بن صالح يجدد مواقف الجزائر في القمة العربية:

آن الأوان لنرقى بأدائنا إلى مستوى التحديات

آن الأوان لنرقى بأدائنا إلى مستوى التحديات
  • 1699
❊ حنان.ح   ❊ حنان.ح

دعا رئيس مجلس الأمة، ممثل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في القمة العربية الـ29 الجارية أشغالها بالظهران في المملكة العربية السعودية، الدول العربية إلى الرقي بأدائها إلى "مستوى ما يحيط بأمتنا من مخاطر وتحديات"، معتبرا أنه من الضروري الوعي بأن "ما ينتظرنا قد يكون أكثر سوءا وأقل رحمة بأمننا واستقرار أوطاننا". وهو ما دفعه للتشديد على أهمية "مراجعة النفس والتحلي بالشجاعة والجرأة" لتقديم الحلول المناسبة، لاسيما أنه اعتبر بأن اجتماع القمة يأتي "وحال الوطن العربي لا يسر ولا يبعث على التفاؤل، لما بلغه من تدهور وترد في مختلف مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية".

وتأسف السيد عبد القادر بن صالح في الكلمة التي وجهها إلى القادة العرب كون النتائج المحققة على ضوء ما تم التوصل إليه في الاجتماعات السابقة "لم تكن في مستوى الآمال والطموحات"، مذكرا باتفاق المجتمعين على بذل كل ما في وسعهم لـ«مواجهة المخاطر المحيطة بدولنا، وتسريع وتيرة حل الأزمات وإطفاء نار الفتنة التي تعصف بأمتنا العربية".

بل إن ممثل رئيس الجمهورية ذهب بعيدا في انتقاده لعمل الجامعة، عندما أشار إلى أن ما تم إنجازه "منذ بدء مسيرة العمل العربي المشترك"، لايرقى إلى ما تتمناه شعوبنا، وهو مايبرزه عدم التوصل بعد إلى "إصلاح منظومتنا المشتركة والخروج برؤية إستراتيجية موحدة تبعث الروح في العمل العربي المشترك قصد التكفل بمختلف قضايانا المصيرية السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية"، فضلا عن "حشد الطاقات لتجاوز التحديات وتخطي الصعاب، لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب الأعمى والتصدي للفكر المتطرف الضال وانتشار التنظيمات الإرهابية في مختلف أنحاء وطننا العربي والتكفل بآمال شعوبنا في التنمية والرقي والتطور والتكامل الاقتصادي والثقافي".

وهو ما جعله يؤكد على أن الظروف التي تمر بها منطقتنا العربية والعالم "تقتضي منا تعضيد قوة وأمن واستقرار دولنا، وتعزيز التضامن بين دولنا وشعوبنا وتجاوز الخلافات وكذا إصلاح جامعتنا العربية، بشكل يسمح لها بأن تلعب دورها كاملا ويسمع صوتها في المحافل الدولية وتجد الحلول اللازمة للنزاعات، عوض أن تفرض عليها هذه الحلول من الخارج".

وتضمنت كلمة ممثل الجزائر بالخصوص تحليلا لما يحدث بكل من فلسطين وليبيا وسوريا واليمن، إذ جدد السيد بن صالح التذكير بمواقف الجزائر الثابتة بشأن الوضع في هذه البلدان، بدء بـ«القضية المركزية" للأمة العربية وهي القضية الفلسطينية، حيث اعتبر أن الأخيرة "تتعرض لمحاولات آثمة للإجهاز عليها والنيل من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967، طبقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام"، مجددا رفض الجزائر لإقدام الإدارة الأمريكية على الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل.

