فضاء معبق بالعادات والتقاليد
- 1043
يعد سوق الرحبة العتيق الذي يتوسّط المدينة القديمة بباتنة مقصد السيدات خلال الشهر الفضيل، لاقتناء حاجيات ومستلزمات المطبخ، إذ يوفر على مدار السنة كل المتطلبات، كما تعرض به عديد المواد الخاصة بتحضير أطباق رمضان كالتوابل والفريك والمواد الاستهلاكية الأخرى كالزبيب والبرقوق المجفف.
رغم الزحام الذي يعرفه ممر السوق الذي لا يتعدى الستين مترا ويحتشد فيه الباعة في دكاكين صغيرة لا تتعدى مساحتها في غالب الأحيان 3 أمتار مربعة، إلا أن التجار أبدعوا في عرض المواد التي تجلب الزبون خاصة السيدات اللواتي يحرصن على إحياء العادات والتقاليد الموروثة في تحضير الأطباق، خاصة وأن العديد منها قد تلاشت أو هي آيلة للزوال، بعد انتشار وسائل الطبخ العصرية التي قلصت من وظائف الأواني الفخارية التقليدية.
في هذا الشأن، تقول السيدة عائشة (70 سنة)، كانت بصدد اقتناء بعض حاجياتها بهذه السوق، إن للتطور دور في زوال عادات وتقاليد المنطقة، لكن بنسب متفاوتة لدى العائلات التي لازالت تحافظ على تقاليدها، خصوصا في هذا الشهر الفضيل. وقد عبرت عن امتعاضها من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية مقارنة بسنوات مضت، مستدلة بالفريك الذي ارتفع سعره هذه السنة إلى 300 دج، والبرقوق إلى 500 دينارا للكيلوغرام، وهو ما وقفت عليه "المساء" خلال زيارتها، إذ قفز سعر رأس الحانوت من 400 إلى 600 دينارا للكيلوغرام، والسانوج المحلي المطلوب بكثرة في هذه السوق بالنظر إلى جودته العالية، من 600 دينارا للكيلوغرام الواحد، إلى 1000دج، بينما استقر سعر المستورد عند 400 دينارا للكيلوغرام، أما المرمز، فقد انتقل من 200 دينار إلى 300 دينار للكيلوغرام، أما القصبر المرحي فقد بلغ سعره 600 دينار للكيلوغرام، أما الفلفل المرحي الذي يسوق وينتج بزريبة الوادي والمعروف بجودته العالية، فقد قفز إلى 1000 دينار للكيلوغرام، ودقلة نور بـ600 دينار، وحبة حلاوة بـ 1500دج والزبيب ارتفع سعره إلى 1000دج، الكمون والكروية بنفس المبلغ 1500دج.
واعتبر الحاج أحمد كاشة صاحب محل بسوق الرحبة، وهو من أقدم تجاره، أنّ ارتفاع الأسعار يعدّ أمرا طبيعيا نظرا لطبيعة التوابل المستوردة في غالب الأحيان من الهند والباكستان، واسترجع الحاج كاشة خوالي الأيام التي صنعت مجد هذه السوق التي كانت في وقت قريب تقتصر عروضها على التوابل المحلية من البسباس المحلي ذي الجودة العالية، وتوابل تونس التي كانت جد مطلوبة من ربات البيوت لجودة نوعيتها. وأشار كاشة إلى أنّ كلّ تجار سوق الرحبة يعملون طيلة الشهر الفضيل والأيام التي تسبق التحضيرات له لضمان الجودة والنوعية في عرض التوابل المختلفة، وبأسعار يراها مقبولة، مقارنة بباقي السلع الأخرى والخضروات التي ارتفعت بشكل ملفت خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل.
وغير بعيد عن عبق التوابل، تتشكل طوابير تلقائية للفضوليين أو بغرض اقتناء الأواني الفخارية التقليدية التي تعتبر فخر المنطقة، ويفضّل الكثير من النسوة إعداد "الجاري" فيها، وإلى جانب ذلك انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع "الكسرة"، بالقرب من سوق الرحبة، بسعر يتراوح بين 60 و80 دينارا للخبزة، فضلا عن انتشار باعة الألبان وكسرة الشعير التي يطلبها الزبائن بكثرة.
❊ع.بزاعي