المحافظة السامية للأمازيغية
إصدار كتابي "أبوليوس المادوري" و’’يوغرطة"
- 1197
نشرت المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية مؤخرا، إصدارين جديدين يضمان حيثيات جلسات الملتقيين الدوليين "رؤى متقاطعة حول أبوليوس" الذي نظم في الفترة الممتدة بين 30 ماي والفاتح جوان 2015 بسوق أهراس، و«يوغرطة يواجه روما" بين 20 و 22 أوت 2016 بعنابة، من قبل المحافظة السامية للأمازيغية.
جاء في مقدمة الإصدار الأول أن "أبوليوس أدخل على الأدب أجمل نصوصه وفرض في وقته تحولا حقيقيا على الكتابة وسطر خطا جديدا اعتبره معاصروه ثوريا"، علاوة على أنه كاتب عرف أبوليوس بخبرته في عدة ميادين في مساره الفذ، فقد كان يتحكم في البلاغة والسفسطة بوجه عام، وكان علامة عصره، حيث كان يعتبر نفسه من جانب آخر فيلسوفا". كما أثريت معارفه وثقافته المتعددة عبر رحلاته المتعددة إلى قرطاجة وروما واليونان والتي جعلت منه شخصية متوسطية وحتى عالمية.
كما تم التصريح بأن "أعمال وحياة أبوليوس تستحق مراجعتها وإلقاء نظرة فيها لاستخلاص مناقشة شاملة حول مساهمة هذه الشخصية البارزة في الأدب بوجه خاص، وفي الحضارة العالمية بوجه عام"، مع إبراز التساؤلات التي كانت تحوم به فيما يتعلق بالسياق متعدد الأبعاد الذي تطور فيه وعلاقته بأقرانه.. إلخ.
تم تقسيم أشغال هذا اللقاء الثري كما هو مقتبس من الحيثيات إلى خمس جلسات، كانت الجلسة الأولى تحت عنوان "مداوروش ونوميديا من وقت أبوليوس إلى وقتنا الحاضر". تدخل عالمي الآثار نصر الدين أصول والهاشمي آيت عيسي حول موضوع "المحيط الاجتماعي الثقافي لنوميديا و البحر المتوسط في العالم القديم" من أجل إبراز "الحوض الكبير للثقافة والفنون" الذي نهض فيه أبوليوس. من جهته، تناول رجل التاريخ وعالم الآثار سعيد دحماني "مقدمة عن تاريخ نوميديا ماسيل"، بينما تدخل عادل نجيم أستاذ مساعد بقسم التاريخ في جامعة صفاقس (تونس) حول "الهوية الأعلامية الإفريقية العريقة".
وقد كرست الجلسة الثانية التي ترأستها السيدة فاطمة مليكة بوخلو لـ«الركائز الثقافية لأعمال أبوليوس"، والتي استعرض في إطارها الأستاذ الجامعي حسان بن حكاي من المغرب، مسألة "الأمازيغية في أعمال أبوليوس"، بينما تطرق يوسف نسيب إلى "الرواية القبائلية والتحولات"، في حين ركز إيمانويل بلونتاد من جامعة ليون 2 (فرنسا) في محاضرته على "رواية كيوبيد وبسيكي بمثابة شهادة حول الأدب الشفهي الأمازيغي".
ركزت الجلسة الثالثة على "التواصل الثقافي في أعمال أبوليوس"، وهو محور تم تناوله بالخصوص من طرف جمال آيت أومزيان من جامعة تلمسان في عمله "من التعريف بفينوس إلى عظمة ازيس في تحولات أبوليوس "، و كذا من طرف صونية كافيتشيول من جامعة بولوني (إيطاليا) في "تلقي أعمال أبوليوس في أوروبا المعاصرة: الأسطورة والحركات الكلاسيكية الجديدة للقرنين الـ16 والـ17 ميلادي".
وفي الجلسة الرابعة التي تمحورت حول الموضوع "أبوليوس في الأدب المعاصر"، تم تحليل العمل البارز لهذه الشخصية "الحمار الذهبي" من قبل الجامعي لحسن ناشف. أما المحور الأخير من اللقاء فقد تمثل في مسألة "تقييم واقع وآفاق ترجمة أعمال أبوليوس"، حيث تم تناول مسألة الأمازيغية من خلال تدخلات الأساتذة الجامعيين حسان حلوان من الجزائر وصناع ياشو وعبد الوهاب بوشتارت من المغرب والمفتش في الأمازيغية حبيب الله أيضا من الجزائر.
