اليوم الوطني للهجرة بالمتحف المركزي للجيش
عرفان بمقاومة جزائريي المهجر لقمع السلطات الفرنسية
- 1040
أحيت الجزائر أمس، ذكرى مظاهرات السابع عشر أكتوبر 1961 التي راح ضحيتها مئات الجزائريين من الجالية الوطنية الذين خرجوا مطالبين بالاستقلال وجوبهوا بالقمع من قبل الشرطة الفرنسية التي رمت بالعشرات منهم في نهر السين بالعاصمة الفرنسية باريس.
بهذه المناسبة، اعتبر العقيد أحمد عاشوري، أن إحياء اليوم الوطني للهجرة هو بمثابة قسم للجزائر، موضحا خلال ندوة تاريخية احتضنها المتحف المركزي للجيش بالمناسبة، بحضور مجاهدين قدامى وتلاميذ المؤسسات التربوية وأطفال الكشافة الإسلامية، أن الاحتفال بهذه الذكرى التاريخية يشكل قسما للجزائر ووفاء لرسالة الشهداء والتزام مع الدولة الجزائرية.
وأكد العقيد، أن المظاهرة شارك فيها 30 ألف متظاهر من الجزائريين بالمهجر يوم 17 أكتوبر للمطالبة برفع حظر التجوال عن تحركات الجزائريين، معتبرا أن الذكرى هي عرفان لمقاومة الجزائريين بالمهجر لقمع السلطات الفرنسية ولإصرار الشعب من خلال المظاهرة على افتكاك الاستقلال والحرية.
وتحت عنوان «فيدرالية جبهة التحرير الوطني»، كان للدكتور بشير مداني، وهو أستاذ محاضر بجامعة البليدة تدخل في الندوة، مبرزا الدور الذي لعبته الفيدرالية آنذاك والتي سيرت من طرف ثلاث قيادات وهم محمد بوضياف الذي اقترح المبادرة وكان مؤسسها ليكمل المشوار بعده مراد طبوش سنة 1955 وحكمها لمدة سنة قبل أن يتم القبض عنه، بعدها ترأسها المجاهد بوداود. وأشار السيد مداني إلى أن تأسيس الفيدرالية كان الهدف منه التوسع داخل وخارج الأراضي الفرنسي، مشيرا إلى المهام التي قامت بها الفيدرالية والمتمثلة في تنشيط المنظمة الخاصة بالأراضي الفرنسية «لوس» وإسكات الحركة الميصالية وتوحيد القيادات تحت راية جبهة التحرير الوطني وهيكلة العمال في مؤسسات عمالية ورياضية، إضافة إلى تكوين فريق رياضي لجبهة التحرير الوطني وكان مقرها تونس.
من جهة أخرى، وصف الدكتور دحماني تواتي، وهو أستاذ محاضر بالمركز الجامعي بتيبازة، هذا الحدث بإحدى الصفحات البارزة للتاريخ الوطني الثوري للجزائر لأن خروج الجزائريين بفرنسا استطاع أن يلحق الهزيمة بها في عقر دارها، حيث تم هزمها على أكثر من صعيد ليس في الجزائر فقط بل في باريس، رغم ما أعده كل من السفاح الجنرال ديغول وصاحبه قائد الشرطة في باريس موريس بابون ووزير داخليته روجي فري، من أجل تصفية الأفلان والقضاء على الثورة. وأوضح المحاضر، أنه رغم كل الإجراءات التي اتخذتها السلطات الاستعمارية الفرنسية وعلى رأسها إجراءات بابون في 5 أكتوبر، مثل حظر التجوال على الجزائريين من الثامنة مساء إلى غاية الخامسة والنصف صباحا، ومنع التجمعات الصغيرة لأكثر من شخصين، إضافة إلى غلق المطاعم والحانات والمقاهي التي يتردد عليها الجزائريون، إلا أنها لم تتمكن من صد سيل الثورة الجارف وهو يعبر العاصمة باريس، ولم تتمكن من القضاء على جبهة التحرير الوطني التي كانت وراء تنظيم هذه المظاهرات السلمية داخل فرنسا نفسها.
