بعدما طورت صالونات الحلاقة الرجالية خدماتها
شباب يتطلعون للجمال الأنثوي

- 253

❊ مختصون: عادات دخيلة تهدد المجتمع الذكوري
شهدت خدمات الحلاقة الرجالية في السنوات الأخيرة، تطورات كثيرة بعدما أدرجت إليها بعض الخدمات التي كانت إلى وقت قريب، حكرا على النساء. ومع تأثير مواقع التواصل الاجتماعي والرغبة في الظهور بمظهر أنيق وجميل نزولا عند رغبة الجنس الآخر، فُرض على الحلاقين التنويع في الخدمات التجميلية، فأصبح المقبل على الحلاقة يتلقى جلسات للعناية بالبشرة، وتنظيفها، وتجميلها، ما يراه المختصون في علم الاجتماع تعديا صارخا على الشخصية الذكورية، وهذا يقود على المدى القريب، إلى التأثير على المنظومة المجتمعية، التي يُفترض أن تتكون من رجل له ميزاته، وامرأة لها خصوصياتها.
في الوقت الذي اختارت بعض صالونات الحلاقة الرجالية التي يشرف عليها مهنيون كبار في السن، الحفاظ على هذه المهنة من خلال التقييد ببعض القواعد الخاصة بالحلاقة الرجالية والاكتفاء بتقديم حلاقات كلاسيكية وتهذيب لحية الرجل ووضع بعض العطر، قرر كثير من الشباب إحداث ثورة على خدمات الحلاقة؛ من خلال الخضوع لتكوينات مختلفة، سمحت لهم بتوسيع معارفهم حول كل ما يتعلق بالعناية بالبشرة، وكيفية تنظيفها، وخدمات إزالة الشعر، وأنواع الأقنعة الطبيعية، وطرق الترطيب، بالنظر إلى الطلبات الكبيرة من الشباب على هذا النوع من الخدمات.
وحسبما كشف فيصل، حلاق بولاية البليدة، فإن النظرة إلى صالونات الحلاقة الرجالية، تغيرت، بحيث لم يعد المتردد على صالون الحلاقة يطلب قَصة معيّنة فقط أو تهذيب اللحية، بل يبحث عن بعض الخدمات الأخرى، خاصة ما تعلق منها بالعناية بالبشرة، وتنظيفها، وإعطاء رسمة جميلة للحواجب. وحسبه، فإن مثل هذه الخدمات كانت في أول الأمر حكرا على المقبلين على الزواج، الذين يخضعون لبرنامج خاص، يستفيدون فيه من عدة خدمات تجميلية بما فيها العناية بالأظافر. ولكن خلال السنوات الأخيرة أصبحت خدمات التجميل مطلوبة من كل من يقصد صالون الحلاقة؛ فإلى جانب قص الشعر هناك من يطلب تنظيف البشرة، أو الحصول على حصة ترطيب وتنعيم، أو صبغ الشعر، أو تنعيمه بالكيراتين، لافتا إلى أن الأسعار قد تصل إلى 10 آلاف دينار، حسب نوعية المواد المستخدمة، والخدمات المقدمة.
وأوضح حلاق آخر من جيل الشباب، أن السبب الرئيس الذي دفعهم إلى التنويع في الخدمات وإدراج بعض الخدمات التجميلية، هو رغبة الشباب في الظهور بمظهر جميل وأنيق، خاصة أن الفتاة أصبحت ترى أن الجمال ومدى اهتمام الطرف الثاني بوجهه، شرط أساس للقبول به، فضلا عما تروّج له مواقع التواصل الاجتماعي من مؤثرين ساهموا في تعزيز فكرة العناية بالجمال، مشيرا الى أنه على مستوى محله، يتطلع، أيضا، لإدراج بعض الخدمات التي كانت إلى وقت قريب، حكرا على النساء؛ مثل جلسات العناية بالبشرة، وترميمها، مؤكدا في السياق أن كل هذه الخدمات الإضافية تتطلب الخضوع لتكوينات، من خلال المشاركة في دورات ينظمها محترفون في الحلاقة من الذين خضعوا لتكوينات خارج الوطن، أو على مستوى مراكز التكوين المهني، لافتا في السياق، إلى أن خدمة الحلاقة الرجالية تحولت في السنوات الأخيرة بفعل الخدمات الجديدة التي تم إدخالها، إلى واحدة من المشاريع الاستثمارية المربحة، والناجحة.
ما مدى تأثير اهتمام الرجل بمظهره على شخصيته الذكورية؟
قال المختص في علم الاجتماعي الأستاذ حسين زوبيري، بأن المجتمع الجزائري شهد في السنوات الأخيرة، موجة من التغيرات والتحولات أثرت على تركيبته، وجعلت بعض المفاهيم تتغير بفعل ما تنتجه التكنولوجيا، وما يجري الترويج له من المؤثرين، شارحا ذلك بقوله: "الى وقت قريب كنا نسمع من مختصين كانوا يتحدثون على الهيمنة الذكورية، وعن تفشي المجتمع الذكوري، وسيطرة الرجل. هذا المفهوم سرعان ما خرجت بعض الأبواق للحد منه، وتغييره بالمناداة إلى تحرير المرأة، والتخلص من الهيمنة الذكورية، حيث أصبح يتم تعزيز دور المرأة على حساب الرجل، والذي يُعد جره إلى التشبه بالنساء، واحداً من المساعي لإبعاده عن أدواره، وجعله يهتم ببعض الأمور التي تُفقده ذكورته"، لافتا إلى أن ما ساهم في تغذية هذا الفكر هو الأسرة التي تبنّت أسس التربية الحديثة، التي وسّعت من حضور المرأة على حساب الرجل، "ما جعلنا نعيش، اليوم، ملامح المجتمع الأنثوي، وسيطرة الظاهرة، وأثر على أدوار الرجل"، مضيفا: "لعل أبسط مثال على ذلك أنه في وقت مضى، كان الرجل هو من يبحث عن الجمال في المرأة، فانقلبت الصورة، وأصبحت الفتاة تبحث عن الرجل الذي يهتم بجماله، ويعتني ببشرته".
من جهة أخرى، يرى المختص الاجتماعي أن التحول الذي طرأ على الرجل يُعد مظهرا سلبيا، لأن الأمر لا يتعلق بالنظافة الشخصية للفرد، بل المبالغة والوصول إلى التشبه بالنساء؛ من خلال المطالبة بخدمات تجميلية، جعلت بعض الرجال يتشبهون بالنساء! مضيفا: "هذا التصور الجديد وجد قبولا اجتماعيا، بل وتشجيعا، الأمر الذي شجع على انتشار صالونات تجميل كانت حكرا على الأحياء الراقية في الأحياء الشعبية، وهو ما ينبئ بزوال الاختلافات بين الرجل والمرأة؛ ما يجعل من الصعب التفريق بينهما في الوقت الذي يُفترض أن يُبنى المجتمع بين رجل مختلف عن المرأة، الأمر الذي يتطلب دق ناقوس الخطر لما تشكله الظاهرة من تهديد للاستقرار الاجتماعي؛ فالجمال والنظافة مسألة مطلوبة، ولكن التشبه بالنساء هو المرفوض؛ لأنه يؤسس لمجتمع أنثوي، تغيب فيه أدوار الرجال الذكورية".