في صفقة واحدة فقط

ليفربول يهدّم قاعدة الإنفاق الضخم بالبريميرليغ

ليفربول يهدّم قاعدة الإنفاق الضخم بالبريميرليغ
  • 77
القسم الرياضي القسم الرياضي

يُعد فوز ليفربول بلقب البطولة الإنجليزية الممتازة في الموسم الحالي 2024 ـ 2025، من بين أكثر إنجازاته تميزا في السنوات الأخيرة، معتمدا في ذلك على فلسفة الجودة على حساب الكمية، حيث لم يندفع وراء الكم، كما فعل منافسوه، بل ركز على تدعيم التشكيلة بعناصر نوعية مؤثرة.

ورغم صعوبة مضاهاة تتويجه في 2020 حين قاد يورغن كلوب الفريق لتحقيق أول لقب بطولة منذ 1990، إلا أن هذا اللقب سيسجَّل كواحد من أكثر قصص النجاح غير المتوقعة في عصر البطولة الممتازة، لأسباب عديدة، أبرزها أنه تحقق في الموسم الأول للمدرب آرني سوت، وبتشكيلة لم تحظَ سوى بأدنى حد من التدعيم الصيفي رغم إنفاق ليفربول 30 مليون يورو لضم الحارس الجورجي جيورجي مامارداشفيلي من فالنسيا. إلا أن اللاعب سينتقل فعليا في الموسم المقبل، وعليه لم يعزز النادي تشكيلته هذا الموسم إلا بلاعب وحيد هو فيديريكو كييزا القادم من يوفنتوس مقابل 12 مليون يورو، والذي شارك حتى الآن في 4 مباريات فقط. 

هذه السياسة المتقشفة جعلت صافي إنفاق ليفربول إيجابيا (+5 ملايين يورو)، بعدما جنى 47 مليون يورو من بيع اللاعبين. وللمقارنة، بلغ صافي إنفاق مانشستر سيتي الموسم الماضي -120.8 مليون يورو. ومتوسط صافي إنفاقه خلال سلسلة ألقابه الأربعة المتتالية 92.5 مليون يورو. وبهذا الإنجاز فكّك سلوت أسطورة أن الإنفاق الضخم شرط للنجاح في الدوري الإنجليزي.

تفوُّق فريد

رغم أن قيمة شراء تشكيلة ليفربول الحالية تبلغ 665 مليون يورو، إلا أنها تحتل المرتبة السادسة في البطولة الإنجليزية الممتازة وفق أرقام موقع "ترانسفير ماركت" المتخصص، قريبة من نيوكاسل (604 ملايين يورو)، وبعيدة عن مانشستر سيتي (1.1 مليار يورو).

ومنذ آخر لقب بطولة، أنفق ليفربول 537.6 مليون يورو فقط على التعاقدات، وهو عاشر أعلى رقم بين أندية البطولة. والسر في نجاح هذا الاستثمار يعود إلى تركيز 88% من هذا المبلغ على 11 لاعبًا فقط.

وبالمقارنة، أنفق مانشستر سيتي 896.4 مليون يورو على 17 لاعبا أساسيا، وآرسنال 774.5 مليون يورو على 22 لاعبا، وتشيلسي 1.52 مليار يورو على 31 لاعبا.

وعند حساب متوسط قيمة الصفقة للاعب الأساس، يتفوق ليفربول بمتوسط 40.3 مليون يورو مقارنة بتشيلسي (48.9 مليون يورو)، وأعلى من آرسنال (35.2 مليون يورو)، وأقل من مانشستر سيتي (52.7 مليون يورو).

إرث كلوب الراسخ

رغم براعة سلوت إلا أن نجاحه لم يأت من العدم. فقد ورث فريقا بُني بعناية خلال السنوات الماضية خلال المواسم الأربعة السابقة لهذا التتويج، أنفق ليفربول 496 مليون يورو على شراء لاعبين، استعدادا للمنافسة على القمة. ذات الاستراتيجية اتُّبعت قبل لقب 2019- 2020، حيث أنفق النادي 563 مليون يورو خلال أربعة مواسم تحضيرية، ثم أنفق مبلغا محدودا في موسم التتويج ذاته بفضل اكتمال الفريق. 

ولم تكن قلة الإنفاق دليلا على ضعف الموارد، بل نتيجة الثقة في جودة التشكيلة، وبالتالي من غير المنصف القول إن ليفربول فاز دون استثمار. فقد استغرق بناء هذا الفريق أربعة أعوام من العمل الذكي والهادئ. ومع ذلك يظل الإنجاز الذي حققه سلوت مذهلا، خصوصا مع التفوق على آرسنال ومنافسيه، بإنفاق أقل بكثير من الفرق الكبرى الأخرى.

ليفربول هذا الموسم قدّم نموذجا في أن التخطيط السليم والتوظيف الذكي للموارد، لا يقلان أهمية عن الكفاءة التكتيكية. هذا اللقب ليس ثمرة موسم واحد فقط، بل خلاصة عمل دؤوب، وتخطيط بعيد المدى، وإدارة ذكية في سوق اللاعبين.