«الحمام الأبيض» لعـلي مـوزاوي

عمل ملحميّ هش دراميا متين تقنيّا

عمل ملحميّ هش دراميا متين تقنيّا
  • 1136
دليلة مالك دليلة مالك

يروي الفيلم الروائي الطويل «الحمام الأبيض» للمخرج علي موزاوي، قصة أب يبحث عن ابنه المجاهد الذي لم يعد بعد إعلان استقلال الجزائر؛ في رحلة شاقة أخذته من قرى القبائل إلى عين الصفراء في الجنوب، انتهت بعودة الوالد بنجله في صندوق، إذ سقط شهيدا على أيدي المحتل. ويصوغ المخرج هذه الحكاية في قالب سينمائي ملحمي خالص. تم عرض العمل سهرة أول أمس بقاعة «ابن زيدون» بالجزائر العاصمة.

بدأ الفيلم بمشهد فرحة الاستقلال في إحدى قرى القبائل، اختاره المخرج لأن يكون بالأبيض والأسود، ثم يخرج الرجل «دّا محند واعمر» (محمد شيبان) من داخل شجرة، ويعود بخطوات ثقيلة إلى البيت، لتقابله زوجته «ويزة» (هجيرة أوبشير) بقلق كبير على ابنها «موسى» (بوبكر شرفي) الذي لم يعد من نضاله، بعد أن نالت البلاد استقلالها، فتطلب منه الخروج من فوره للبحث عنه، بل وعاهدها أن لا يعود إلا وابنهما معه. وتجد روزا (دليلة حريم) خطيبة موسى نفسها ضائعة بين انتظار المستحيل والعمر الذي يمر ولم تتزوج. يطول زمن انتظار العودة، فتدخل «ويزة» و«روزا» في دوامة الحيرة والغبن، انتهى بموت الأم عند شجرة الانتظار. أما خطيبة موسى فتزوجت من آخر، وشقّت لنفسها حياة جديدة، بعدما لبث أن عاد دا محند بجثمان ابنه. وأظهر المخرج تحكّمه الجيد في أدوات الإخراج، غير أنّ اختيار الممثلين يستدعي الحديث عنه، لاسيما بالنسبة للممثل محمد شيبان، الذي بدا غريبا عن دوره كأب، فمثلا لم يظهر انفعاله في مشهد علمه بوفاة ابنه، لم يبد قلقا يتجلى على محياه، علما أن المخرج استعمل المشاهد المقربة جدا لإبراز هذه الأحاسيس. وبالنسبة للسيناريو الذي كتبه علي موزاوي ففيه الكثير من الثغرات الدرامية، حيث استغل المخرج شخصيات غير مبررة في نسق القصة العامة، على غرار شخصية «خوخة»، والحوار انتقص لمراجعة في بعض المشاهد، فمثلا في لقطة سقوط المجاهد «حسن»، إذ يقول «موسى» له «دمت بخير»، وهي جملة لا تناسب الموقف تماما أمام رجل يواجه الموت وحيدا، كما أن البيئة الخارجية غابت عن حيثيات القصة، وعوّضها المخرج بموسيقى حزينة وحوار شاعري، وهو خيار يلزم موزاوي وحده، غير أن الفيلم بدا غير متوازن.  من الناحية التقنية، وُفق موزاوي كثيرا بفضل المناظر الجميلة للبلاد التي شكلت ديكور بديعا، وأعطت للعمل أصالة متناهية. كما نوّع في أخذ المشاهد منها المقربة والمتقاطعة، ومنها ما جاء على شكل مسح فوقي، زكّى من جمالية الفيلم.  وحسبما ورد عن وكالة الأنباء الجزائرية، استفاد الفيلم من دعم مالي بقيمة 30 مليون دج من المركز الجزائري لتطوير السينما، و5 ملايين من صندوق تطوير الفن وتقنية وصناعة السينما، وهي الهيئة التابعة لوزارة الثقافة، إلى جانب مبلغ إضافي قدمه المجلس الشعبي لولاية تيزي وزو، ساهم في تمويل الفيلم. وسيتم عرض فيلم «الحمام الأبيض» في قاعات السينما في شهر نوفمبر المقبل.