تستهلّ بها العائلات البليدية أول أيام رمضان
شوربة "المقطّفة" و"القطايف" لاستقبال الضيف الكريم

- 67

تحرص ربات البيوت بولاية البليدة، في استقبال الأيام الأولى من شهر رمضان، على التمسك بعاداتهن وتقاليدهن؛ إذ يحضّرن خلال اليوم الأول من الشهر الفضيل، شوربة "المقطفة" مرفقة بحبات من "البوراك". وحسب الباحث في التاريخ يوسف أوراغي، فإن ساكنة ولاية البليدة وخاصة بعض الأحياء العريقة مثل حي الدويرات، مازالوا يتمسكون بعاداتهم؛ فلا يفوِّتون فرصة لإبراز تقاليدهم الراسخة، خاصة ما تعلق منها بالطبخ التقليدي.
إذا كانت عادة الذهاب إلى الحمّام من النساء تحديدا وحتى الرجال عشية استقبال شهر الصيام، تقليداً لا بد منه، وهو ما يُعرف بـ"حمّام شعبان"، فإن المائدة الرمضانية، حسب الباحث في تاريخ البليدة، يوسف أوراغي، لا تستغني عن طبق شوربة "المقطفة"، الذي يُعد ضروريا في اليوم الأول من شهر رمضان. ولا تحلو المائدة الرمضانية إلا بوجوده؛ إذ يتم من خلاله استقبال هذا الضيف العزيز.
وحسبه، فإن الطبق الثاني الذي يرافق شوربة "المقطفة" المزيَّنة بالحشائش مع "البوراك"، هو الطبق المفضل عند البليدين، وهو "المثوّم"، بينما آخرون يفضّلون طبق "تزدام الأغا في يد الخزناجي"، الذي يُعد من الأطباق التقليدية القديمة، موضحا أن هذا الطبق "عبارة عن أفخاذ الدجاج يتم طبخها، ومن ثمة تحميرها بعد وضعها في مسحوق الخبز والبيض. وعندما تُقلَى تنتفخ قطع الدجاج لتصبح مثل حقيبة النقود؛ لهذا أُطلق عليه اسم (تزدام) أو حقيبة النقود".
أما بالنسبة للتحلية فيردف المتحدث: "يتم تحضير (شباح السفرة) الذي يُعَد بحبات البرقوق المجفف واللوز، ويتم إضافة إليه مرق اللحم الحلو؛ إذ يشبه إلى حد كبير، الخبز التونسي الذي لا تستغني عنه العائلات البليدية خل شهر رمضان".
والسهرة الرمضانية في اليوم الأول من شهر رمضان، لها نكهة خاصة؛ إذ تكون بمثابة ترحيب بحلول شهر رمضان؛ حيث يتم تحضير إبريق الشاي مرفقا بمرش ماء الزهر. وتزيَّن المائدة بنبات "الحبق"، وبمختلف الحلويات المعسّلة التي تحرص العائلات البليدية العريقة، على تحضيرها في المنزل، والتي تشتهر بها، ومنها خبيزات "القطايف"، و"المحنّشة باللوز" أو "الصامصة"، لافتا إلى أن من بين العادات الحميدة التي لاتزال متداوَلة في الأحياء خاصة القديمة، التزاور بين العائلات في السهرة بحضور النساء المسنات؛ إذ تعطي أكبر واحدة منهن الفال أو كما يقال "تعقد البوقالة".
وقدّم المختص بالمناسبة أول بوقالة لاستقبال رمضان، جاء فيها على لسانه: "باسم الله بديت وعلى النبي صليت .....يا ربي كمل لي ما بغيت.... لالة يا الزينة يا نور القمر...قوليلي علاش راكي حزينة وتقولي ما عنديش الزهر... يفرج ربي مولانا ويتسقمو الأيام... وان ما عليك غير الصبر تفرحي ويجيك أحلى خبر وكي اليوم تربطي الحنة وتلبسي برنوس الستر".
ويختم المختص حديثه بتأكيد أن ديار العرب القديمة مثل حي"الدويرات"، لاتزال النساء الكبيرات في السن، يحيين العديد من التقاليد؛ مثل تبادل الزيارات وتبادل الأطباق فيما بينهن خاصة أيام رمضان، والتي قال عنها: "نتمنى أن لا تزول؛ لأنها تعكس خصوصية المجتمع البليدي".