البرلمان الكوبي ينتخب غدا رئيسا جديدا للبلاد

نهاية عهد آل كاسترو في جزيرة الحرية

نهاية عهد آل كاسترو في جزيرة الحرية
  • 1888
ق.د ق.د

يعقد البرلمان الكوبي اليوم وغدا جلسة علنية لانتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفا للرئيس المنتهية عهدته، راؤول كاسترو، تزامنا مع الذكرى التاسعة والخمسين لانتصار الثورة الكوبية سنة 1959.

ويؤدي 645 نائبا الذين تم انتخابهم خلال الانتخابات العامة التي جرت يوم 11 مارس الماضي، اليمين الدستورية اليوم قبل أن يقوموا بانتخاب وبشكل سري ومباشر، الأعضاء الـ31 لمجلس الدولة، وانتخاب رئيس جديد ونوابه يوم غد الخميس. وحسب مصادر رسمية كوبية، فإن كل المؤشرات تؤكد انتخاب دياز ميغال كانيل، خلفا للرئيس كاسترو ليكون أول رئيس يحكم كوبا من خارج عائلة كاسترو التي تربعت على كرسي رئاسة جزيرة الحرية منذ انهيار نظام الديكتاتور باتيستا قبل ستين عاما.

وقرر الرئيس راؤول كاسترو البالغ من العمر 86 عاما الانسحاب من الحياة السياسية في جزيرة الحرية بعد 12 سنة قضاها رئيسا لهذا البلد الصغير في منطقة الكاريبي حيث خلف شقيقه الأكبر، الرئيس الراحل، فيدال كاسترو الذي استقال هو الآخر من منصبه لأسباب صحية بعد 49 عاما من الحكم.

وكان دياز ميغال كانيل البالغ من العمر 57 عاما والأوفر حظا لتولي مقاليد السلطة في كوبا قد تعهد في تصريحات سابقة بـ«ضمان الاستمرارية في بناء وصون الاشتراكية» في كوبا.وستكون جلسة البرلمان الكوبي «تاريخية» بأتم معنى الكلمة كونها ستتمخض ليس عن انتخاب رئيس جديد للبلاد ولكن انتخاب مجلس رئاسي يرشحه الكثير من المتتبعين لأن يغير من التوجهات السياسية التي ميزت حكم عائلة «آل كاسترو» طيلة ستة عقود وجعلت جزيرة كوبا في قلب أسخن فترات الصراع بين قطبي الحرب الباردة منذ ستينيات القرن الماضي وبلغت أوجه مع أزمة خليج الخنازير التي كادت أن تؤدي إلى أول حرب نووية بين الولايات المتحدة ودولة الاتحاد السوفياتي المنهارة.

وبنظر الكثير من المتتبعين للمشهد السياسي الكوبي، فإن دياز ميغال كانيل، سيكون أول رئيس يحكم كوبا لم يخرج من تحت عباءة الجيش الكوبي، حيث ساعده في ذلك صعوده اللافت في مناصب المسؤولية بعيدا عن الأضواء منذ أن جعل منه الرئيس راؤول كاسترو ساعده الأيمن منذ الانتخابات الرئاسية لسنة 2013 وفهم الجميع أنه سيكون خليفته في قصر الرئاسة الكوبية.

وإذا كان الجميع يتوقعون انفتاحا في الحياة السياسية الكوبية إلا أن ذلك سيتم في إطار الاستمرارية وبكيفية تجعل الانتقال السياسي في أحد آخر الأنظمة الشيوعية في العالم سلسا ودون قلاقل بدليل أن الرئيس كاسترو ورغم انسحابه من واجهة السلطة في هافانا، فإن عينه ستبقى ساهرة على صيرورة الحياة السياسية وخاصة أنه سيبقى الأمين العام للحزب الشيوعي إلى غاية سنة 2021.

وإذا كان هذا الأخير سيسهر على الجوانب الإيديولوجية للسياسة العامة في كوبا، فإن خليفته سيسهر على تنفيذ سياسة الحكومة وآليات الانتقال من اقتصاد اشتراكي تجاوزه الزمن إلى اقتصاد متفتح ضمن سياق التحولات الاقتصادية العالمية التي فرضت نفسها بانتهاء نظام القطبين في العالم.

والمؤكد أن الرئيس الجديد للبلاد سيركز كل جهده من أجل التخفيف من حجم العقوبات الاقتصادية والضغوطات التي تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة لفرضها على نظام انتهج سياسة عداء معلنة ضدها، رغم محدودية مداخليه وصعوبة التكيف مع معطيات واقع إقليمي متقلب بسبب رياح الانقلابات العسكرية التي عرفتها مختلف الأنظمة في دول الأمريكيتين إلى غاية نهاية ثمانينيات القرن الماضي.   وإذا كان الكوبيون لا ينتظرون تغييرات جوهرية سريعة على طبيعة وتوجهات نظام الحكم في بلادهم، فإنهم سيتأكدون أن رئيسهم الجديد لم يبلغ بعد عتبة الستين عاما كما أنه ليس من جيل الثوريين الذين أطاحوا بأعتى ديكتاتورية في أمريكا اللاتينية ولم يرتد بدلة الجيش النظامي الكوبي والأكثر من ذلك، فإنه ليس أمينا عاما للحزب الشيوعي الذي حكم البلاد منذ سنة 1961 والأمل سيبقى معلقا عليه من أجل إحداث التغيير المنشود.