صالون الكتاب يستحضرهما

تخليد شعري لذكرى جاوت وبولنوار

تخليد شعري لذكرى جاوت وبولنوار
  • 648
 دليلة مالك دليلة مالك

ارتأى صالون الجزائر الدولي للكتاب الــ22، فتح جلسة لاستحضار الشاعرين منصور بولنوار وطاهر جاوت، فتحها كل من محمد شريف غبالو وعبد الكريم أوزغلة للحاضرين بقاعة «السيلا» في الجناح المركزي لقصر المعارض، أول أمس، وحمل اللقاء معاني النضال وانشغالات المثقف الجزائري المبدع.

 

تحدث غبالو عن الشاعر منصور بولنوار، وقال بأنه من مواليد مدينة سور الغزلان يوم 11 فيفري 1933، توقف عن الدراسة في السابعة عشر من عمره لأسباب صحية، لكنه لم يقطع علاقته بالكلمة. إبان ثورة التحرير، ناضل من أجل الحرية وسُجن سنة 1956 إلى غاية 1957، حيث تركت الثورة التحريرية الأثر العميق في نفسية منصور بولنوار، وروحه النضالية نحتت شخصيته الأدبية، يضاف إلى ذلك تأثير وضعه الصحي، كل هذه العوامل ظهرت في أعماله الشعرية. تم نشر أشعار بولنوار في ديوان أول حمل عنوان «القوة المثلى»، وقد تأسف غبالو عن عدم تمكنه من الحصول على نسخة من هذه المجموعة الشعرية، ومع ذلك، استطاع المحاضر قراءة بعض المعالم المساعدة على فهم خيارات الشاعر.

ورغم بقائه طيلة حياته في مدينته سور الغزلان، كان منصور بولنوار في تواصل دائم مع الناس، فقد عمل في مقهى، وشابه في ذلك تجربة مالك حداد، أو كاتب ياسين الذي غسل الأطباق قبل أن يصير أديبا يترجم في العديد من اللغات، بعد ذلك، التحق بولنوار بالوظيف العمومي، وعمل في مجال المالية.

من خلال قراءته للدواوين الثلاثة التي نشرتها «داليمان»، وهي «أبجدية الفضاء»، «تحت طائلة الإعدام» و»الحياة على سبيل العقوبة»، لاحظ المحاضر كيف أن الحرية صبغت كلمات الشاعر، فحينما يقول «أمشي نحو الدرة.. أين العصفور يتحدث بلغة الإنسان»، يبدو من ذلك أن الدرة هي الجزائر، والعصفور رمز الحرية.

وعلى الرغم من أن مدينة سور الغزلان أنجبت أعلاما، على غرار قدور محمصاجي وسيد أحمد سري وجمال عمراني وسيساني والهاشمي قروابي وموني براح، إلا أن بقاء منصور بولنوار في هذه المدينة، إلى جانب عدم لجوئه إلى المدن الكبرى نظرا لما توفره من إشهار وفرص للنشر والرواج، ربما يكون من بين العوامل التي حالت دون أن يشتهر اسمه كشاعر عصامي عرفه خيرة مثقفي عصره.

من جهته، تكلم عبد الكريم أوزغلة عن الطاهر جاوت على أنه عمل في مجال الإعلام والصحافة والكتابة، واختار زاوية الشعر. واختار الحديث عن جاوت شاعرا وكاتبا عن الشعر، وقال أوزغلة إن الشعر بالنسبة لجاوت يمثل الحرية، فهو وجه من وجوه الوجود الحر بالنسبة له. وفي تجربته الكتابية أو الثقافية العامة، كتب الشعر وعن الشعر.

تطرق أوزغلة للديوان الأول لجاوت «المدار المسيج بالأسلاك الشائكة»، الذي نشره سنة 1975 وعمره 21 سنة، ثم «الكلمات المهاجرة» أنطولوجيا شعرية 1984، ثم «السفينة القدرية» وأخيرا «ضغط الساعة الرملية».

