نشر صور موائد الإفطار منهي عنه

نشر صور موائد الإفطار منهي عنه
  • 2183
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ دخول الشهر الفضيل، إلى مساحة إشهارية  لعرض ما لذ وطاب من أطباق تتنافس ربات البيوت على التباهي بأفضلها، من خلال حجم ما تحويه موائدهن من أنواع وأصناف مختلفة من الأطعمة، هذا التصرف دفع ببعض النشطاء إلى رفضه كونه يجرح مشاعر العائلات غير القادرة على تنويع موائدها وكذا على المرضى الممنوعين من تناول بعض الأطعمة.

يربط الكثيرون وخاصة ربات البيوت شهر رمضان بالأكل، حيث يكون التركيز على طبخ وتجريب عدد من الوصفات الجديدة التي تتفنن مختلف البرامج التلفزيونية في عرضها، كما يشكل رمضان فرصة للفتيات لدخول المطبخ وتعلم بعض الأطباق وعند النجاح في تحضير أكلة ما، يتم مباشرة تصوريها وعرضها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بغرض التباهي ورصد عدد من اللايكات، غير أن ما تغفل عنه ربات البيوت أو القائمات على هذا التصرف هو أن مثل هذه الأفعال تسيء إلى حد كبير للعائلات غير القادرة على التنويع في مائدتها أو التي لا تملك قوت يومها، الأمر الذي يفتح باب التباهي والمفاخرة التي نهانا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعن هذه الظاهرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بفعل التطور التكنولوجي، تحدّثت المساء إلى الإمام عبد الكريم سعدودي أستاذ بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة، الذي استدل في بداية حديثه بالمثل الجزائري القديم الذي يقول كول ودرّق... وللا كول وفرق، بمعنى من لا يرغب في مقاسمة غيره ما يملك عليه أن يخفي ما يملك، وإن كان العكس يظهره ـ يقول الملاحظ أيضا قديما أنّ المواطنين عندما يشترون حاجياتهم يعتمدون على القفة المزودة بغطاء حتى لا يظهر محتوى المشتريات وبالتالي لا يتم التأثير على الفئة غير القادرة على الشراء، وبالتالي الستر مطلوب.. وفي معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أنه إن طبخ طعام وانتشرت رائحته على صاحب المنزل أن يوزّع من الطعام على جاره، لأنه قد يشتهي ما طبخ.

ومع التطور التكنولوجي أصبح الترويج لمختلف ما تحويه الموائد الرمضانية التي تعرف بالكثرة والتنوع، الأمر الذي يفتح باب التأثير النفسي خاصة بالنسبة للفئة المريضة أو التي لا تملك الإمكانيات لتنويع المائدة، مشيرا إلى أنّ هذا التصرّف منهى عنه شرعا لأنه يدخل في التباهي والتفاخر سواء تعلق الأمر باللباس أو الأكل أو أي شيء آخر.

من جهة أخرى، أشار محدثنا إلى أنّ الأصل في الأعمال النية، فإن كانت نية من يصور أكلة معينة هو توزيع الوصفة على الراغبات في التعلم، فهذا تصرف جائز، ويؤكد وأنا أرفض فكرة النشر لأنها تدخل في باب المفاخرة، كما أنها تسيء لصيام الصائم وتنقص من أجره، وكذا تعتبر من الأفعال التي تخالف تقاليدنا وعاداتنا مشيرا إلى أنه يفترض على ربات البيوت، عوض التفرغ لالتقاط الصور لمختلف أطباقهن وعرضها  والاطلاع على ما حصدته من نسبة مشاهدة، الأولى بهن أن يستثمرن هذا الوقت في  قراءة القرآن إذ يفترض أننا في رمضان، لا نملك مطلقا الوقت بسبب كثرة العبادات، مرجعا تفشي مثل هذه التصرفات إلى ضعف الوازع الديني.. وفي هذا الإطار استدل يقول بقوله تعالى وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، والأصل أن التنافس يكون في الأمور الدينية وليس بالانسياق وراء بعض الممارسات التي تنقص من أجرهم.

«لا ضرر ولا ضرار

من جهته، أكد الإمام موسى زروق أنّ من مقاصد الصيام أن يشعر الصائم بما يشعر به غيره من الذين لا يجدون قوة يومهم، غير أن ما يحدث اليوم هو العكس، حيث يزيدون من خلال هذه التصرفات من معاناتهم بالتباهي بما لديهم، ولعل من أكثر الأمور الغريبة والعجيبة التي بلغت مسامعنا يقول بعض النسوة يجددن دائما أطباق المائدة الرمضانية في الوقت الذي لا يجد فيه آخرون ما يضعون في صحونهم ليفطروا أو يتسحروا، ويردف بالتالي المطلوب أن يؤثر الصيام في الصائم من خلال تذكر الفقراء والمساكين، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تفطير الصائمين، وفي هذا دعوة إلى التعاون والتواصل الإيجابي، أما التباهي بألوان الطعام ونشرها على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي فهو تصرف منبوذ ونستدل في ذلك بالقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار، مشيرا إلى أن المولى عز وجل نهى عن إيذاء النفس البشرية ومثل هذه التصرفات فيها من الإيذاء ما فيها خاصة في شهر كشهر الصيام.

رشيدة بلال