فيما أحصت العاصمة 65 ألف ملف

ولاية الجزائر تسارع لتسوية وضعية البنايات غير المكتملة

ولاية الجزائر تسارع لتسوية وضعية البنايات غير المكتملة
  • 4012
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

لا تزال مصالح التعمير والبناء بالعاصمة، تستقبل ملفات المواطنين الخاصة بتسوية بناياتهم غير المكتملة، والاستفادة من إجراءات قانون15- 08 قبل انتهاء آجاله المحددة، حيث وجه والي العاصمة، عبد القادر زوخ، في وقت سابق، تعليمات لوكالة التسيير العقاري ومدير أملاك الدولة وكذا مدير الوكالة العقارية لمدينة الجزائر قصد الإسراع في تسوية وضعية 26 ألف عقار تم إنجازه على أراض فلاحية وتم منح عقود الملكية لأصحابه.

تواصل ولاية الجزائر جهودها قصد تسريع وتيرة عملية تسوية وضعية البنايات غير المكتملة وتسهيل منح رخص البناء للمواطنين الذين لا يملكون عقود ملكية، حيث أكد مصدر موثوق من الولاية لـ»المساء»، أن هذا الملف يكتسي طابعا «حساسا» باعتباره لا يمس الوضع القانوني لممتلكات الأفراد فحسب، بل أيضا الحفاظ على العمران وهويتنا الثقافية والحضارية.

ولاية الجزائر تولي أهمية بالغة للملف

تولي السلطات الولائية «عناية بالغة» لتسوية البنايات غير القانونية، وهو ما تجسد من خلال إصدار القانون 15-08 المتعلق بقواعد مطابقة البنايات وإتمام إنجازها، وتتعلق أحكام هذا القانون الصادر عام 2008 بالبنايات غير المنتهية وغير المطابقة لرخصة البناء المسلمة، فضلا عن البنايات التي لا يملك أصحابها أساسا رخصة بناء.

وكان زوخ قد ذكر على هامش خرجاته الميدانية السابقة، بالتعليمة الوزارية المشتركة التي وجهت لكافة الولاة، بهدف التخفيف في الملفات الإدارية المتعلقة بطلبات تحقيق المطابقة وتبسيط إجراءات دراسة الملفات المودعة وتسريع عملية تسوية عقود الملكية، وكذا تحديد القواعد المتّبعة للتمييز بين المناطق ذات الأولوية وكيفيات التعامل معها.

كما انطلقت لجان الدوائر التي أسست لهذا الغرض في عملها، بعد حثّها على مواكبة دراسة الملفات من أجل إيجاد الحلول المناسبة بما يتناسب مع كل حالة إلى أن يتم تسوية الملف نهائيا.

أكثر من 65 ألف بناية غير مكتملة 

تحصي العديد من الدوائر الإدارية والبلديات عبر إقليم ولاية الجزائر العاصمة، 65 ألف ملف خاص بإجراءات مطابقة البنايات في إطار قانون التسوية رقم 08-15، تم تسوية ما يقارب 20 بالمائة منها، حيث يتوجّب على أصحاب البنايات غير المكتملة التعجيل بتسوية وضعيتها لتفادي هدمها المحتوم، في وقت يطالب فيه رؤساء المجالس الشعبية البلدية بتمديد الآجال من جديد، ومراجعة النص القانوني المذكور لتمكين كافة المعنيين من الإجراءات التي تضمّنها.

وأكد رئيس لجنة التعمير بالمجلس الشعبي الولائي بالعاصمة، السيد عبد القادر صافي، لـ»المساء»، أن الأرقام المقدمة في هذا الإطار تبقى مبدئية، باعتبار أنه يستحيل ضبطها بشكل رسمي قبل انتهاء الآجال القانونية لإيداع ملفات تسوية البنايات غير المكتملة، في انتظار تسليم كل الدوائر الإدارية والبلديات العدد النهائي لملفاتها لمديرية البناء والتعمير بالولاية، التي بدورها ترفعها إلى مصالح ديوان الوالي للبت فيها، بالتنسيق مع وزارة السكن والعمران والمدينة قبل مباشرة إجراءات الهدم المنصوص عليها في القانون.

وأوضح السيد صافي في هذا الشأن تحسبا للمعطيات التي تحوزها مصالحه، أن 65 ألف ملف طلب تسوية بنايات يبقى رقما هاما، لكنه غير كاف بالنظر إلى العدد الهائل من البنايات غير المكتملة الموزعة عبر بلديات الجزائر العاصمة، مقابل الإقبال المحتشم للمواطنين على تسوية سكناتهم تخوّفا من العراقيل البيروقراطية المسجّلة في الميدان، وهو ما دفع - حسبه - إلى الامتناع عن تقديم الملفات للاستفادة من إجراءات التسوية وتفادي قرار الهدم الذي يبقى أكبر هاجس يواجههم.

