طهاة عالميون يشيدون بأصالة الأطباق الجزائرية
إبداع في أعلى مستوى وحرص على حفظ الموروث

- 73

❊ كرم الجزائري يظهر في غنى أطباقه وحلوياته المكتنزة بالمكسرات
❊ الكسكسي الجزائري بأنواعه يبهر العالم
❊ الحلويات الجزائرية التقليدية أذواق لا تقاوم
عاش زوار مهرجان الجزائر لفنون الطهي، الذي نظمته جمعية "الأفناك الذهبية" للسياحة وفنون الطهي، لمدة ثلاثة أيام، بفندق مزفران، تفاصيل أيام إبداعية في الطبخ والحلويات، بين التقليدية والعصرية أسرت القلوب وأبهرت العيون، عبقتها نكهة الاصالة، التي ترجمتها اعمال الطهاة المشاركين من الجنسين، الذين حرصوا على عرض اجمل الاطباق من فخر المطبخ الجزائري، على غرار الكسكسي، المثوم، الفنيد العاصمي ومقروط اللوز والعسل، وأشادت لجنة التحكيم الدولية المشكلة من خبراء وافدين من إيطاليا، السعودية، تركيا وروسيا بالذوق الفريد والرائع للمأكولات الجزائرية، إذ انبهر أعضاء اللجنة بأصناف الكسكسي وانواعه واختلاف نكهاته، كما ازدادت دهشتهم حينما عرفوا أن الجزائر تزخر بأكثر من 300 نوع من الكسكسي عبر ترابها الشاسع.
شهد المهرجان مشاركة نخبة من الطهاة، عددهم 150 مشارك من كل ارجاء الوطن، في إعداد الاطباق التقليدية وخاصة في العجائن وعلى رأسها الكسكسي بحبات القمح والشعير والبلوط، المدهون بزيت الزيتون والدهان العربي، حيث أبدع المشاركون في عرض أطباق عديدة من مناطق مختلفة من الوطن، بالمرق الأحمر، الأبيض وأنواع من الكسكسي المفور، السفة التلمسانية الحلوة المزينة بالمكسرات والتمر والمسقية بالعسل الحر، الكسكسي الشاوي الاوراسي، كسكسي المحور القسنطيني، والكسكسي القبائلي "تامقفولت"، المفور بالخضر المتنوعة كاللفت، البصل، الجزر، القرنينة المقطعة قطعا صغيرة جدا وهناك أيضا الكسكسي المفور بالفول و البازلاء وأيضا الكسكسي بالتمر، من الصحراء الجزائرية، والكسكسي بالحليب و"القرعة الحمرة".
الى جانب أنواع أخرى ذات ذوق فريد على غرار الكسكسي بالحوت الذي تشتهر به كل المناطق الساحلية مثل جيجل، سكيكدة، بجاية وهران، وكذا كسكسي الخضار الشتوية المتمثلة في الجزر، الكوسة، اللفت، والكرافس، وكذا كسكسي الحمامة، الذي تعرف به ولاية البليدة وكسكسي الزعتر لولاية المدية، وكسكسي المشخشخ لوادي سوف بمرق التمر والذي يجمع في تناغم فريد بين الذوق الحلو والمالح، وكسكسي العصبان والحمص من الغرب الجزائري.
وقد قدمت "الشاف" شريفة من منطقة القبائل، طبقا مميزا بالكسكسي الخشن المفور بالفول اليابس والحمص، والمزين ايضا بلوبيا "مسلمون" الصغيرة التي تمتاز بذوها الشهي الفريد، مع الدجاج المحمر والمفتت، إذ زينت القصعة بقطع من البيض وشيء من الزيتون، وقدم معه على الجانب قطع من الفلفل الحار الأحمر المغمس في زيت الزيتون وهو ما زاد لذة الذوق وكسر حدة الذوق الحار، وهو الذوق الذي جلب الحضور، اذ التف حوله الزوار لاسيما من الجنس اللطيف لمعرفة أسرار تحضير هذا الطبق، حيث أكدت الشاف، انه يعد من اهم الاطباق بمنطقة بجاية، ويحضر في نهاية الأسبوع والولائم وهومن أشهى الاطباق بلا منازع.
كما كانت هناك قائمة طويلة للمملحات المشكلة، على غرار الكسرة المحشية بمختلف الأنواع، بالتونة، اللحم المفروم بالجبن، وكذلك مختلف أنواع الكسرة المعجونة بالحشائش والأعشاب الصحية، لاسيما ان هذه الفترة من السنة تعرف وجود أنواع مختلفة من الأعشاب الصحية على غرار الزعتر، الفليو وغيرها الى جانب تحضير حبات "الكيش"، المحاجب، المثوم، الرشتة وغيرها من الاطباق الشهية الجزائرية، حيث أشارت المشاركات الى أنهن ينجزن هذه الاعمال بكل حب وصبر، واظهرن رغبتهن في توسيع نشاطاتهن، اذ يعد المهرجان فرصة لتحفيزهن على ولوج عالم الأعمال ومنه دخول عالم المشاريع الاقتصادية، وعمدت الكثيرات للتعريف بمشاريعهن عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، لتلقي الطلبات وتقديم الخدمات لاسيما ان العائلات الجزائرية تحرص خلال مناسباتها على تقديم الأفضل للضيوف".
