذين يأكلون بشراهة؛ حيث يتعرضون للإصابة بالتخمة؛ الأمر الذي ينعكس سلبا على نومهم، فيعانون من اضطرابات في النوم، وصعوبة في النهوض صباحا. وقال في هذا الصدد: "لذا أعتقد أن من المستحسن تناول الطعام باعتدال، والتفريق بين الوجبات لإعطاء المعدة الفرصة لهضم ما تم تناوله من أطعمة مختلفة دون الإكثار من شرب المنبهات؛ مثل الشاي والقهوة بعد الإفطار".
إمكانية ضبط الساعة البيولوجية والحفاظ على مواعيد النوم والاستيقاظ دون الشعور بالتعب والإرهاق، ممكنة في رمضان؛ إذ يكفي، حسب المختص، تسطير برنامج شخصي يلتزم به الصائم، لافتا إلى أن اضطرابات النوم لا يعاني منها البالغون فقط، وإنما تمس أيضا، الأطفال الذين يتأثرون بما يقوم به أهلهم. وفي الختام أشار إلى أهمية التزام الصائمين بمواعيد النوم؛ حتى لا يؤثر سلبا على أبنائهم، خاصة المتمدرسين منهم.