تلمسان

مقهى "الرمانة" و’’فران الرحيبة" بحاجة إلى المحافظة عليهما

مقهى "الرمانة" و’’فران الرحيبة" بحاجة إلى المحافظة عليهما
  • 2362
ق.ث ق.ث

يحتاج كل من مقهى "الرمانة" و«الفران" (الفرن التقليدي) بالحي الشعبي "الرحيبة" وسط مدينة تلمسان، إلى للمحافظة عليهما بالنظر إلى المكانة التي يحتلانها في الذاكرة الجماعية لسكان المدينة، فهذين المعلمين اللذين يمتلكان ماضيا غنيا يطبعان بأهميتهما تاريخ المدينة، خاصة في المجال الاجتماعي والاقتصادي.

فمقهى الرمانة الذي يأخذ اسمه من شجرة رمان مزروعة في قلبه له ماض حافل جدا بالأحداث. تقول الأسطورة بأن الشجرة تبلغ من العمر عشرة قرون، وفقا لنتائج الورشة الدولية حول التراث العمراني وغير المادي لتلمسان التي انعقدت بمبادرة من جامعة تلمسان.

في القديم كان المقهى عبارة عن فندق أو مكان للإيواء ، أنشئ في القرن الثاني عشر لاستقبال الأندلسيين المسافرين للحج. كما استخدم أيضا في تجارة الجلود، ليتحول خلال حقبة الاستعمار الفرنسي إلى مقهى حمل اسم "مور"، اشتهر بإعداد القهوة والشاي بعدة أذواق ونكهات لذيذة بجودة وقيمة عالية، يقبل الزبائن من أجلها من أماكن بعيدة في بعض الأحيان.

إغلاق المقهى قبل عدة سنوات ولد ألم وتحسر العديد من زبائنه الذين تأسف بعضهم عن فقدان أوقات الراحة والفرح التي كان المكان يمنحها إياهم ولعدم تذوق طعم الشاي الفريد من نوعه الذي لا يتواجد في أي مكان آخر، والذي اعتبر إعداده طقسا فريدا من نوعه، حسب أحد الزبائن.

وقد أصبح الموقع حاليا يستخدم كمكان للتخزين من قبل تجار حي "القيصرية"، وهي منطقة التسوق الأقرب منه.

يقع المقهى في قلب المدينة القديمة وكان يعد مكانا للقاء والاجتماع بين المجاهدين خلال الثورة التحريرية المجيدة، حسبما تمت الإشارة إليه، وحسب العديد من الخبراء، فإن مقهى الرمانة المحمل بعبق التاريخ يجب أن يستعيد مكانته وطابعه الاجتماعي.

على نفس القدر، فإن "الفران" أو الفرن التقليدي للرحيبة لا يعيش إلا بفضل أصحاب أكشاك الحلويات الذين يطهون فيه الحلوى التقليدية "الشامية"،  وهي حلوى شعبية خاصة بشهر رمضان، مصنوعة بالسميد، بالإضافة إلى تحميص الفول السوداني وبعض المكسرات الأخرى.

طهي الخبز الذي كان يحضره السكان في منازلهم كان أهم نشاط للفران الرئيسي، ذهب من غير رجعة، فالأشياء تغيرت والعادات والزمن أيضا، إذ أن الخبز لم يعد يصنع في المنزل وأصبح يشترى عند أصحاب المخابز أو المحلات التجارية، وأصبح استخدام الفرن على فترات متقطعة سواء لطهي الحلويات الخاصة بعيد الفطر أو اللحوم خلال عيد الأضحى.

وبموقعه في الساحة المركزية لـ«الطحطاحة"، وهي فضاء عمومي بالرحيبة،  قدم هذا الفرن خدمات كبيرة للسكان، إذ صنع بهذا المكان مختلف أنواع الخبز متعدد الأحجام  والأشكال والنكهات، وهو الشيء الذي أعطى طعما مثاليا لهذا العنصر الأساسي في المائدة الجزائرية.

وعلى الرغم من كل هذا الترك والهجران، إلا أن الفرن لا يزال يعمل بالحطب لطهي الخبز لبعض الزبائن "النادرين" الذين لا يزالون يطلبون الخبز التقليدي من الفرن. وفي هذا الصدد، ذكر صاحب الفرن "على قلة هؤلاء الزبائن، إلا أنهم يشجعونني على القيام بمهنتي ومتابعتها"

ويبدو الحفاظ على هذا المكان إشكاليا نوعا ما، سواء من حيث موقعه أو نشاطه الذي تقلص بشكل كبير، إذ يتواجد الفرن اليوم في موقع يعج بالسيارات والحافلات. كما أن الساحة مليئة يوميا بالباعة المتجولين، مما يجعل الفرن يفقد دوره.

وقد طالبت الورشة الدولية حول التراث العمراني وغير المادي لتلمسان بتعميق التحقيق حول "الفران" من أجل الشروع في إعادة تهيئة هذا الفضاء.