"سيد الرجال" للمخرج إدريس بن شرنين

تحدٍّ عائلي يعاكس الواقع الاجتماعي

تحدٍّ عائلي يعاكس الواقع الاجتماعي
  • 190
دليلة مالك دليلة مالك

يقترح المخرج إدريس بن شرنين رؤيته الدرامية التي تعكس الواقع الجزائري بكل أبعاده الاجتماعية والإنسانية؛ من خلال الجزء الثالث من مسلسل "أحوال الناس" تحت عنوان "سيد الرجال". وبفضل قصة مشوّقة وأداء متميز للممثلين، أصبح هذا المسلسل من بين الأكثر مشاهدة في رمضان 2025، ما يعكس تفاعل الجمهور الواسع مع محتواه.

ينتقل المسلسل في موسمه الجديد، إلى قضايا اجتماعية حقيقية تمس حياة العائلات الجزائرية؛ من تحديات يومية، وأحلام محطمة، وصراعات أسرية، وصولًا إلى قضايا الهجرة غير الشرعية.

ويتناول "سيد الرجال" الذي كتبه رضا حميميد وسمير زيان وأحمد مداح، قصة الأم الصبورة التي تؤدي شخصيتها نورة بن زراري. وهي شخصية تجسد الصعوبات التي تواجهها الأسر الجزائرية في ظل الظروف القاسية التي تحيط بهم، ولا سيما التي مصدرها الزوج، الذي أدى الدور عزيز بوكروني، إذ تسعى الأم لتحقيق الأمل رغم المحن، فتصبح محركا رئيسا للقصة التي تتخللها، أيضا، قصص حب وصداقة وخيانة، ما يضفي على العمل أبعادا درامية مؤثرة، تلامس مشاعر المشاهدين.

وترتكز أحداث المسلسل على صراعات نفسية ومعنوية يعيشها "سيد الرجال"، الذي يقف أمام اختبار صعب بين الوفاء لعائلته أو التمسك بمبادئه. هذا الصراع الداخلي ليس مجرد تسلسل درامي، بل هو مرآة للواقع الاجتماعي في الجزائر، حيث يتعين على الفرد أن يختار بين الحفاظ على القيم الشخصية والمضيّ قدما في مواجهة التحديات الأسرية والعائلية.

المسلسل لا يقتصر فقط على طرح القضايا الاجتماعية، بل يتم تقديمها بطريقة تجعل الجمهور يشعر بها بشكل عميق، من خلال تجسيد الأزمات اليومية التي يواجهها المواطن الجزائري في مختلف المجالات.

ويبقى "سيد الرجال" مَثلًا عن كيف يمكن للفن أن يلتقي بالواقع في إطار درامي مشوق، من خلال معالجة القضايا الاجتماعية التي تلامس نبض الحياة اليومية للمجتمع الجزائري. ويحقق المسلسل نجاحا واسعا في جذب الانتباه، ليؤكد مرة أخرى، على قدرة الأعمال الدرامية على التعبير عن آمال وآلام الناس بطريقة مؤثرة.

وركز بن شرنين على تمثيل الممثلين بشكل قوي في هذا العمل، ما ساهم في إيصال رسائل المسلسل بقوة، إذ اعتمد المسلسل الدرامي الذي يُعرض على قناة الحياة، على اختيار مجموعة من الممثلين الذين سبق لهم أن أبدعوا في أعمال درامية سابقة، ما يضمن جودة الأداء الفني. إلا أن الإخراج أمام الكاميرا يختلف عن تلك الأعمال السابقة، حيث يظهر بن شرنين كمخرج مسرحي، في أسلوبه الذي يميل إلى إطالة الجمل البصرية في المشاهد.

هذا الخيار في أسلوب الإخراج رغم قيمته الفنية، قد يؤدي إلى شعور المشاهد بالملل؛ بسبب تكرار مشاهد طويلة وكثيفة، ما يجعل من الصعب متابعة الحكاية بشكل سلس. وقد يعود هذا التوجه إلى قدرة المخرج على التعامل مع الإيقاع الدرامي في التلفزيون، الذي يختلف عن المسرح، ما يطرح تساؤلات حول مدى نجاحه في تجاوز أسلوبه المسرحي المعتاد، وتقديم عمل يتناسب مع متطلبات الشاشة الصغيرة.

وقدّم المسلسل مزيجا من الممثلين الجيدين في الساحة الفنية الجزائرية، مثل عزيز بوكروني، وعبد الكريم دراجي، ونيسا علي باي، وهناء منصور، وطارق بوعرارة، وإبراهيم دريس، وأمين ميموني. هذا التنوع في الأداء يعزز مصداقية القضايا المطروحة، ويزيد من جاذبية المسلسل أمام الجمهور، الذي يتفاعل مع هذه الشخصيات بكل عمق وصدق.