انقضاء سنة الانتخابات والأمازيغية والتمويل غير التقليدي..

مكاسب تحققت وتطلّع للمزيد

مكاسب تحققت وتطلّع للمزيد
  • 687
حنان حيمر حنان حيمر

عرفت سنة 2017 التي نودعها اليوم، حركية سياسية ملحوظة طبعها بالخصوص تنظيم موعدين انتخابيين كرّسا أبرز أحكام الدستور الجديد والقيام بتعديلين حكوميين، إضافة إلى قرارات هامة لدعم الهوية جاءت لتعزز مكانة الأمازيغية مع نهاية السنة، فيما ألقى الوضع الاقتصادي بظلاله على السنة، حيث شكل محور انشغال كبير لدى الحكومة وعامة الشعب وتطلب اتخاذ قرارات بعضها يعد سابقة في تاريخ الجزائر على غرار اللجوء إلى الاستدانة الداخلية من خلال التمويل غير التقليدي

كانت الجزائر في سنة 2017 على موعد مع عمليتين انتخابيتين الأولى خاصة بتجديد تشكيلة المجلس الشعبي الوطني بمناسبة تشريعيات الرابع ماي 2017، والثانية محليات 23 نوفمبر التي صوّت فيها المواطنون لاختيار ممثليهم على المستويين الولائي والبلدي.

وما ميّز الحدثان أنهما يعدان أول موعدين انتخابيين يجري تنظيمهما في إطار الدستور الجديد المعدل في سنة 2016، والذي أقر إجراءات جديدة تسمح بتحسين العملية الانتخابية استجابة لمطالب الأحزاب أبرزها إنشاء هيئة مستقلة عليا لمراقبة الانتخابات.

ورغم نسب المشاركة المنخفضة نسبيا التي ميّزت هذه الانتخابات، فإنها عرفت مشاركة واسعة من قبل الأحزاب السياسية التي حتى وإن عبّر بعضها عن عدم رضاه من النتائج، إلا أنها رجّحت خيار المشاركة وتخلّت عن «سياسة المقاطعة» التي غابت تقريبا عن المشهد الانتخابي وعن الخطابات السياسية.

ورغم أن حزب جبهة التحرير الوطني تمكن من التمركز أولا في التشريعيات والمحليات فإن ما ميز الموعدين الإنتخابيين هو العودة القوية لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي حقق نتائج جد ايجابية ونافس غريمه التقليدي بشراسة، لاسيما بعد أن تمكن من أن يزحزحه من الريادة خلال انتخابات التجديد الجزئي لمجلس الأمة في بداية السنة.

بعض المتتبعين لتطور الأحداث السياسية في البلاد لم يتوانوا في اعتبار عام 2017 سنة الأرندي، خاصة بعد أن عاد أمينه العام أحمد أويحيى، مجددا لقيادة الحكومة بعد تعديل حكومي ثان خلال السنة تم بموجبه استبدال الوزير الأول عبد المجيد تبون، بعد ثلاثة أشهر فقط من تعيينه في هذا المنصب خلال تعديل حكومي أول جرى في 24 ماي وخلف بموجبه تبون الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال، في حكومة ما بعد التشريعيات التي ميّزها تعيين وزير للسياحة لمدة 48 ساعة قبل إقالته.

في ظل هذه التطورات اضطر البرلمان الجديد والأول في إطار الدستور الجديد للمناقشة والمصادقة على مخططي حكومة في ظرف أشهر قليلة، وخلق ذلك حالة من الجدل الواسع بين الموالين والمعارضين في أولى الاستعراضات للنواب الجدد الذين يوجد بينهم عدد هام من رجال الأعمال على غير العادة.

وجاء التقارب المسجل بين رجال الأعمال والسياسيين في ظل استمرار صعوبة الوضع الاقتصادي، حيث كانت 2017 سنة «التمويل غير التقليدي» بامتياز على المستوى الاقتصادي بعد قرار حكومة أويحيى، اللجوء إلى تعديل قانون النّقد والقرض للتمكن من الاقتراض من بنك الجزائر لدفع ديون الدولة المستحقة لدى بعض الشركات وكذا تمويل مشاريع وحتى دفع رواتب الموظفين، وذلك كخيار أقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، كإجراء سيادي تم تفضيله عن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية «حفاظا على السيادة الوطنية في اتخاذ القرارات»، مثلما أكدت عليه الحكومة المنشغلة بمهمة تنويع الموارد في ظل التدنّي الملحوظ في احتياطات الصرف التي نزلت لأول مرة منذ سنوات تحت مستوى 100 مليار دولار، في وقت لم تحقق الإجراءات المتخذة لتقليص الواردات وتعزيز الصادرات خارج المحروقات نتائجها المرجوة.

