تقدّم دروسا استدراكية في الدبلوماسية لوزراء ماكرون
الجزائر شامخة وسيدة في قراراتها

- 132

❊ ردّ دبلوماسي مذل على قائمة روتايو ووضع للنقاط على الحروف مع فرنسا
❊ الجزائر تمرغ أنف اليمين المتطرّف في وحل مكائده وتضعه في موقف محرج
جدّدت الجزائر رفضها لسياسة التهديد التي يقودها اليميني المتطرف، برونو روتايو، الذي يسعى لاستغلال كافة المنافذ من أجل ممارسة ضغوطاته على الجزائر بعيدا عن الأعراف الدبلوماسية، حيث يصر في كل مرة على اللعب بورقة المهاجرين لمحاولة ضمّ أكبر شريحة من المجتمع الفرنسي لمسايرة توجّهاته العنصرية، غير أن الردّ الصارم للجزائر برفضها تسلّم قائمة المواطنين الجزائريين المعنيين بمغادرة التراب الفرنسي، كانت بمثابة ضربة أخرى تتلقاها باريس ودرسا في المماسة الدبلوماسية.
أبان الردّ الرسمي الشفوي للجزائر على القائمة التي سلّمتها فرنسا لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، عن طريق القائم بأعمال سفارة الجمهورية الفرنسية، الإخفاق الدبلوماسي لباريس في التعامل مع الأزمة التي افتعلتها، بسبب تهور وزرائها المحسوبين على تيار اليمين المتطرّف بقيادة برونو روتايو الذي داس على العقيدة السياسية الفرنسية، واضعا مصلحة بلاده على كفّ عفريت.
ويبدو مرة أخرى أن روتايو يرفض تعلّم الدرس خاصة بعد إلغاء المحكمة الإدارية الفرنسية نهاية شهر جانفي الماضي قرار ترحيل المؤثر بوعلام نعمان، المدعو "دوالمن"، لكون الوقائع التي زعمها وزير الداخلية لم تكن كافية لإجراء قرار الطرد.لكن روتايو الذي عميت بصيرته بسبب حقده الدفين على كل ما هو جزائري، واصل في غيه محاولا استعراض عضلاته لتغطية الإفلاس السياسي الذي تعيشه بلاده، غير مكترث بدعوات الطبقة السياسية المعتدلة في فرنسا، والتي تحذّر في كل مرة من انحراف هذا الوزير الذي يصد كل محاولة للتقارب وإنهاء الأزمة مع الجزائر.
فكان رفض الجزائر القاطع للغة التهديد والوعيد ولكافة أشكال الابتزاز بمثابة ردّ مباشر على هذا اليميني المتطرّف الذي ورث عن أسلافه الاستعماريين النظرة الاستعلائية تجاه مستعمرات فرنسا السابقة، بل أن الجزائر نبهته إلى ضرورة تعلّم أبجديات التعامل الدبلوماسي، من منطلق أنه من غير المقبول القبول بالمقاربة الانتقائية التي تنتهجها باريس إزاء الاتفاقيات الثنائية والدولية التي تربط البلدين، وأن المحرّك الرئيسي لموقف الجزائر يتمثل في الوفاء بما يقع على بلادنا من واجب توفير الحماية القنصلية لرعاياها المتواجدين بالخارج.
والمؤكد أن روتايو سيجد في بيان وزارة الشؤون الخارجية المفحم والذي يعكس حرص الجزائر على الحفاظ على سيادتها، ما يتعلمه من دروس حول كيفية معالجة القضايا الثنائية خاصة فيما يتعلق بملف المهاجرين، مؤكدة بصريح العبارة رفضها لقرار باريس القاضي بإعادة النظر في القنوات الاعتيادية المخصّصة لمعالجة حالات الإبعاد بصفة أحادية وانفرادية.
فقد دعت الجزائر التي ترفض العشوائية في معالجة الملفات، الطرف الفرنسي إلى احترام الإجراء المعمول به في هذا المجال، من خلال اتباع القنوات المتفق عليها، أي تلك القائمة بين المقاطعات الفرنسية والقنصليات الجزائرية المختصّة وكذا الحفاظ على طريقة المعالجة المعتمدة، أي دراسة طلبات الإبعاد حالة بحالة.
وعلى عكس ما يحاول الطرف الفرنسي الترويج لأفكاره التي يشوبها الكثير من المغالطات بخصوص عدم إبداء الجزائر أي رغبة للتعاون في هذا الملف، فيجدر التذكير بأن الجزائر سبق لها أن استقبلت 3 آلاف من أصل 6 آلاف معني بقرار الإبعاد في 2024، كما احترمت سابقا كل الاتفاقيات الموقّعة مع فرنسا، بما فيها اتفاقيات إيفيان التي تتضمن بنودا متعلقة بالأمن والدفاع.
وعليه، يتبيّن أن اليمين المتطرّف يصر على افتعال الأسباب الواهية لإطالة الأزمة بين البلدين، لدرجة أن أصوات الحكمة في فرنسا ضاقت ذرعا من التصرّفات الصبيانية لروتايو الذي يتدخل في صلاحيات وزير الخارجية وحتى رئيس الوزراء، غير آبه بما سينجر عنها من تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقات الثنائية.