ندوة تحسيسية حول حوادث المرور تقترح:

عرض السائق على مختص نفسي

عرض  السائق على مختص نفسي
  • 4340
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

دعا المشاركون في الندوة التحسيسية حول حوادث المرور، التي احتضنها المركز الثقافي الإسلامي مؤخرا، إلى ضرورة التعجيل في إجراء دراسة نفسية حول سلوكات السائق الجزائري الذي يعشق السرعة في القيادة، التي تعتبر العامل الأول وراء ارتفاع حصيلة حوادث المرور في الجزائر، مشيرين إلى أن الجزائر تحصي سنويا أكثر من 4 آلاف قتيل، وهو رقم كبير يتطلّب تكاثف الجهود للحد من ظاهرة طغت فيها الحوادث الجماعية.

تحدث في بداية الندوة رابح زواري، رئيس دائرة الاتصال بمديرية الأمن العمومي، عن إشكالية حوادث المرور في الجزائر، حيث أشار إلى أن مثل هذه الندوات تسمح في كل مرة بإعادة طرح إشكالية إرهاب الطرق في الجزائر،  والبحث في الأسباب الخفية التي تجعلها تسجل في كل مرة ارتفاعا رغم الجهود المبذولة، موضحا في السياق أن أهم ما ينبغي التركيز عليه، التحلي بمجموعة القيم من خلال المراهنة على الجانب السلوكي حتى تتم مواجهة الإشكالات التي تتسبب في وقوع الحوادث، لتأتي الضوابط القانونية بمثابة المكمل الذي يتكفل بتهذيب هذه السلوكيات.

من جهة أخرى، يرى المتحدث أن الإشكال الحقيقي الذي ينبغي أن يطرح اليوم، والذي يعتبر العامل الرئيس في ارتفاع حوادث المرور هو السرعة، ونتساءل ـ يقول  ـ «لما يختار الجزائري السرعة عند قيادة المركبة رغم أنها قاتلة»؟ ومن هنا يجيب «تظهر أهمية إخضاع السائق الجزائري لدراسة نفسية وسلوكية لمستعملي الطريق». بالمناسبة أشار إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني في إطار سياستها الوقائية، تدعم مثل هذه الدراسات التشاركية للرقي إلى ما يسمى بالحكمة المرورية المبنية على الاستثمار في رأس المال البشري. أكد المحاضر أن معالجة إشكالية حوادث المرور تعتمد على ثلاث ركائز أساسية تبنتها المديرية العامة للأمن الوطني، تتمثل في التركيز على الإجراءات الوقائية المبنية على التوعية والتحسيس، والإجراءات الميدانية المدعمة بتكنولوجيات المعلومة والاتصال، والإجراءات القانونية لمواجهة التحديات، مشيرا إلى أن لغة الأرقام اليوم تلعب دورا بارزا في إعطاء المؤشرات حول أسباب ارتفاع معدلات حوادث المرور، حيث تشير الحصيلة السنوية بالمناطق الحضرية لسنة 2017، إلى تسجيل 15335 حادثا مروريا مخلفا 18112 جريحا و726 حالة وفاة. موضحا أن القراءة التقييمية مع سنة 2016، تكشف عن تسجيل تراجع في عدد حوادث المرور بانخفاض 126 حالة وانخفاض في عدد الجرحى بـ190 حالة، وارتفاع في معدل الوفيات بـ5.83 بالمائة.

الأسباب الرئيسية لارتفاع حصيلة حوادث المرور، أرجعها المحاضر إلى العنصر البشري بالدرجة الأولى، ودعا بالمناسبة إلى التركيز على ضرورة التكوين والسعي في سبيل بلوغ ما يسمى بالسائق المحترف، إلى جانب المراهنة على المراقبة التقنية للسيارات ومراقبة الوكالات المعنية بالرقابة، يقول «دون أن ننسى سلامة الطريق التي تلعب دورا كبيرا أيضا في ارتفاع معدلات حوادث المرور».

