يجابهن آلاما مضاعفة
مريضات السرطان.. بين مطرقة الألم وسندان التخلي
- 958
الحديث عن مرض السرطان مربوط لا محالة بمختلف أنواع الألم التي تعيشها المرأة على وجه الخصوص، عند مجابهتها لهذا الداء الذي يحتل الجسم بلا مقدمات، ليستوطن في عقر الثدي، أحد أهم مقومات الأنوثة والجمال لدى المرأة، وتزيد الأمور تعقيدا عند من لا يجدن الدعم الكافي أو اللازم للتصدي للمرض، حيث أشارت بعض السيدات اللواتي تحدثت إليهن «المساء» في الصالون الوطني الأول للإعلام حول سرطان الثدي، أن آلامهن مضاعفة، فالأول عضوي بفعل الوجع والثاني نفسي بسبب نظرة المجتمع القاسية التي لا ترحم المريض، وكذا تخلي الزوج في بعض الحالات عن شريكة العمر لأنها أصيبت بالمرض. في حين حملت بعض الإجابات بشائر الرحمة لنماذج صبرت وتقبلت ووقفت إلى آخر المشوار.
«الضاوية».. ستينية وجدناها بقلب الصالون، تحاول العثور على إجابات مختلفة لأسئلتها من قبل المختصين الذين تجندوا بدورهم لذلك، تقدمت إحداهن بسؤال للمختصة عن العلاج الكيماوي وخصائصه، وفي حديثها لهفة، طمأنتها المختصة بأنها ستجيب عن كل أسئلتها، ولديها الوقت الكافي لذلك، فقالت «سامحيني يا ابنتي، صعب عليّ التحدث مع الناس بعد المرض، فقد أصبحت جد عصبية، والأولاد كل واحد منهم مشغول مع زوجته وأبنائه. أما زوجي فقال لي «لولا العشرة لسرحتك». ثم استرسلت بالقول: «الحمد لله أنا مؤمنة ورضيت بما قدر لي، لكن ما لم أتحمله هو القساوة والجفاء الذي عاملني بها زوجي وأبنائي».
ماتت ولم تر فلذات كبدها...
خلال عملية جمْعِنا لشهادات حول واقع المرأة مع السرطان، أكدت لنا ناشطة بجمعية مكافحة السرطان، أن الحالات التي تستقبلها الجمعية تدمي القلب، ومنها حالة لمريضة فارقت الحياة وهي في الـ45 سنة من عمرها، بعد صراع دام أربع سنوات مع المرض الخبيث، تم على إثره استئصال ثديها، وهو ما كان سببا في طلاقها من زوجها الذي حرمها من رؤية أبنائها فقط لأنها مريضة، وتشير المتحدثة إلى سيدة تقطن بمنطقة داخلية كانت تترجى طليقها السماح لها برؤية أطفالها، لكنه منعها من ذلك الحق، لترحل وحرقة رؤية أبنائها في قلبها.
حديث لا ينتهي مع العشيقات...
أشارت إيمان، شابة عشرينية، كانت رفقة صديقاتها، إلى أنها جاءت إلى الصالون وكلها أمل في إيجاد ما يساعد شقيقتها الكبرى على الشفاء من سرطان الثدي، الذي اكتشفت إصابتها به مؤخرا، بعدما لاحظت وجود شيء على شكل حبة حمص يابسة يؤلمها عند اللمس، تقول محدثتنا «كل شيء كان عاديا في حياة أختي، فهي متزوجة وأم لثلاثة أطفال، إلى غاية اليوم الذي اكتشفت فيه مرضها ومعه تغيرت تصرفات زوجها اتجاهها»، تقول بمرارة؛ «أول ما فعله زوج أختي المسكينة بعدما تأكد من مرضها هو إشعارها بالنقص، وأنها لا تصلح للحياة الزوجية، و رفض أهله فكرة انفصاله عنها»، وتضيف بأنه أصبح يمارس عليها عنفا معنويا جارحا من خلال الحديث إلى عشيقاته أمامها، مما زاد من آلامها وجعلها لا تحتمل البقاء في البيت، إلا أنها عادت لتحتمل الألم المضاعف بسبب حرصها على البقاء إلى جانب أبنائها، رافعة التحدي رغم الأسى الذي يعصرها يوميا، والذي نبهت المختصة النفسانية بخصوصه بأنه يمكن أن يضاعف من معاناتها العضوية.
مريضات بشار لا يعانين من التخلي
في السياق، أكدت السيدة فوزية زقارم، رئيسة جمعية «الحياة» للكشف المبكر عن سرطان الثدي والرحم ببشار، أن سرطاني الثدي والرحم يقتلان المرأة، وما يزيد من معاناة المريضات هو نقص التكفل البسيكولوجي، حيث أشارت إلى أن التكفل النفسي أساسي جدا في مجال مساعدة المريضة على الخروج من الأزمة، خاصة أنها بمرضها تفقد أعضاء أساسية، ترتبط بجمالها وبعطائها. وأضافت أن التخلي الأسري قضية غير مطروحة ببشار، وهو ما يريح المريضات. وقد ضربت مثلا على حالة خاصة كان البطل فيها شهما، وهو رجل أعجب بفتاة التقاها بالمستشفى وفاتحها برغبته في الارتباط بها، لتصارحه بأنها مبتورة الثدي، ولا تملك أية رغبة في الارتباط، إلا أنه شجعها على الموافقة، وهي الآن أم لطفلين رضعا منها وتعيش في نعمة.
المريضة تحتاج للابتسامة والتراحم الأسري
أكدت السيدة صبيحة شاكر، عضو المرصد الوطني للمرأة في حديثها لـ»المساء»، أن مريضة السرطان بحاجة للرعاية النفسية التامة من كل الجهات، انطلاقا من الطريقة التي تبلغ بها بمرضها، وصولا إلى محيطها الأسري وزملائها في العمل، مستشهدة بقول الرسول الكريم «ابتسامتك في وجه أخيك صدقة». مشيرة أيضا إلى الدور الفعال الذي يلعبه الزوج في مساعدة الزوجة على تخطي الأزمة والتماثل للشفاء. وأشارت إلى أنه يمكن التماثل للشفاء بالإيمان والتشبث بالحياة والثقة في الطبيب.