تربية عصافير الزينة..

قصة عشق ورفقة جميلة

قصة عشق ورفقة جميلة
  • القراءات: 2285
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يعرف بعض الشباب الجزائري حالة من الهوس الحقيقي بتربية العصافير، ويظهر من خلال كثرة اقتنائهم لهذا الطائر الصغير الظريف. عشق حقيقي، يجمع بين الجمال الذي جسّده الله تعالى في كائن صغير، وصوت عذب يمتع سامعه منذ أولى ساعات الصباح حتى أنه بمثابة منبه للكثيرين.

زقزقة الصباح تروق لكثير من الأذان، خلقت قصة عشق كبير، يصعب تفسيرها بين الرجال والعصفور، في ظاهرة تختلف كليا عن الفتيات اللواتي يفضّلن الحيوانات الأليفة الأخرى أكثر، كالقطط أو الجراء والأرانب وغيرها، حيث يعتبرنها ظريفة ويمكن اللعب معها للتسلية والأنس والاهتمام بها ككائن وجد لنفسه مكانا خاصا في البيت ووسط العائلة.

في استطلاع لـ«المساء»، مسّ العديد من الشباب والرجال بالعاصمة، لمسنا مدى اهتمام العاصميين بالعصافير، ولم تخف تلك الأعداد الكبيرة للأقفاص المنتشرة هنا وهناك لطيور تختلف ألوانها وأشكالها وحتى أصواتها وأحجامها، وشدّ انتباهنا القدر الكبير من الاهتمام والوقت الذي يمنحه المربون  لعصافيرهم، في عناية مميّزة، كلّ هذا بدا واضحا من خلال طريقة المحافظة عليها ومنحها الرعاية التي تستحقها، في كلّ موسم سواء في الصيف أو الشتاء، والتي إذا تمّ تهميشها قد تموت بسبب شدة الحرارة أو شدة البرودة.

رفقة تمتع صاحبها

بداية، اقتربنا من «هشام» بائع بإحدى المحلات في العاصمة، حدّثناه في أولى ساعات النهار، وهو حامل لقفص به عصفوران، كان بصدد وضعه على سقف سيارته التي ركنها أمام مدخل المحل، قال مبتسما «العصافير بمثابة الرفقة، فهي تمتع صاحبها وحتى المارة بزقزقتها الجميلة، تبهج الأذان وتمنح نوعا من الراحة، خصوصا بالنسبة للعاصميين الذين يعيشون وسط أجواء تعمها الفوضى وكثرة الضجيج الذي يطبع الأجواء منذ الساعات الأولى من النهار إلى غاية ساعات متأخرة منه، الأمر الذي يجعل من العصفور الرنة الجميلة التي تكسر ذلك الضجيج المزعج».

وعن روتينه اليومي، قال المتحدث بأنه يملك العديد من العصافير في البيت، وعصفوران يتركهما في المحل، خصوصا أنّهما  يشعران بالانزعاج من التنقل، فيكتفي بتركهما داخل المحل ليراهما في اليوم الموالي، ويعطيهما نفس الاهتمام والرعاية كباقي عصافير البيت، كالأكل والتنظيف ومحاولة توفير الجوّ الجيد لهما، فمثلا إذا كان الجوّ مشمسا وجميلا يتركهما خارج المحل للاستمتاع بالهواء الطلق، أما إذا ارتفعت الحرارة أو اشتد البرد، فإنه يدخلهما حتى لا يصابا بأي ضرر قد يهدّد حياتهما.

من جهة أخرى، اقتربنا من كمال صاحب محلّ بيع مستلزمات الحيوانات الأليفة وبعض عصافير الزينة، اختص منذ فترة في بيع طيور الببغاء، قال لنا بأنّ «قصة الغرام» بين العصفور والشاب لا يمكن تفسيرها، فهي موجودة منذ زمن طويل، إلى درجة أصبح فيها البعض مثل مختصين حقيقيين في كل ما يتعلق بها، يعرفون كل خفايا وأسرار تربية عصافير الزينة، لدرجة التفنّن في تربيتها عن طريق أساليب بسيطة وحيل تمنح العصفور الشعور بالراحة داخل القفص، وأشار إلى أن أكثر المهتمين بهذا العالم رجال، وفسر ذلك بأنّ الفتاة أكثر ما تميل للحيوانات الأكبر حجما، والتي تتمتّع بذكاء يجعلها تسلي مربيها كاللعب والركض في كلّ أرجاء المنزل، كما أنها تتميز ببعض التصرّفات الغريبة والظريفة التي تجعل الفتاة تستمتع بصحبتها، في حين ترى في العصفور بساطة لا يمكن فهمها، كما أنّها لا تطيق رؤيتها يوميا داخل قفص صغير، إذ يوحي لها ذلك بأنها محبوسة، وتم التعدي على حريتها في التحليق، وغير ذلك، وهذا الأمر لا يولي الرجل له اهتماما خاصا، وإنّما بقوته يشعر إزاء ذلك المخلوق الضعيف بمسؤولية العناية به وإيلائه  اهتماما خاصا، وهذا ما يجعل الشاب يقتنيه لوضعه في البيت أو في مكان العمل ليس للزينة فقط وإنّما للشعور بالرفقة والاستمتاع بالزقزقة الممتعة.

مرآة عاكسة لشخصية صاحبها

عن كيفية التعامل مع العصافير بشكل عام، خاصة في فصل الشتاء والمحافظة عليها، تحدّث كمال عن عدد من النصائح والمعلومات التي يجب أن يعرفها المربي جيدا، قبل أن يقتني نوعا منها، حتى يتجنّب المشاكل التي تهدّد صحتها وحياتها، وعليه قبل اقتنائها أن يسأل صاحب المحل عن طريقة العناية بها من حيث الأكل، الشرب والتنظيف وكذا المناخ الذي تعيش فيه، إلى جانب تفاصيل أخرى لا تقل أهمية.

هذا ما أكده حمزة 29 سنة، قائلا بأنّ قرار تربية حيوان ما  ينطلق من عشق فصيلة معينة، وعادة لا يكون ذلك الاختيار عفويا، وإنّما بعد تفكير عميق أو إعجاب بنوع معين، ولكلّ فرد اختيار يختلف عن الآخر، فالطيور مثلا كثيرا ما يحبها الرجل، إذ يجد فيها نوعا من الراحة والسكينة، وهذا ما يحبّه الرجل بطبعه الهادئ والقلق في آن واحد، وذلك القلق يعبّر عنه العصفور بتلك الحركات الخفيفة والسريعة، والصوت السريع والزقزقة المتواصلة، كما أن العصفور بأجنحته وإمكانيته في التحليق يعبّر بذلك عن الحرية المطلقة، وهذا ما يحبه الرجل في الشعور بالراحة والحرية..

مواقع إلكترونية لبيع العصافير

أثار اهتمامنا تجارة إلكترونية مختلفة نوعا ما، تتمثّل في عرض مجموعة من العصافير عبر الأنترنت للبيع، مثل موقع «واد كنيس»، وكذا مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، كلّها تعرض من حين لآخر أنواعا مختلفة من العصافير، وقد يثير دهشتك الاهتمام الكبير لبعض الشباب، في مناقشة سعرها عبر رسائل وتعليقات، يضع أصحابها أرقام هواتفهم النقالة للتواصل مع الزبائن والحديث عن السعر وموعد الاستلام..