4 آلاف قتيل سنويا.. الرقم المرعب

من جهته، أعرب المحاضر رابح بن محي الدين، المكلف بالإعلام على مستوى المديرية العامة للحماية المدنية، عن أسفه لارتفاع حصيلة حوادث المرور في الجزائر، وهو ما تعكسه ـ يقول ـ الأرقام المسجلة التي تشير إلى إحصاء أزيد من 4 آلاف قتيل سنويا و60 ألف جريح و2000 معاق، مشيرا إلى أن هذه الأرقام المرعبة لابد أن يحسب لها ألف حساب، خاصة أن الدراسات تشير إلى أن أغلب حوادث المرور يتسبب فيها العامل البشري بنسبة 68 بالمائة، وأن الفئة المسؤولة عن هذه الحوادث هم الشباب، نتيجة الإفراط في السرعة والتجاوز الخطير وعدم احترام قانون المرور.

أزيد من 4 آلاف قتيل رقم كبير ـ كما يشير المحاضر ـ ويدعو إلى التفكير بصورة جدية من خلال البحث عن حلول تخفض من معدل الحوادث، وهذا العمل ـ طبعا ـ لا يتم على المدى القصير، وإنما يتطلب تظافر الجهود للوصول إلى تسجيل صفر حوادث في اليوم على الأقل، من خلال التحلي بروح المسؤولية، مشيرا إلى أن البحث اليوم في الأسباب لمعالجة الظاهرة لا ينبغي أن ينطلق من إحصاء الولايات التي تكثر فيها حوادث السير، ويشرح؛ فمثلا من بين الولايات التي تحتل المراتب الأولى؛ ولاية سطيف، لكن عند البحث في هوية المتسبب في الحادث نجد بأنه ينتمي إلى ولاية أخرى، مما يعني أن البحث لا بد أن يكون معمقا لأن حوادث المرور اليوم تتطلب إجراء فحص ودراسة علمية للوصول إلى الولايات المعنية، فقد تكون الولاية غير مصنفة في مجال ارتفاع حوادث المرور، لكن المتسببين في الحوادث أغلبهم منها.

من جهة أخرى، أشار المحاضر إلى أن ضعف الحملات التحسيسة وعدم مبالاة المواطنين بالأبواب المفتوحة، دفع بمديرية الحماية المدنية إلى التفكير في حلول جديدة لمعالجة الظاهرة من خلال استهداف المساجد، مشيرا إلى أنّ التجربة أثبتت أن التوعية في المساجد من خلال خطب الجمعة، سمحت بتحسيس أكثر من 6 آلاف مواطن في اليوم، ناهيك عن أنها تمس كل الشرائح.

12 بالمائة من الحوادث سببها الدراجات النارية

أرجع ممثل المركز الوطني للأمن عبر الطرق لدى تدخله، ارتفاع حوادث المرور بالدرجة الأولى إلى العامل البشري، ودعا إلى ضرورة إخضاع السائقين لمختصين نفسانيين من أجل دراسة سلوكهم، لاسيما أن السرعة هي المتسبب الرئيسي في ارتفاع حوادث المرور. مشيرا إلى أن المركز الوطني للأمن ونظير المجهودات التي يبذلها في الميدان منذ سنوات التسعينات، ينتظر أن يتحول في الأيام القلية القادمة من مجرد مركز إلى مندوبية وطنية بمهام أوسع وصلاحيات أكبر في مجال الوقاية والأمن عبر الطرق.

من جهة أخرى، تحدث المحاضر عن مشروع ينتظر أن يبدأ المركز الوطني في دراسته، ويتعلق الأمر بتأمين المدارس بمختلف الهياكل التي تقود إلى تحقيق السلامية المرورية، كالحرص مثلا على توفير الأرصفة والإشارات المرورية، مشيرا إلى أن هذا المشروع يدخل في إطار تعزيز ثقافة الطفل المرورية.

رشيدة بلال