الأنطولوجيا أرادها جاوت تكملة لمجهود شعري سابق قام به جان سيناك وصدرت في 1971، فيها تحدث جاوت عن حوالي 30 شاعرا نشروا ديوانا أو أكثر لم تتضمن أنطولوجيا سيناك أشعارهم. وفي أنطولوجيا جاوت نجد مختارات لعشرة شعراء منهم يوسف سبتي، رابح بلعمري، حميد ناصر خوجة، وطاهر جاوت نفسه. ومن هذه القصائد التي اختارها جاوت لنفسه وقدّر أنها تمثل تمثيلا صادقا إلى حد بعيد تجربته الشعرية، قصيدة «القصيدة السبخية» (أو المنتمية إلى فضاء المستنقعات).

الكاتب الفلسطيني حسن البلعاوي بمنصة «السيلا» ... غزة مفتاح السلام في منطقة الشرق الأوسط 

عرض الكاتب الفلسطيني حسن البلعاوي، أول أمس، تجربته في كتابة مؤلفه «غزة في كواليس الحركة الوطنية الفلسطينية»، الذي صدر باللغتين الفرنسية والعربية، ويوزع على تسعة فصول، تبدأ من تاريخ غزة القديم منذ فترة الكنعانيين، وصولا إلى أعتاب العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.

 

قال البلعاوي إن الكتاب مزيج من التاريخ المختصر والتحليل السياسي من منظور شخصي لمخاطبة الرأي العام الغربي، بهدف إيصال فكرة بسيطة مفادها أن لا سلام ولا استقرار في منطقة الشرق الأوسط وضفتي البحر الأبيض المتوسط دون تحقيق الأهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، المتمثلة في المشروع الوطني الفلسطيني، بما فيها غزة التي تشكل فقط 2٪ من مساحة فلسطين التاريخية، ومع ذلك شكلت منذ نكبة فلسطين الأولى عام 1948 الساحة الرئيسة التي تتحدد فيها ملامح المشهد السياسي الفلسطيني الذي يمتد إلى بقية المساحات الفلسطينية.

واستعرض الكتاب سريعا الحقب التاريخية التي مرت بها غزة من فترة حكم الإمبراطور ألسكندر المقدوني، وقيام مدارس فلسفية وجامعة، مرورا بالحقبة المسيحية التي تركت عدة كنائس وآثار تاريخية هامة ما زالت قائمة إلى اليوم، انتهاء بالفتح الإسلامي الذي شيد مساجد غنية بالمستوى المعماري، ومنها مسجد السيد هاشم، جد الرسول محمد الذي أعطى المدينة اسم غزة هاشم، وصولا إلى حقبة الحروب الصليبية أو حروب الفرنجة التي شهدت صلح الرملة بتوقيع القائد صلاح الدين الأيوبي مع ملك الفرنجة ريتشارد قلب الأسد.

ألقى الكتاب الضوء على إنشاء السلطة الوطنية كمرحلة جديدة في مسار الحركة الفلسطينية، تلخص في محاولة الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية. كما قدم قراءة للمعادلة الصعبة التي حكمت النظام الفلسطيني الوليد بمحاولة الانتقال من حركة تحرر وطني إلى بناء مؤسسات دولة. في ظل تجربة فريدة من نوعها في تاريخ الشعوب الواقعة تحت الاحتلال. تتمثل في إنجاز مهمتين في آن واحد؛ البناء واستكمال مهام التحرير.

تناول الكتاب اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 والتغير الجذري الذي فرضته، مرورا بحصار الرئيس ياسر عرفات واستشهاده، وقد أثر ذلك على مجمل النظام الفلسطيني، ثم انتخاب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس رئيسا، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وصولا إلى فوز حركة حماس في انتخابات الدورة الثانية للمجلس التشريعي في مطلع عام 2006.

لفت البلعاوي إلى دور جبهة التحرير الوطني إبان الاحتلال الفرنسي، الذي عمل على تدويل القضية الجزائرية على أساس أنها قضية عادلة تصبو إلى نيل الحرية والعيش تحت كرامة الاستقلال.