ترامب يصب الزيت على نار الأزمة

رائحة «نووية» في أجواء شبه الجزيرة الكورية

رائحة «نووية» في أجواء شبه الجزيرة الكورية
  • 866
 م. مرشدي م. مرشدي

بعد تصعيد اللهجة بين الولايات المتحدة وبيونغ يونغ، طرحت بإلحاح تساؤلات عن إمكانية لجوء البلدين إلى استخدام القوة العسكرية بما فيها النووية ضمن ردع متبادل بينهما نتيجته ستكون بالتأكيد «صفرية» ليس على البلدين ولكن على كل العالم.

وزاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، درجة هذا التصعيد عندما أكد من منتجعه الخاص حيث يقضي عطلته الصيفية أن الحلول العسكرية على الطاولة ومعدة للتنفيذ في حال تصرفت كوريا الشمالية بتهور، حيث عبّر عن أمله في أن يجد نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ إن، طريقا آخر» في التعاطي مع الموقف في إشارة إلى وقف التهديدات بضرب جزيرة غوام الأمريكية بالصواريخ الباليستية.

ورفض الرئيس الأمريكي إلى حد الآن كل النداءات الدولية لتهدئة الموقف بين بلاده وكوريا الشمالية، مصرا على مقولته التي حرّكت العالم وجعلته يترقب ضربة عسكرية أمريكية ضد هذا البلد عندما توعدها بالنار والغضب، قبل أن يضيف أن ذلك يبقى غير كاف لردعها.

ورغم أنه لم يحسم إلى حد الآن احتمال اللجوء إلى القوة العسكرية ضد بيونغ يونغ  واكتفى بالقول إن إدارته تستعد لكل الخيارات إلا أن ذلك لم يمنع من القول إن  بديل اللجوء إلى الخيار العسكري مطروح بإلحاح على طاولة صنّاع القرار الأمريكي الذين أخذوا التهديدات الكورية محمل الجد.

وهو ما يبقي نزعة الرئيس الأمريكي لاستخدام القوة قائمة رغم محاولة وزيره للدفاع جيم ماتيس، التقليل من هذه المخاوف عندما راح يؤكد أن الجهود الأمريكية الآن منصبة على العمل الدبلوماسي بقناعة أن القوة ستكون بمثابة «سيناريو كارثي» في حال بلغت القبضة بين البلدين حد الضربة الإستباقية ونشوب نزاع مسلّح.

ورغم لغة التهدئة التي فضّل وزير الدفاع الأمريكي  تغليبها في كل تصريحاته  وبما أعطى الاعتقاد أن تهديدات الرئيس ترامب، ظرفية إلا أن مصادر عسكرية كورية ـ شمالية أكدت أمس، أن الرئيس كيم جونغ ـ إن، طالب فعلا قادة جيوش بلاده بإعداد خطة عملية خلال اليومين القادمين من أجل ضرب جزيرة غوام الأمريكية التي تضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في منطقة المحيط الهادي.

وتكون لغة التهديد والوعيد وكذا تقارير أجهزة استخبارات مختلف القوى المهتمة بالصراع هي التي جعلت دولة مثل روسيا تؤكد على مؤشرات متزايدة على احتمال اندلاع صراع مفتوح بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تتخذ أول خطوة لتخفيف حدة التوتر ونزع فتيل حرب توشك أن تندلع إذا أخذنا بتصريحات الجانبين وتهديداتهما المباشرة تجاه بعضهما البعض.

وشاطرته المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، مخاوفه وأكدت عن قناعتها بأنها لا ترى مخرجا عسكريا لهذا النزاع في طلب ضمني بضرورة تغليب لغة الدبلوماسية لاحتواء تداعيات نزاع برائحة نووية في الذكري الثانية والسبعين لقيام الطيران الحربي الأمريكي بقصف هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين.

وهي قرائن تقاطعت جميعها في سياق الدلائل المتواترة على أن التصعيد العسكري وحتى الضربة النووية يبقى قائما في شبه جزيرة لم تعرف الاستقرار لأكثر من ستة عقود بسبب صراع الإيدولوجيا والمصالح الاقتصادية بين القوى الإقليمية والدولية في منطقة ما انفكت تجلب إليها الاهتمام بسبب نسبة نموها الاقتصادي، وتحولها إلى قطب زحزح مكانة أوروبا وحتى الولايات المتحدة في  رسم السياسات الاقتصادية العالمية وحتى السياسية والعسكرية.