وقال المتحدث بالمناسبة: «إن هذا العدد لا يمثل فقط البنايات العادية للمواطنين أو الفوضوية، وإنما يتعدّى ليشمل السكنات والأحياء والمجمعات السكنية غير المسوّاة، على غرار سكنات حي «الموز» بالمحمدية، إلى جانب العقار الذي شيّدت عليه بعض السكنات والذي تبقى وضعيته في الكثير من الأحيان غير قانونية».

وفي السياق، أضاف مسؤول لجنة التعمير بالمجلس الشعبي الولائي بالعاصمة، أن العديد من الدوائر الإدارية والبلديات سجّلت إقبالا ضعيفا للمواطنين لإيداع ملفاتهم بالنظر إلى التباطؤ الكبير في عملية دراسة هذه الملفات، إلى جانب بعض العراقيل الأخرى التي حالت دون الوصول إلى الأهداف المنشودة، وهذا بشهادة هؤلاء المواطنين، كما قال.

دعوة إلى مراجعة القانون 08-15

وفيما يخص القانون 08-15 المؤرخ في 20 جويلية 2008 الخاص بإجراءات تسوية البنايات غير المكتملة ومطابقتها، أكد رئيس اللجنة أن أعضاءه اقترحوا في العديد من المناسبات، ضرورة القيام بمراجعة شاملة لمواد ونصوص هذا القانون الذي جاء لتحقيق أهداف معيّنة والمحدد بآجال قانونية مضبوطة، مستبعدا فكرة التمديد؛ باعتبار أن اللجوء دوما إلى تمديد آجال التسوية لن يحلّ هذا المشكل بالشكل النهائي وإنما سيعمل على إطالة أمده، كما يرى أن قرار الهدم هو أمر محتوم للمخالفين بالنسبة للوزارة رغم صعوبته على نفسية المواطنين المعنيين.

وذكّر بأن المشكل ليس مطروحا في هذا القانون فقط، وإنما كان مطروحا في العديد من القوانين السابقة التي جاءت لتنظيم وضعية البنايات غير المكتملة ولم تحقّق هدفها المنشود، وهو ما يفتح الباب واسعا للمطالبة بضرورة مراجعة الإجراءات المدرجة فيه وتكييفه مع واقع البنايات والوضعية القانونية للعقار بالجزائر العاصمة، الذي يبقى في حاجة للتسوية هو الآخر.

مديرية التعمير تدعو لحملات تحسيسية

من جهة أخرى، ترى مديرية البناء والتعمير بولاية الجزائر العاصمة، أنه كان من الضروري مباشرة حملات تحسيس وتوعية واسعة لفائدة أصحاب هذه البنايات، للإقبال على تسوية وضعيتها، مع التزام الجماعات المحلية وهيئات استقبال الملفات بإزالة كل العراقيل البيروقراطية التي كانت مطروحة بالعديد من البلديات، حيث يرى رئيس المديرية، السيد يزيد قواوي، أن امتناع الكثيرين عن إيداع ملفات التسوية يعود لطول فترة دراستها، ما يدفع الكثيرين إلى انتظار عدة سنوات لمعاينتها والموافقة على البدء في تسويتها ومطابقتها القانونية.

مصالح التعمير بالبلديات تغرق في الملفات

من بين البلديات التي تعرف فوضى كبيرة في العمران بلدية جسر قسنطينة، التي أوضح بعض مسؤوليها في اتصال لـ»المساء»، أن العديد من المواطنين لديهم رغبة في تسوية بناياتهم وإتمامها، والدليل هو الملفات المودعة التي فاق عددها 12 ألف ملفا.

وحسب أعضاء من المجلس البلدي وممثلين عن مصلحة التعمير، فإن قانون تسوية البنايات، لا يستجيب للواقع لأن الحصول على رخصة إتمام البناية يتطلب عقد الملكية، الذي لا تملكه أغلبية العائلات، لأن معظم الأراضي منحت عن طريق قرارات استفادة سلمتها البلديات للمواطنين، كما أن 95 بالمائة من الأحياء بجسر قسنطينة هي أحياء ذات طابع اجتماعي والقليل فقط من السكان لديهم عقود ملكية مثلما هو الحال بعين النعجة القديمة، أما باقي الأحياء كالعبقي، كازناف، الحياة، مقنوش 1و2 وسونلغاز وبرونكا فهي أراض وزعت بين88 و93 ولا يملك أصحابها وثائق تمكنهم من الحصول على رخصة لتسوية بناياتهم.

كما أشار مصدر من مصلحة التعمير ببلدية الدار البيضاء، إلى وجود ثغرات في القانون، بسبب عدم تفعيله بالشكل الذي أصدر من أجله، حيث تودع يوميا حوالي 30 ملفا وهناك توافد كبير على مصلحة التعمير والبناء في الفترة الأخيرة لإيداع الملفات.

من جهته، اعتبر مسؤول بمصلحة التعمير ببلدية بوزريعة، أن جهل معظم المواطنين بفحوى القانون بما فيها الجهات المعنية صعّب عملية تجسيده في الميدان، مشيرا إلى أن المشاكل التي أعاقت تطبيقه لم تصل إلى الوصاية.