الشخشوخة بأنواع وأذواق حيرت الحكام
ما ميز هذه الطبعة مشاركة المتسابقين، بعرض أنواع مختلفة من الشخشوخة، مما حير لجنة التحكيم الجزائرية قبل الأجنبية، اذ عمد الطهاة من الجنسين لعرض اطباق متنوعة من مختلف ربوع الوطن، وبين الشخشوخة الحمراء والبيضاء والزعفرانية وتلك التي تعتمد على تشكيلة اللحم والخضر بمرق احمر وأخرى من الحمص والدجاج فقط على غرار الشخشوخة العاصمية، واطباق تجمع بين الحلو والمالح واللاذع في الشخشوخة البسكرية بمرق التمر، وكذا شخشوخة الرشق على اختلاف أنواعها، وشخشوخة الظفر، والفتات وغيرها، حيث انبهر الحكام بكمال الذوق وجمال الشكل.
حلويات تحاكي عبق الماضي وجمال الحاضر
شهد المهرجان توافدا مكثفا للزوار على مدار ثلاثة أيام، اختاروا حضور تفاصيل كل يوم من المنافسة بين المشاركين في تذوق الاطباق والحلويات من قبل أعضاء اللجنة الدولية، حيث عرف جناح الحلويات التقليدية والعصرية اكتظاظا شكله عشاق الحلويات الذين قدموا لإشباع فضولهم بمشاهدة الابداع وتذوق الطعم الحلو، حيث اختلفت الحلويات بين التقليدية الاصيلة والعصرية منها، حلوى الفواكه والخدعة البصرية، التي ابدعت فيها الحرفيات، من الفواكه المشكلة من الاستوائية الى الصحراوية، وصولا الى سلة الخضر من بطاطا وفلفل وباذنجان اثارت اعجاب الجميع، الى جانب "كعكة" الكيك ديزاين، الذي بات مطلوبا بقوة في حفلات الخطوبة والزواج واعياد الميلاد وحتى حفات التخرج او السبوع.
حيث عرضت المشاركات أنواعا مختلفة من القوالب منها الدمية القبائلية بلباسها التقليدي، وحتى نماذج لحضارات أخرى على غرار التنين الصيني، الذي ابدعت المتسابقة في صنعه، حيث يسعى الكل للتعريف بالإرث الجزائري الثقيل الذي يعد فخرا للأجيال، حيث نصبت الموائد الحلبى بالتنوع، حلويات تقليدية ل58 ولاية، حيث ابهرت المتسابقات الحضور بالشكل واللون والذوق، حيث كانت حاضرة كل من الحلويات التقليدية البسيطة الى الأنواع المحضرة بالجوز واللوز، على غرار معجنات المعارك، الخفاف، البراج بالتمر، كعك النقاش، المقروط والمقيرط، المشكلة، الذزيريات، الفنيد، الصامصة، التشارك بنوعيه، حلوى الطابع و الصابلي غيرها من الأنواع.
وفي هذا الصدد أوضحت الشاف وسيلة بن ناصر رئيسة الجمعية، أن المهرجان فرصة لإبراز مقومات التراث الغذائي الجزائري، الغني بتنوعه وتقاليده الممتدة عبر الأجيال، علاوة على خاصية البنة والأصالة التي يمتاز بها المطبخ الجزائري، والتي تعرف عليها زوار الجزائر من حكام دوليين غاصوا في تفاصيل الكثير من الابداعات خلال وجودهم بيننا، لاسيما ان لكل منطقة ميزاتها الخاصة، ونكهة اطباقها وتوابلها وطرق عرضها".
وللطفولة نصيب.. الشاف الصغير كان حاضرا
يبدو جليا أن المهرجان الذي اختير له شعار "ميراث اجدادنا ارث أبنائنا"، قد كان في مستوى الطرح، حيث أعطى الأطفال فرصة لإبداعات أناملهم الصغيرة، والمشاركة في يومه الأخير من خلال اعداد الاطباق المكونة من المعجنات، "بانكيك"، والمعجنات الإيطالية، في أجواء طبعها الحبور، حيث أكدت الشاف الصغيرة لجين، انها اعدت البانكيك والمعجنات من المقرونة والجبن على الطريقة الايطالية، وقد استمدت معارفها من والدتها وخالها "الشاف". من جهتها اشارت رئيسة الجمعية وسيلة بن ناصر، الى ان مشاركة الأطفال في المهرجان، جد ضرورية لكونهم الخلف القادم الذي يعتمد عليه للحفاظ على المطبخ الجزائري الغني لاستلام الارث الثقيل".
كما احتضن المهرجان أيضا أطفال التوحد، الذين حظوا بفرصة المشاركة في الأنشطة المختلفة لليوم الثالث، لتكون مفاجأة لأطفال التوحد، حيث عرف اليوم الثالث أنشطة مختلفة، بمناسبة اليوم العالمي لمرضى التوحد، اذ نشطت الحفل الإعلامية ياسمين جنوحات وقد استفاد الصغار من ورشات متعددة، خاصة نشطتها الشاف عبير، التي علمتهم طريقة تحضير الشكولاطة لتنمية حب الحرف في قلوبهم. وقالت الشاف عبير في تصريح لـ"المساء"، أن احتضان هذه الفئة وتعليمها المهارات والنشاطات يدعمها نفسيا ويساهم في تحرير الروح الإبداعية لديها.