القطيعة مع رخص الاستيراد والسيارات المستوردة

وتعد 2017 السنة التي تقرر فيها إحداث قطيعة نهائية مع رخص الاستيراد التي وضعت في 2015 وتعويضها بقائمة من الممنوعات تتضمن أكثر من 800 منتج لن يتم استيرادها في 2018.

وبعد أن عاشت الجزائر أياما بدون سيارات (في إطار حماية البيئة)، فإنها هذه المرة عرفت «سنة بدون سيارات مستوردة»، حيث لم يتم استيراد أي سيارة في 2017 التي تميزت بإقامة عدد من مصانع تركيب السيارات التي دخل أغلبها في الإنتاج.

وسيكون أمام المواطن الفرصة لاقتناء هذه السيارات عبر قروض تقليدية وأخرى مطابقة للشريعة الإسلامية تبعا لقرار الحكومة في 2017 بتوفير «منتجات إسلامية» على مستوى البنوك العمومية التي ستتعزز في العام المقبل. كما تم الإعلان عن فتح بنوك لأول مرة في الخارج لتمكين الجزائريين من أبناء الجالية من الإسهام في التنمية الوطنية.

ورغم الصعوبات المالية الراهنة فإن عودة انتعاش أسعار النّفط ولو نسبيا في الأسواق العالمية بعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط بتمديد اتفاق خفض الإنتاج إلى نهاية سنة 2018، خلق جوا من التفاؤل باعتبار أن المحروقات تبقى أهم مورد مالي لبلادنا.

لكن انشغالات أخرى تطرح في قطاع الطاقة أهمها تراجع الإنتاج الجزائري من الغاز منذ 2014، وهي التي تعد من أهم مموني أوروبا، ومع نهاية مدة عقود الغاز وبداية المفاوضات حول العقود الجديدة فإن قدرة الجزائر على الاستجابة للطلب الداخلي والخارجي معا يفرض بصفة حتمية رفع الإنتاج، بمضاعفة جهود الاستثمار في الاستكشاف والاستغلال وهو مادفع الحكومة إلى الحديث عن مراجعة قانون الاستثمارات في القطاع وكذا الذهاب نحو استغلال الغاز الصخري.

«يناير» عيدا وطنيا وإطلاق أول قمر للاتصالات

وإذا كان التخوف من استغلال الغاز الصخري ترجمته الاحتجاجات التي قادها سكان الجنوب ضد هذا الخيار، فإن الحل للاحتجاجات التي عرفتها بعض ولايات الوطن مؤخرا حول مسألة  ترقية اللغة الأمازيغية عرفت مخرجا ايجابيا بعد القرار التاريخي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بإعلان «يناير» عطلة مدفوعة الأجر والدعوة إلى الإسراع في إصدار القانون العضوي الخاص باستحداث الأكاديمية الجزائرية للغة الأمازيغية وترقية استخدامها التدريجي.

ولأن السكن هو الآخر من أبرز انشغالات المواطن الجزائري، ولطالما شكل انشغالا كبيرا للسلطات العمومية أيضا فإنه من الإجحاف إنكار وإغفال ما تحقق من مكاسب في هذا المجال، حتى أنه يمكن القول بأن السنة التي نودّعها جلبت الفرحة لآلاف المواطنين الذين تمكنوا من الحصول على سكنات إجتماعية بعد عمليات ترحيل متعددة وتسليم مفاتيح في إطار صيغتي «عدل» و»أل بي بي».

وتم في 2017 توزيع أكثر من 234 ألف وحدة سكنية، وبلغت قيمة مصاريف قطاع السكن 491 مليار دينارا، 47 بالمائة منها خصصت لصيغة السكن العمومي الايجاري بـ231 مليار دينار و170 مليار دينار (35 بالمائة) لصيغة البيع بالإيجار(عدل).   

ومن بين الأحداث التي تفتخر بها الجزائر والجزائريون عامة وتجسدت في 2017، إطلاق أول قمر اصطناعي جزائري للاتصالات بالتعاون مع الصين، وهو ما سيسمح لبلادنا بتحسين مستوى الاتصالات وتدفق الانترنيت.

وعلى الصعيد الدبلوماسي كانت الجزائر مجددا في الموعد لإعلان التضامن والدعم اللامشروط مع الشعب الفلسطيني تكريسا لشعار «مع فلسطين ظالمة أو مظلومة»، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل، والذي ندد به الجزائريون عبر مسيرات ووقفات احتجاجية مكنت الشعب من التعبير مرة أخرى عن موقفه الراسخ من القضية الفلسطينية، كما تحركت الآلة الدبلوماسية لتحشد دعم أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد القرار وهو ما تكلل بنجاح ساحق.  

 

ـــــــــــــــــــ حنان حيمر ــــــ