يتعرّض لتعذيب وحشي بجسد مكسور وعزيمة صلبة

ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة

ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة
تلا البرغوثي ابنة القيادي الفلسطيني الأسير، عبد الله البرغوتي
  • 269
ص. محمديوة ص. محمديوة

كشفت تلا البرغوثي ابنة القيادي الفلسطيني الأسير، عبد الله البرغوتي، عن تفاصيل مروعة لما يتعرض له والدها من تعذيب شديد داخل معتقلات الاحتلال الصهيوني، من ضرب مفرط بواسطة أدوات قمعية مثل الأحزمة والعصي الحديدية.

يتعرض عبد الله البرغوثي، المحكوم عليه بأعلى حكم في التاريخ الإسرائيلي، يوميا للضرب المبرح ولساعات طويلة، بعد أن يتم إخلاء القسم من الأسرى ليُترك وحيدا بين أيدي السجّانين وأدوات قمعهم من عصي حديدية ووحشية لا حدود لها تنهال على جسده المتهالك، حتى تكسّرت عظامه واشتدت عليه الآلام لدرجة أنه لم يعد قادرا على الوقوف أو التحرّك. وتقول ابنته تالا "أبي لم يعد ينام مستلقيا .. الألم ينهش جسده.. ينام جالسا ووزنه يتناقص حتى أصبح لا يتجاوز 70 كلغ... وفي ظل غياب الرعاية الصحية تفشت الدمامل والجروح المفتوحة في جسده، ولا يجد إلا زملاءه الأسرى لتعقيمها بوسائل بدائية بما يفاقم الخطر على حياته".

وتضمّنت الشهادة التي قدمتها ابنة البرغوتي نداء استغاثة عاجل لإنقاذ روح تحتضر، داخل جدران الصمت، كون البرغوثي لا يواجه فقط حكما بالسجن المؤبد وإنما حكما بالإعدام البطيء في ظل تصاعد سياسة القمع والإهمال الطبي المتعمّد بحق الأسرى الفلسطينيين وخصوصا المعزولين منهم.

ويعد البرغوثي شاهدا حيّا على بشاعة الاحتلال وعلى صبر الإنسان الفلسطيني، حين يجلد كل يوم ولا ينكسر.. وإنقاذ حياته مسؤولية أخلاقية وإنسانية عاجلة، قبل أن تصبح دماؤه شهادة أخرى وعارا على هذا الصمت. وهو واحد من بين العشرات أو المئات من الأسرى الذين يمعن الاحتلال الصهيوني بشكل خطير في قتلهم داخل معتقلاته، حيث كشف مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن أكثر من نصف شهداء الحركة الأسيرة الذين ارتقوا منذ السابع من أكتوبر 2023 كان التعذيب والتنكيل السبب الرئيسي في استشهادهم.

ارتقاء 65 أسيرا في معتقلات الاحتلال منذ السابع أكتوبر

أوضح مركز فلسطين أن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 ارتفع مؤخرا إلى 302 شهيد. ومنذ حرب الإبادة على قطاع غزة بلغ 65 شهيدا منهم 35 شهيدا كان التعذيب القاسي والعنيف السبب الرئيسي في ارتقائهم شهداء، وغالبيتهم من أسرى قطاع غزة الذين اعتقلوا خلال العدوان الهمجي والمستمر منذ أكثر من سنة ونصف سنة.

وأشار المركز إلى أن الاحتلال، ومع تصاعد أعداد الأسرى بشكل كبير خاصة المعتقلين من قطاع غزة والذين بلغت أعدادهم بالآلاف، افتتح معتقلات ومراكز تحقيق جديدة لاستيعاب تلك الأعداد يمارس فيها كل أشكال التنكيل والتعذيب المحرمة دوليا، وهي تتبع جيش الاحتلال مباشرة. 

ومن أبرز المعتقلات، معتقل "سديه تيمان" في النقب وأطلق عليه "معسكر الموت" و"غوانتانامو إسرائيل" نظرا للأهوال التي تعرّض لها الأسرى في المعتقل، والتي فاقت ما جرى في المعتقل الأمريكي "غوانتانامو" الذي أقيم في كوبا، إضافة إلى معسكر اعتقال خاص يتبع لجيش الاحتلال في سجن عوفر ومركز اعتقال وتحقيق "منشه" شمال الضفة الغربي ومعسكر اعتقال "نفتالي".

وبين المركز أن معسكر "سديه تيمان" لا يخضع لأي نوع من أنواع الرقابة، حيث أعطى قادة المنظومة الأمنية والعسكرية للجنود ومحققي الشاباك صلاحيات واسعة وغطاء قانوني وضوء أخضر لاستخدام كل وسائل التعذيب القذرة والمميتة والحاطة بالكرامة، بما فيها الانتهاكات الجنسية بهدف إذلال المعتقلين وسحق إنسانيتهم والوصول بهم إلى الموت أو الإعاقة الدائمة النفسية والجسدية. الأمر الذي أدى إلى ارتقاء هذا العدد الكبير من الشهداء خلال فترة قصيرة.

ومن أبرز شهداء التعذيب  بعد السابع أكتوبر الدكتور عدنان البرش من جباليا بشمال قطاع غزة، وهو استشاري ورئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء بغزة، اعتقلته قوات الاحتلال في ديسمبر 2023، خلال تواجده في مكان عمله بمستشفى "العودة" وتمّ نقله إلى معتقل "كيشون" قرب حيفا وتعرّض لتعذيب قاس من الشاباك لعدة شهور انتقاماً من صموده ورفض ترك عمله في علاج الجرحى. وقد ارتقى شهيداً بعد 4 شهور نتيجة التعذيب وما يزال جثمانه محتجزا حتى الآن.

وأشار المركز إلى أن الاحتلال كان قد اعترف بشكل علني بقتل 36 معتقلا في معسكر "سديه تيمان" منذ السابع أكتوبر، وهذا العدد الذي تمّ كشفه، يمثل جزءا من الحقيقة فقط، حيث يمارس الاحتلال سياسة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة ويعزلهم في ظروف قاهرة ليمارس القتل بحقهم دون رقابة أو حساب.

وكشف أن 29 من شهداء الحركة الأسيرة منذ حرب الإبادة ارتقوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي، حيث يرفض الاحتلال تقديم أي نوع من الرعاية الصحية والزجّ بالأسرى في ظروف تشكل أرضية خصبة لانتشار المرض والعدوى.

وطالب مركز فلسطين، المجتمع الدولي ومؤسّساته الحقوقية بالتدخل الفوري وتشكيل لجان تحقيق لتوثيق جرائم القتل والتعذيب بحق الأسرى والضغط على الاحتلال لوقف تلك الجرائم ومطالبة محكمة الجنايات الدولية بتقديم قادة الاحتلال إلى محاكم مجرمي الحرب لمسؤوليتهم عما يجري من جرائم وتوفير الضوء الأخضر لمرتكبيها.