أرجعها بن أشنهو إلى ضعف الثقافة الصحية

فوضى اقتناء الأدوية لمواجهة أمراض الصيف

فوضى اقتناء الأدوية لمواجهة أمراض الصيف
  • 1544
رشيدة بلال رشيدة بلال

تشهد الصيدليات منذ دخول فصل الصيف إقبالا كبيرا عليها لاقتناء بعض أنواع الأدوية وعلى رأسها «الباراسيتامول»، تليه بعض الأدوية الموجهة لعلاج الإسهال وآلام القولون والتسممات الغذائية التي لا يحتاج فيها المريض إلى وصفة طبية بعد أن تعوّد عليها وحفظ أسماءها وفوائدها العلاجية، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة طرح إشكالية اقتناء الدواء من دون وصفة والمخاطر الصحية الناجمة عنه. 

كشفت الجولة التي قادت «المساء» إلى عدد من الصيدليات بالعاصمة، حالة الفوضى التي تشهدها عملية اقتناء الأدوية لمعالجة ما يسمى «أمراض الصيف»، والمتمثلة في الإسهال والقيء و آلام القولون والمعدة نتيجة التسممات الغذائية والحروق وأوجاع الرأس الناجمة عن ضربات الشمس الحارقة.

وحسب الصيدلانية زهرة فإن أدوية الصيف التي يكثر الطلب عليها خلال فصل الصيف، أصبحت شيئا مألوف بالنسبة لنا؛ من أجل هذا تقول: «نسعى لتوفير بعض الأنواع حتى  تكون  موجودة متى طلبها المريض»، مشيرة إلى أن نفاد بعض الأنواع وخاصة الباراسيتامول، راجع بالدرجة الأولى، إلى كون بعض الأنواع من الأدوية يتم اقتناؤها من دون وصفة طبية، الأمر الذي شجع على زيادة الطلب عليها.

من جهتها، صيدلانية بساحة البريد المركزي تقول بأن الصيف، كما يعرف الجميع، أمراضه معروفة، ومنها مثلا: التسممات الغذائية والإسهال والقيء. ولأن المواطن تعوّد على أسماء بعض الأدوية التي عادة ما يمنحها الطبيب للمريض أصبح يبادر باقتنائها بدون الحاجة إلى وصفة، ومنها مثلا «بيافين» للحروق الناجمة عن التعرض للشمس على الشاطئ، و»سباسفون» أو «مالوكس» لمواجهة ألم  المعدة، و»بيديليكس» لأمراض القولون؛ تعلّق: «وطبعا لمواجهة كل أنواع الألم بما فيها الحمى أقراص الباراسيتامول الذي أصبح ذات شهرة عالمية، ويتربع على قائمة الأدوية الأكثر مبيعا بكل الصيدليات»، مشيرة إلى أن المواطن يرتكب خطأ فادحا بإقباله على شراء الأدوية من دون وصفة. وتذكر في هذا الإطار «الشخص الذي يصاب بحالة من الإسهال  يسارع لشراء دواء معيّن، غير أنه لا يشفى، لأن حالة الإسهال قد لا يكون مرجعها التسمم الغذائي كما كان يعتقد، وإنما جرثوم في المعدة أو القولون، وبالتالي هذا التشخيص يحتاج إلى معايدة الطبيب الذي يُعتبر الوحيد المؤهل لتشخيص الحالة ووصف الدواء المناسب، لذا رغم أننا نبيع بعض الأدوية من دون وصفة، وهو أمر مسموح، إلا أننا  نحذّر المواطنين من مخاطر بعض الأدوية التي قد يشكل تناولها من دون استشارة طبية، خطرا على صحته، خاصة إن كان مصابا ببعض الأمراض المزمنة ولا يعرف ذلك».

من جهتها، صيدلانية بالأبيار تقول إن عملية بيع الأدوية بما في ذلك تلك الموجهة للأطفال والرضع، تعرف حالة من الفوضى، لأن  بعض المواطنين يصرون على اقتنائها من دون وصفة؛ من منطلق أنهم متعوّدون عليها ويعرفون فعاليتها. ولتفادي دفع تكلفة معايدة الطبيب بالعيادات الخاصة، وهو الخطأ الشائع الذي نحاول تنبيههم عليه لكون بعض أعراض أمراض الصيف تبدو متشابهة في الظاهر؛ كأوجاع المعدة والقولون، إلا أن الخطأ في شرب الدواء قد يعرّض المريض لمخاطر صحية لا تُحمد عقباها».

.. وفوضى استهلاك الأدوية

من جهته، تأسف فتحي بن أشنهو، طبيب عام في حديثه إلى «المساء»، عما أسماه الفوضى العارمة في اقتناء الأدوية بقوله: «في كل مرة ننبه ونحذر من اللجوء بصفة غير عقلانية، إلى استهلاك الأدوية من دون وصفة طبية خاصة الباراسيتامول، الذي يُعد حقيقة من أحسن الأدوية المسكّنة للألم، غير أن استهلاكه بطريقة غير منظمة، يجعله يشكل خطرا كبيرا على الصحة، مشيرا إلى أن المواطن يحتاج إلى ثقافة صحية قبل أي شيء آخر، ولعل ضعف الثقافة الصحية شجع على اقتناء الأدوية بطريقة أقل ما يقال عنها إنها فوضوية؛ ما جعل العلاج عشوائيا».

من جهة أخرى، نبّه الطبيب إلى أن ما لا يعرفه المريض الذي يقتني الدواء عشوائيا ومن دون استشارة الطبيب، أنه يعرّض نفسه لبعض الأمراض التي يكون الدواء الذي استهلكه سببا فيها، فمثلا يشرح: «الإكثار من «الباراسيتامول» يعرّض مستهلكه للإصابة ببعض الأمراض التي  تصيب الأعضاء الحيوية كالكبد والكلى»، مشيرا إلى أن ما نحتاج إليه اليوم هو التربية الصحية، التي ينبغي أن تباشرها المصالح المعنية ممثلة في وزارة الصحة من خلال التردد على المدارس والقيام بالعمل الجواري بالأماكن العمومية لنشر الثقافة الصحية.