حرمان الأطفال منها قد يؤدي إلى نتائج عكسية

دعوة الأولياء إلى مجاراة استعمال وسائط الاتصال عوض تحريمها

دعوة الأولياء إلى مجاراة استعمال وسائط الاتصال عوض تحريمها
  • 494
❊حنان. س ❊حنان. س

دعا المتدخلون خلال ندوة تربوية حول "مخاطر الأنترنت على الفرد والمجتمع" المنظمة ببومرداس، الأولياء لأن يعايشوا عصر أبنائهم المُتسم بتعدد وسائط التكنولوجيا الذكية، ومنه تعدّد مواقع التواصل الاجتماعي، وقالوا بأنه لا يجب حرمان أطفالهم من التكنولوجيا الحديثة، وإنما التعامل حيالها بذكاء، بتحديد كيفية استعمالها والمراقبة المتواصلة، وأعطوا رقما بوجود أزيد من 30 مليون جزائري مستخدم لمنصات التواصل الاجتماعي من مختلف الأعمار، مما يحتم مضاعفة التوعية حيال استخدامها الآمن.

حول إشكالية "كيف نتعامل إيجابيا مع وسائل التواصل الاجتماعي؟"، قدم الدكتور يونس قرار، استشاري في تكنولوجيات الإعلام والاتصال مؤخرا، محاضرة تربوية شدت إليها انتباه التلاميذ من مختلف الأعمار بالمركز الثقافي الإسلامي لبومرداس، حيث تفاعل التلاميذ مع الأسئلة التي طرحها المحاضر، وكانت تصب مجملا حول كيفية استعمال التقنيات الحديثة. أكد المحاضر أن مجمل تلك الأسئلة لم تكن لتجد لها أجوبة قبل عشر سنوات، وبأنها بعد عشر سنوات أخرى ستعرف إجابات جديدة، لأن التكنولوجيا في تطور مذهل فرض على العالم التأقلم معها.

في السياق، دعا الاستشاري كافة الأولياء إلى مجاراة عصر أبنائهم والابتعاد عن أسلوب التحريم الذي قد تنجر عنه نتائج عكسية، وقال "التكنولوجيا الحديثة فرضت نفسها، ومن المستحيل العودة إلى الوراء والعيش على هامش العصر". مضيفا أن الحديث عبر العالم يتمّ حول مضاعفة تدفق الأنترنت لتتجاوز حدود الألف ميغابايت. هذا واقع فرضته السرعة التي أصبحت عملة مشاعة، وأضحى صناع التكنولوجيا العالميون يجارونها رغما عنهم، ودليله العمل على أن توضع الشريحة الإلكترونية بجسم الإنسان وليس بالهاتف الذكي، "كوننا سنصل إلى وقت لا يكون أمام الفرد وقت لاستعمال هاتفه الذكي للاتصال أو تنزيل الملفات والصور وغيرها، هذا التطور يقابله أيضا تطور آخر مذهل في شبكات التواصل الاجتماعي، ولابد من استقراء الوضع لحماية الفرد والمجتمع من أخطارها".

في السياق، أوضح المحاضر وجود ملياري شخص عبر العالم يستخدمون الفايسبوك، و150 رسالة إلكترونية (إيمايل) ترسل كل دقيقة عبر العالم، ويتم مشاهدة 25 مليون فيديو في الدقيقة الواحدة، وأضحت التجارة الإلكترونية تدر ملايين الدولارات في الدقيقة الواحدة، هذا التطور مفروض ومحتوم، جعل الجزائر اليوم تسجل 21 مليون مستخدملشبكة الفايسبوك، ومعدل استخدام هذه المنصة الاجتماعية في حدود 3 ساعات يوميا للجزائري الواحد، بعده يسجل اليوتوب 10 ملايين مستخدم في الوطن، يأتي بعده 5 ملايين مستخدم بالنسبة للأنستغرام، ومليوني مستخدم في تويتر ومليون مستخدم عبر لينكدن.

هذه الأرقام اعتبرها المحاضر "في تزايد مستمر يحتم على الجميع العمل على تحسيس الأجيال باستمرار حول مخاطر الاستعمال السلبي للأنترنت"، معتبرا لعبة "الحوت الأزرق" التي أدت ببعض الأطفال والمراهقين مؤخرا إلى الانتحار، أحد أهم تلك السلبيات،  والواجب استشراف مخاطر أخرى قد تظهر بين الفينة والأخرى، لأن صناعة التكنولوجيا لا تهدأ ولا تتوقف.

من جهته، اعتبر ممثل أمن ولاية بومرداس، الملازم أول للشرطة عمر قرباب في تدخله، أن حماية الأطفال من خطر الأنترنت مهمة الجميع، من أسرة ومدرسة ومساجد، من خلال التوعية المستمرة، وأكد أن معالجة الجرائم الإلكترونية في تزايد بفضل انتشار الوعي وتقدم الضحايا بتقييد الشكاوى. وأضاف أن الجريمة الإلكترونية تتنوّع بين التهديد والابتزاز بالتشهير، إلى رسائل مجهولة مفادها أن  المتلقي ربح في إحدى المسابقات دون أن يشارك فيها، وحتى يتمكّن من تلقي الهدية عليه إرسال معطيات شخصية "وهذا نوع من الاحتيال، حيث يقوم المُرسل بعدها بقرصنة كل المعلومات، ثم ابتزاز الأشخاص"، يقول المتدخل في الندوة التربوية، ناصحا الأجيال بعدم قبول طلبات الصداقة عبر الفايسبوك من أشخاص مجهولين، مؤكدا أن عمليات السرقة تأقلمت هي الأخرى مع هذه الشبكة، وذكر قضية عالجها أمن الولاية مؤخرا تخص طفلا (11 سنة) كان يتواصل مع جارٍ له عبر الفايسبوك، وهو يعتقد أنه طفل من أقرانه، ثم أعطى الطفل كل المعلومات لذلك الجار عن المنزل وتحركات أهله، إلى أن وقعوا كلهم ضحية سرقة من طرف الشخص نفسه.

قضية أخرى عالجتها مصالح الأمن، تتعلق بفتاة تعرفت على شاب عبر الموقع، ثم تطورت المحادثة إلى تبادل أرقام الهاتف، وبعدها إلى اللقاءات الشخصية، ثم تبادل الصور وتسجيلات الفيديو.. إلى الابتزاز والتهديد بالتشهير بالفتاة عبر الأنترنت، مما أدى بالفتاة إلى الانصياع ودفع مبلغ كبير يصل إلى أربعة آلاف أورو (300 مليون سنتيم)، إلى أن تقدمت بشكوى لمصالح الأمن من أجل إنقاذ نفسها. وهو ما أدى بالمتحدث إلى مطالبة التلاميذ والشباب بتوخي الحذر أمام التعامل بالتكنولوجيا الحديثة، التي تحمل في المقابل إيجابيات كثيرة، منها سرعة التواصل وإجراء البحوث وحتى تسهيل الحياة اليومية للأفراد عن طريق تسديد مختلف الفواتير بضغطة

حنان. س