بن محي الدين وبويشرين بالمركز الإسلامي:

رفع الوعي المجتمعي يحمي الثروة الغابية

رفع الوعي المجتمعي يحمي الثروة الغابية
  • 986
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

أحيا المركز الثقافي الإسلامي مؤخرا، اليوم العالمي للغابة، بتنظيم محاضرة تحت عنوان «الثروة الغابية تحديات ورهانات»، نشطها الرائد رابح بن محي الدين المكلف بالاتصال بالمديرية العامة للحماية المدنية، والسيد عبد القادر بويشرين رئيس المكتب الولائي للمنتدى الجزائري لحقوق الإنسان والبيئة، اللذان ألحّا على ضرورة الاهتمام أكثر بالثروة الغابية من خلال رفع الوعي المجتمعي، بالنظر إلى ما تشير إليه الإحصائيات التي تكشف عن إتلاف أزيد من 25 ألف هكتار بفعل الحرائق.

اختار الرائد بن محي الدين في بداية محاضرته، الحديث بلغة الأرقام لكشف فظاعة الاعتداءات التي تطال الثروة الغابية، حيث أشار في معرض حديثه إلى أن مصالح الحماية المدنية سجلت السنة الماضية 25 ألف هكتار من الغابات التي تم إتلافها بفعل الحرائق، بينما سُجّل إتلاف 156 شجرة مثمرة، و13 ألف هكتار من القمح و11 ألف نخلة. موضحا أنه بعملية حسابية بسيطة، يقول «نجد 25 ألف هكتار، وهو رقم جد مرتفع، لأن الغابة تعني الأوكسجين، فهذا يقودنا إلى التأكيد على أننا نضيع كمية كبيرة من الأوكسجين التي تعني الحياة»، مردفا «أشجار الزيتون هي الأخرى لم تسلم، حيث تم إتلاف 156 ألف شجرة، وإذا علمنا أن الشجرة الواحدة تعطينا من 16 إلى 22 لترا من الزيت، فإن السؤال الذي يطرح؛ ما حجم الخسائر التي تم تسجيلها في مادة الزيت؟ وهو ما يدعونا إلى التأكيد على أن إتلاف الثروة الغابية يكبد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة».

من جهة أخرى، أرجع المحاضر أسباب ما يحدث للغابات من كوارث إلى العامل البشري بالدرجة الأولى، وقال «هناك أشخاص، لغرض شخصي  أو بسبب غياب الثقافة، يقومون بإتلاف الغابات»، ولمواجهة إهمال الإنسان وحماية الغابات، بادرت الحماية المدنية إلى تدعيم وحداتها بـ15 فرقة  خاصة بالتدخل لتأمين الغابات من الحرائق بعد إجراء دراسة عما تم تسجيله السنة الماضية، والوقوف على عدم تلبية 15 فرقة لحجم الخسائر، حيث تم التوجه لتعزيز التغطية بمعدل 37 فرقة بهدف التدخل السريع،   تشرع في العمل في صيف 2018، بما في ذلك التدخّل عن طريق المروحيات، وهي التجربة التي لقيت نجاحا في ولاية الطارف.

«ما نحن بحاجة إليه، حسب المحاضر، للوصول إلى اكتساب ثقافة بيئة؛ إقناع المواطن بأهمية الغرس، هذا التصرف البسيط من شأنه أن يحافظ على الثروة الغابية التي تسير في مجتمعنا نحو الزوال، بسبب جهل وعدم مبالاة المواطنين». بالمناسبة، دعا أفراد المجتمع إلى تقليد بعض الدول الأجنبية التي تبادر عندما ترزق بمولود جديد، إلى غرس شجرة تحمل اسمه، مشيرا إلى أن الدولة في السنوات الأخيرة انتبهت إلى ما يتهدد الثروة الغابية، وتمت المطالبة بإعادة الاعتبار للسد الأخضر، وهي الفكرة التي يجري تشجيعها في كل الولايات.

المجتمع المدني مدعو إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة

من جهته، سلط المحاضر بويشرين الضوء ـ لدى تدخله ـ على الدور الذي لعبته الغابات إبان الاحتلال الفرنسي، حيث أشار إلى أنها شكلت حصنا  ودرعا واقيا ومساهما في إنجاح الثورة التحريرية، مشيرا إلى أنه رغم ما تمثله الغابة كأحد أهم المصادر الاقتصادية التي تعود بالربح والفائدة على  الفرد والاقتصاد الوطني، إلا أنها سجلت في السنوات الأخيرة بالجزائر تراجعا كبيرا، لعدة أسباب أهمها يشرح «التغيرات المناخية التي تتقاسمها الجزائر مع باقي دول العام، إلى جانب العامل البشري ممثلا في الحرائق والتصحر والحرث والرعي العشوائي.

أشار المحاضر إلى أن الحاجة للحد من هدر والاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية في العالم، تجعل المجتمع الدولي يعيد صياغة منطوقات أسست  لمفاهيم قيّمة من أجل حماية البيئة والتنمية البشرية التي جاءت في مؤتمر  ستوكهولم 1972، هذه المحطة التي أسست لمفهوم التنمية المستدامة عام 1987، والتي مفادها الاعتماد في أبعاد التنمية على الأبعاد الثلاثة «البعد الاقتصادي والبيئي والاجتماعي»، مشيرا إلى أنه بعد جملة من التغيرات في برامج الأمم المتحدة، انبثق عنه برنامج أهداف التنمية المستدامة لسنة 2015 /2030، شاركت فيه الجزائر من خلال التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

حول الجهود التي يبذلها المنتدى في مجال الدفاع عن البيئة، أكد  المحاضر أن المنتدى الجزائري لحقوق الإنسان والبيئة، يعمل على متابعة تنفيذ أهداف التمنية، بالتنسيق مع السلطات العمومية، في إطار عمل تشاركي، من خلال التحسيس والتكوين والاستعانة بالخبراء والأخصائيين  لدفع وتفعيل تطبيق كل الإجراءات الكفيلة بحماية الثروة الغابية والبيئة عموما.

عرج المحاضر على الحديث عن الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يتضمن «حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها، وإدارة الغابات على نحو مستدام ومكافحة التصحر ووقف التدهور. مشيرا إلى أن أهم مقاصد هذا الهدف، ضمان حفظ وترميم  النظم الإيكولوجية البرية، لاسيما الغابات والأراضي الرطبة والجبال  والأراضي الجافة، ومكافحة التصحر وترميم الأراضي المتدهورة من الفيضانات وضمان حفظ النظم الإيكولوجية الجبلية. وأخيرا اتخاذ إجراءات عاجلة تحد من تدهور الموارد الطبيعية.

في السياق، أشار المحاضر إلى الدور الجوهري الذي يفترض أن يلعبه المجتمع المدني في تحقيق التنمية بصفة عامة، والتنمية المستدامة بصفة خاصة، انطلاقا من تطور مفهوم التنمية المستدامة التي تعنى بتحقيق التوازن بين الجانب البيئي والاقتصادي والاجتماعي، ومن هنا يقول «أصبحت الحاجة إلى المجتمع المدني ومنظماته تهدف إلى المساهمة في حل المشكلات ونشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع».

رشيدة بلال