في انتظار مواقف منظمة التحرير والدول العربية
شهيدان آخران في مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال
- 505
تسارعت الأحداث في منطقة الشرق الأوسط بشكل لافت من دون أن تكشف عما يخفيه الغد من تطورات على خلفية القرار غير المبرر الذي اتخذه الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة.
فبعد رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس خلال جولته إلى الأراضي المحتلة الأسبوع القادم، سقط رابع شهيد فلسطيني في عملية قصف جوي إسرائيلي على قطاع غزة ضمن أول المؤشرات على تصعيد أمني قادم في الأراضي الفلسطينية.
ويكون الرئيس الفلسطيني قد حذا حذو أحمد الطيب، شيخ الأزهر أول أمس، قبل أن يتخذ بابا أقباط مصر توادروس الثاني أمس، قرارا مماثلا بقناعة أن الرئيس الأمريكي مس مشاعر ملايين العرب» وبعد أن فقدت هذه الزيارة كل معنى لها بعد هذا القرار البائس.
والمؤكد أن السلطة الفلسطينية ما كان لها أي خيار آخر سوى رفض عقد هذا اللقاء وهو أضعف الإيمان بعد أن تحدى الرئيس ترامب كل العالم وتجاوز كل الخطوط الحمراء التي رهنت إلى حد الآن تسجيل أي تقدم في عملية السلام التي أهداها الرئيس الأمريكي «قبلة وداع الموت» بقراره غير مسحوب العواقب. ويأتي قرار الرئيس عباس ساعات قبل عقد منظمة التحرير الفلسطينية اجتماعا طارئا أمس، بمدينة رام الله لبحث الموقف وتزامنا مع اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب بمقر الجامعة العربية على أمل اتخاذ قرار عربي موحد لإفشال المسعى الأمريكي. والذي لا يختلف فيه اثنان أن الرئيس ترامب، أخلط حسابات الفلسطينيين وكل العرب الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في زاوية مغلقة بما يستدعي منهم اتخاذ قرار يرقى إلى درجة خطورة المسعى الأمريكي الذي استنكرته حتى الطبقة السياسية في الولايات المتحدة والدول الغربية وكل المجموعة الدولية.
ولم ينتظر آلاف الفلسطينيين، ولليوم الثاني على التوالي بعد جمعة الغضب في الخروج إلى شوارع مختلف المدن الفلسطينية في مسيرات ضخمة للتعبير عن رفضهم لمثل هذا القرار، سواء في الضفة الغربية أو في مدن القطاع الذي سجل أمس، سقوط شهيدين اثنين آخرين ليرتفع عدد شهداء هذه الانتفاضة إلى أربعة فلسطينيين. وفي وقت وجه فيه العرب والمسلمون عينا إلى الأراضي الفلسطينية، فقد وجهوا العين الأخرى صوب القاهرة لمعرفة ما إذا كان القرار العربي سيرقى إلى درجة التنديد التي أصدرتها مختلف العواصم العربية وبكيفية تضغط بواسطتها على الإدارة الأمريكية للتراجع عن مثل هذا القرار إذا سلمنا أن القدس تبقى بالنسبة لهذه الدول القضية الجوهرية التي لا يمكن التضحية بها مهما كانت الضغوط، إذا أخذنا بتصريح عيسى قراقع رئيس جمعية الأسرى الفلسطينيين الذي وصف القرار الأمريكي بـ«الأسوأ من وعد بلفور ونكبة أخرى للشعب الفلسطيني».
وهي مسلمة تحتم على الدول العربية بأن لا يبقى قرارها رهين مصالحها مع الولايات المتحدة وتجعلها تقتنع أنه مهما كانت العلاقة معها فإنه يتعين على دولة بحجم الولايات المتحدة أن تبقى على نفس المسافة بين طرفي النزاع أو على الأقل عدم تخطى القضايا التي تغضب العرب وعلى رأسها قضية القدس الشريف.
واندلعت أمس، مواجهات عنيفة بين مئات المتظاهرين في مدينة القدس وقوات الاحتلال الإسرائيلي وفي مدن الضفة الغربية، بينما عرف قطاع غزة مسيرة ضخمة بعد تشييع جثمان أحد الشهيدين اللذين سقطا أول أمس، في غارة إسرائيلية بدعوى أنهما من مقاتلي عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مع أن تنظيما يطلق على نفسه اسم «كتائب صلاح الدين» سارع إلى إعلان مسؤوليته على ضرب أهداف في العمق الإسرائيلي مباشرة بعد قرار الرئيس الأمريكي.
وذكرت تقارير إعلامية أن تعزيزات قوات الاحتلال التي وضعت في حالة تأهب قصوى استخدمت الرصاص المطاطي والحي والغازات المسيلة للدموع لتفريقهم.