إحياء الذكرى الـ58 لاغتيال الشهيد عيسات إيدير
رمز شامخ تتوارثه أجيال الجزائر
- 1417
أحيت إذاعة بومرداس الجهوية أمس، ذكرى استشهاد البطل عيسات إيدير من خلال مائدة مستديرة بالبرنامج الأسبوعي «من تاريخنا» الذي يشرف عليه الكاتب مولود نفاري. وقد نشطها كل من السيدة بوطرفة حبيبة مديرة المجاهدين بالولاية والسيد عبد الرحمن بلعيد ممثل المكتب الولائي للاتحاد العام للعمال الجزائريين والأستاذ بلمبارك نجيب الباحث والكاتب في تاريخ الثورة التحريرية والسيد مقراني طارق ممثل عن مصلحة التراث التاريخي والثقافي لمديرية المجاهدين.
افتتح اللقاء بكلمة للسيدة بوطرفة حبيبة التي أكدت على إحياء هذه المناسبة التي تدخل في إطار برنامج وزارة المجاهدين الرامي إلى تكثيف هذه النشاطات المرتبطة بأعمال المحافظة على الذاكرة الوطنية وتثمينها لبلوغ الأهداف المنشودة حفاظا على تاريخ أمتنا بكل مقوماته، وكذا توعية الشباب بهذا التاريخ المجيد الذي وقعه جيل نوفمبر فصنع الأمجاد والانتصارات سواء في ساحات المعارك أو في المحافل السياسية، هذا النضال والكفاح الذي لم ينقطع يوما منذ أن وطئت فرنسا أرض الجزائر الطاهرة.. واختتمت المتحدثة تدخلها بالإشارة إلى أن هذه النشاطات هي من بين أولويات سياسة وزارة المجاهدين من أجل تقريب الجيل الصاعد من تاريخ بلاده.
بعدها فتح النقاش للحضور من أجل تسليط الضوء على المسار النضالي للشهيد عيسات إيدير منذ ميلاده وتعلمه إلى نشاطه النقابي والنضالي، ثم استشهاده تحت التعذيب الوحشي. وأجمع الحضور على ضرورة استخلاص العبر من هذا النضال والمسار الحافل ليكون مدرسة تتعلم منها الأجيال حب التضحية من أجل الوطن.
من جهة أخرى، تمنى المشاركون ألاّ تقتصر مثل هذه المبادرات على المناسبات وأن تستمر دوما وتتكرر قصد التعريف بتاريخنا وتوثيق شهادات يحتاجها الباحثون والمؤرخون.
للإشارة، يدخل اللقاء في إطار الذكرى الـ58 لاستشهاد البطل الرمز عيسات إيدير مؤسس الاتحاد العام للعمال الجزائريين بمبادرة من مديرية المجاهدين لبومرداس، بالتنسيق مع المكتب الولائي للاتحاد العام للعمال الجزائريين وإذاعة بومرداس.
ولد عيسات إيدير في قرية جمعة صهاريج قرب مدينة تيزي وزو عام 1919 من عائلة فلاحية متواضعة الحال. تلقى تعليمه الابتدائي بقريته ومنها انتقل إلى مدرسة تكوين الأساتذة ببوزريعة، ثم انتسب للمعهد الثانوي الفرنسي بتيزي وزو ليحصل على شهادة الطور الأول من التعليم الثانوي، إلا أن الفقر أرغمه على ترك مقاعد الدراسة، كغيره من أبناء وطنه.
بعدها إلتحق بعمه بتونس حيث تابع دراسته العليا في الاقتصاد بالجامعة التونسية إلى غاية 1938. وفي سنة 1944 دخل عيسات إيدير ورشة صناعة الطيران و رقي إلى رتبة رئيس قسم المراقبة الإدارية مما دفع بإدارة الورشة لإرساله إلى المغرب ليقوم بنفس العمل في مطار الدار البيضاء. في هذا الوسط العمالي، بدأت تظهر ميوله النقابية واهتم بالدفاع عن مصالح العمال الجزائريين، مما دفع برفاقه إلى انتخابه عضوا في اللجنة التنفيذية لعمال الدولة، وهي لجنة تابعة للنقابات الشيوعية الفرنسية.
خلال عمله النقابي ضمن هذه اللجنة، شعر بأن النقابات الفرنسية حتى ولو كانت شيوعية الميول لا تهتم بالعامل الجزائري بقدر ما تهتم بقضايا وانشغالات العمال الأوروبيين.
وبعد عودته إلى الجزائر، بدأت تراوده فكرة تأسيس منظمة نقابية جزائرية. أثارت أفكار عيسات إيدير حفيظة النقابات الفرنسية فأخذت تسعى لإبعاده عن مناصب المسؤولية.
كان لجهود عيسات إيدير ومساعيه الأثر الكبير في تأسيس أول منظمة نقابية جزائرية متمثلة في الإتحاد العام للعمال الجزائريين في فيفري 1956. وقد عين أمينا عاما. وقد مكنه هذا المنصب من الإشراف على تنظيم فروع وخلايا الإتحاد واستمر على هذا النحو حتى تاريخ توقيفه في 23 ماي 1956 بأمر من روبير لاكوست الوزير المفوض بالجزائر.
تعرض لأبشع أنواع التعذيب وأقساها مما اضطر إدارة المحتشد إلى نقله إلى المستشفى العسكري. توفي عيسات إيدير في 26 جويلية 1959 متأثرا بالتعذيب المسلط عليه. وأثار اغتيال الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين موجة واسعة من الاستنكار والسخط في أنحاء عدة من العالم، ووردت برقيات الاحتجاج والاستنكار من المنظمة العالمية للنقابات الحرة وجامعة النقابات العالمية والاتحاد العالمي للزراعيين والنقابيين العرب، ولم تكتف هذه الهيئات بالاستنكار وإنما طالبت الحكومة الفرنسية بتسليط الضوء على الظروف الغامضة التي رافقت عملية استشهاده.