آيت عبد المالك تصدر "حكايات وأمكنة طاسيلي ناجر"

عندما يتحوّل حب مكان إلى أدب

عندما يتحوّل حب مكان إلى أدب
  • 159
لطيفة داريب لطيفة داريب

الحبّ من أوّل نظرة ليس حكرا على الإنسان تجاه الإنسان فقط، بل يمكن أن يكون تجاه مكان عشقه لما تطؤ قدماه أرضه لأول مرة، مثلما حدث للمهندسة الزراعية والكاتبة يمينة ميري آيت عبد المالك حينما زارت جانت لأول مرة، إذ ذهلت بجمال طبيعتها وآثارها الفريدة من نوعها وكذا من طيبة وسخاء أهلها، لتكون ثمرة هذا الاعجاب كتابان، صدر الثاني منهما مؤخرا بعنوان "حكايات وأمكنة طاسيلي ناجر".

مرت 18سنة منذ أن زارت المهندسة الزراعية المتخصصة في البيئة وتسيير الحظائر الوطنية، يمينة ميري آيت عبد المالك جانت، لتصبح زيارة هذه المدينة عادة، لا يمكن أن تحيد عنها الكاتبة، بل أصبحت ابنة هذه المدينة وحاميتها من خلال إصدارها كتابين، الأوّل بعنوان "ستة أيام على هضبة طاسيلي ناجر" الذي روت فيه رحلتها الى هضبة الطاسيلي واكتشافها للنقوش والرسومات الصخرية رفقة أصدقاء لها والثاني صادر حديثا والموسوم بـ"حكايات وأمكنة طاسيلي ناجر" الذي قدمته نهاية الأسبوع الماضي بفضاء "بشير منتوري" ضمن نشاط "أربعاء الكلمة".

قالت المؤلفة إنّ حبّها لجانت دفعها لتكريمها من خلال إصدارها لكتاب ثان عنها تحكي فيه عن ثقافة أهل المنطقة وتراثهم وكذا خصوصيات طبيعتها وآثارها التي لم تعد جزائرية وحسب، بل إنسانية منذ أن سجلت في قائمة اليونسكو عام 1982.

وتابعت أنّ حماية جانت بأناسها ونباتاتها وحيواناتها وآثارها، واجب عليها خاصة وأنها تزور هذه المدينة في كل مرة تسمح لها الأقدار حتى أنها أصبحت لها عائلة هناك كشفت لها خبايا جانت، لهذا ارتأت أن تكتب حكايات عن ثقافة وتراث وخصائص هذه المدينة التي سحرتها فعلا وتتقاسم هذا الوله مع القراء.

قالت آيت عبد المالك أيضا إنّها اختارت أن تكتب هذه القصص لكي تضع فيها بعضا من جنونها وطفولتها وتمزج بين شغفها بالمنطقة ورغبتها في تزويد القرّاء بمعلومات عنها مثل النباتات النادرة التي تحتويها والحيوانات التي انقرض الكثير منها فيها مثل الفيلة والزرافات وكذا الأسماء الأصلية للعديد من الأماكن فيها والتي تغيّر بعضها وهو ما تأسّفت له المتحدّثة بشدّة.

في هذا الموضوع، أشارت المتحدّثة إلى تغيير أسماء عدّة أماكن في جانت وهو ما رفضته بشكل قاطع مثل منطقة تيغريغت التي تحول اسمها الى "البقرة الباكية"، مؤكّدة في هذا السياق على ضرورة الاحتفاظ بالأسماء الأصلية للأمكنة وهو ما أشارت إليه في كتابها الجديد.

ونشرت أيت عبد المالك في كتابها هذا سبع قصص، اثنتان منها عن أسطورتين معروفتين بجانت وهما عن تيغريغرت و"أنمرو دن" أي الطفل الذي يحبو باستعمال يديه وقدميه، وقصة ثالثة عن تمساح إيهرير والتي أضافت عليها مخيلتها وتحكي فيها عن قصة حقيقية لآخر تمساح قتل بالجزائر، تحديدا بمنطقة أهرير بجانت، وكان ذلك في عشرينيات القرن الماضي على يدي المستعمر الفرنسي والموجود حاليا بمتحف في فرنسا. أما القصص الأربع المتبقية فهي من محض خيال الكاتبة أبطالها من الإنس والنبات والحيوان من بينها قصة عن فلسطين بعنوان "زهرة جيريكو" وجيريكو هو الاسم الإنجليزي لمدينة أريحا، كتبتها تكريما لفلسطين التي تبقى في القلب دائما.

كما أكّدت الكاتبة رغبتها في النهل من مخيّلتها لكتابة القصص حتى ترتاح من واقع أليم مليء بالأخبار السيئة، لهذا فإنّ استعمال الخيال مطية لإيجاد الراحة في زمن سمته الاضطراب.