للإشارة، فإن المتحف المركزي للجيش عرض فيلم وثائقي تحت عنوان «ذلك اليوم المفقود»، كشف أحداث 17 أكتوبر والمظاهرات، كما وقف الحضور على معرض الصور ونهر السين الذي ألقي فيه آلاف الجزائريين.
عضو جمعية مجاهدي اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا: 400 مفقود لا أثر لهم إلى غاية اليوم
قال المجاهد لونيس عمر، عضو جمعية مجاهدي اتحادية جبهة التحرير الوطني، بفرنسا أمس، أنه تم تسجيل 400 مفقود (شهيد) لا يعرف أثر لهم إلى حد اليوم، مشيرا إلى أنهم قتلوا بالرصاص أو رميهم في نهر السين، من ضمن ما يزيد عن 80.000 جزائري مهاجر شاركوا في المظاهرات السلمية ليوم 17 أكتوبر 1961 بباريس وضواحيها تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني.
وتمت هيكلة المتظاهرين ضمن فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا تحسبا للمشاركة في المظاهرات المذكورة، حسبما أوضحه المجاهد في ندوة تاريخية من تنظيم المديرية الجهوية للجمارك (ميناء بالعاصمة)، إحياء للذكرى 56 ليوم الهجرة، لتأكيد مساندة هؤلاء وانخراطهم في الثورة وتحسيس الرأي العام الدولي بعدالة القضية وكذا مجابهة مضايقات الأمن الفرنسي.
المجاهد لونيسعمر قال إنه بعد تعيين المجاهد عمر بوداود على رأس فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا بتاريخ 10 جوان، 1957 أعطيت لهذا الأخير أوامر للتحضير من أجل نقل الثورة التحريرية إلى قلب فرنسا ومن ضمنها تنظيم مظاهرات 17 أكتوبر 1961.
بغرض مواجهة التحركات التي كانت تشرف عليها الفيدرالية بفرنسا وخاصة ليلا بباريس، أوضح الوزير أن السلطات الاستعمارية سنت حضرا للتجوال ابتداء من تاريخ 6 جوان 1961 للجزائريين دون سواهم وبإشراف من محافظ شرطة باريس موريس بابون المعروف بتاريخه الإجرامي والقمع ضد الجزائريين .
ويرى السيد لونيس بأن المظاهرات التي جاءت لكسر الحصار من خلال حظر التجوال، تعد بمثابة محطة جوهرية في مسار الثورة التحريرية بعد الصدى الكبير للمظاهرة السلمية وما لقيته من تضامن دولي جراء التقتيل والتنكيل والقمع الذي جوبهت به رغم سلميتها. وتواصلت مظاهرات 17 أكتوبر السلمية على مدار 3 أيام، حيث خصص اليوم ألأول لعامة المغتربين ذوي الأصول الجزائرية الذين خرجوا رفقة زوجاتهم وأولادهم والثاني للتجار بغلق محلاتهم والثالث خصص لخروج النساء والتظاهر أمام مختلف الهيئات والمؤسسات والسجون الفرنسية على حد قول المتحدث. وأبرز أن المظاهرة السلمية ليلة 17 أكتوبر 1961 جوبهت بـ«عنف دموي رهيب»، حيث كانت قوات الأمن الفرنسي تقتل عشوائيا وترمي بجثث الجزائريين دون تمييز في نهر السين وهم مكتوفي الأيدي ودون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال .
من جهته، تناول رئيس الجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام السيد مصطفى بودينة في شهادته السياق التاريخي والسياسي المؤدي إلى هذه الأحداث وأهم العمليات الفدائية على الأراضي الفرنسية واعتبر فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا «مشتلة حقيقية لإطارات جبهة التحرير الوطني الذين كانوا ينشطون بشكل سري وكان يصعب على الشرطة الفرنسية كشفهم نظرا لتكوينهم السياسي العالي والثقة والشجاعة التي يتحلون بها».