أما الإصدار الثاني الذي يضمّ حيثيات جلسات الملتقى الدولي "يوغرطة يواجه روما"، فأشار فيه الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية الهاشمي عصاد إلى أن تنظيم ملتقى دولي حول شخصية "كليد يوغرطة" أحد الوجوه البارزة في تاريخنا العريق، يترجم مدى الالتزام الذي أخذته على عاتقها المحافظة السامية للأمازيغية من أجل تعريف الأجيال الصاعدة به.
تم التذكير خلال إشكالية الملتقى بأن كتاب "حرب يوغرطة" للمؤرخ الروماني، يعتبر مصدرا تاريخيا أساسيا لهذه الحرب التي شنها الملك النوميدي يوغرطة بين سنتي 111 و105 قبل الميلاد، حيث جاء في نفس الإصدار أن معظم المعلومات التي يحتويها هذا الكتاب (حرب يوغرطة) هي محاولات موجهة ضد شخصيات أعاقت طموحات الكاتب "سالوست" السياسية من جهة، وتهدف إلى تثمين وترسيخ التوجهات السياسية للكاتب، من جهة أخرى.
تم تقسيم أشغال الملتقى إلى ستة (6) محاور، حيث تولى التنسيق العلمي أستاذ التاريخ والحضارات القديمة بجامعة الجزائر 1، محمد الهادي حارش.
شارك في المحور الأول الذي خصص لقراءة كتاب "حرب يوغرطة" مجموعة من الباحثين الجامعيين، على غرار فيرجيليو إينامورادو مارتينيز من جامعة ملقا الإسبانية، حيث تطرق إلى كتب التاريخ البربري حول يوغرطة.
عرض السيد سعيد دحماني، دكتور في تاريخ المغرب خلال العصور الوسطى، في مداخلة أسماها "تعليق مقتصب حول كتاب سالوست حرب يوغرطة" تحليلا للأحداث التي سردها المؤرخ الروماني حول ظروف الصدام والشخصيات التي لعبت دورا أساسيا فيه، مبرزا كيف أغفلت شهادته الجانب النوميدي.
وتطرق بدورهم الأساتذة الجامعيون عز الدين مجاني وسليمة بودخانة وأحمد حباس إلى جوانب مختلفة تتعلق بمحتوى الكتاب "حرب يوغرطة".
أما بخصوص المحور الثاني المعنون بيوغرطة: معلم للمقاومة والبحث عن الهوية، قام الباحث الجامعي نبيل بوذراع بمداخلة عرف من خلالها بيوغرطة في المنظور العالمي عقبه الجامعي والمؤلف علي قربابي الذي قدم عرضا عن يوغرطة. كما شهدت الورشة كذلك مداخلتين قدم الأولى السيد مولود مخلوف أستاذ بجامعة قسنطينة تحت عنوان عظمة يوغرطة، أما الثانية فقدمها الدكتور الجامعي عبد الرحمن خليفة إطار سابق بوزارة الثقافة، موسومة بمحمد الشريف ساحلي ممهد التاريخ الجزائري: رسالة يوغرطة.
وبخصوص المحور الثالث الذي تم تخصيصه لصورة يوغرطة في الأدب العالمي، فقد نشطه كل من نبيل فارس وأرزقي مترف وأعمر أولعمارة (كتب النص وقدم باللغة الأمازيغية) إضافة إلى جيلالي صاري وباية معوش.
أما فيما يتعلق بالمحور الرابع حول المدن النوميدية والحرب، فقد ناقشه محمد حاسين، فنطار مصطفى خنوسي ومحمد تليلي من جامعة تونس، بالإضافة إلى راموندو زوكا وأتيليو ماستينو من جامعة ساساري (إيطاليا) ومحمد آكلي إخربان من جامعة قالمة وجان بيار لابورت، باحث مشارك بالمركز الوطني للبحث العلمي (باريس). وتم تنظيم الحصة الخامسة على شكل مائدة مستديرة تحت عنوان حروب يوغرطة، حيث نشطها جامعيون جزائريون، بينما عالجت الحصة السادسة موضوع الاقتصاد والحرب. وقد خلصت أشغال هذا الملتقى الذي شهد تقديم عروض (باللغات الفرنسية والعربية والأمازيغية) من طرف جزائريين وأجنبيين، إلى صياغة توصيات ذكر البعض منها سابقا في عروض المحافظة السامية للأمازيغية.