وبخصوص الأزمة في ليبيا، دعا إلى تكثيف العمل من أجل تعزيز الحل السياسي والسلمي، بعيدا عن كافة التدخلات الأجنبية. وأشاد باتفاق المصالحة الذي تم مؤخرا بين مدينتي الزنتان ومصراتة، وقال إنه "مسار نأمل أن يشمل كل ربوع هذا البلد الشقيق بين كل أطيافه لتحقيق المصالحة والوفاق الوطنيين"، بعيدا عن "كل تدخل أجنبي لصالح جيش موحد تحت سلطة مدنية قادرة على الحفاظ على الأمن والوحدة الترابية لليبيا ومكافحة الإرهاب".

وبالنسبة لسوريا، فإن السيد بن صالح أعرب عن انشغال الجزائر العميق إزاء التصعيد الذي عرفته الأوضاع في سوريا وتداعياته على الشعب السوري وعلى أمن واستقرار المنطقة ككل، مؤكدا على ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل سياسي سلمي لإنهاء الأزمة.

ولدى تطرقه للوضع في اليمن، ناشد الفرقاء اليمنيين طي صفحة الاقتتال وتبني الحوار والحل السياسي والمصالحة كأساس لإنهاء هذه الأزمة، معبرا عن الأمل في أن تفضي المشاورات والاتصالات التي يقودها المبعوث الأممي إلى بعث الحوار والتفاوض بين جميع الأطراف للوصول إلى حل سياسي توافقي يلبي طموحات الشعب اليمني الشقيق.

وأفرد السيد بن صالح جزءا هاما من خطابه للقمّة إلى موضوع الإرهاب ومكافحته، إذ قال إن الانتصارات المحققة مؤخرا على الإرهاب في المنطقة "لا يجب أن تنسينا الحذر والحيطة، فهذه الآفة لم تنته بعد، فعودة المقاتلين الأجانب وانتقال الجماعات الارهابية إلى مناطق أخرى جديدة، تستدعي مواصلة اليقظة وحشد الطاقات وتكاتف الجهود والتنسيق مع المجتمع الدولي من أجل مواجهتها بأساليب ناجعة وفعّالة". كما طالب بالالتزام الصارم بمنع تمويل الإرهاب، ومحاربة رديفاته من فكر متطرف، وتفش للجريمة المنظمة العابرة للحدود بكل أشكالها وغيرها من الآفات والمظاهر السلبية، مذكرا بأن ذلك ما نبه إليه رئيس الجمهورية في رسالته التي وجهها إلى الدورة الـ 35 لوزراء الداخلية العرب، المنعقد في الجزائر شهر مارس الماضي.

من جهة أخرى، حيا إقرار عقد قمة ثقافية ـ عربية، مشيرا إلى أنها ستتيح "الإسهام في تحقيق نقلة نوعية ثقافية وحضارية للمواطن العربي" وكذا مواجهة كل أشكال العنصرية والتطرف والكراهية.

للإشارة، فإن وزير الخارجية عبد القادر مساهل اعتبر في حوار مع جريدة "الرياض" السعودية، أن القمة العربية تنعقد في ظرف "جد حساس"، قائلا إنه "لم تعرف أمتنا العربية تحديات بالحدة والخطورة التي تعرفهما اليوم". وأكد حرص الجزائر على التئام الصف العربي، وإيمانها العميق بأن الحلول للأزمات التي تعصف بأمتنا لا يمكن إلا أن تكون سلمية بعيدا عن التدخلات الأجنبية.

كما شدد على "ضرورة القيام بإصلاحات عميقة داخل منظومتنا العربية، حتى تتمكن من التأقلم مع الأوضاع الراهنة جهويا ودوليا وتجد حلولا عربية لخلافاتها وأزماتها حتى لا تفرض عليها الحلول من الخارج". 

وحول النتائج المرتقبة من هذه القمة، أشار إلى أنه يأمل أن تشكل هذه القمة منعطفا جديدا في طريقة معالجة الأزمات التي تعرقل مسار العمل العربي المشترك ومواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الأمة، ولاسيما تنامي أفكار التطرف العنيف وتفشي ظاهرة الإرهاب.