‘’المساء” ترافق الدرك في يوم رمضاني
تحسيس بمخاطر الطريق.. بنكهة تضامنية
- 1791
نظمت المجموعة الإقليمية للدرك الوطني لولاية بومرداس، حملة تحسيسية للتوعية بحوادث المرور والحد من استعمال السرعة، لاسيما قبيل آذان الإفطار. شملت الحملة عدة نقاط على مستوى حواجز أمنية بكل من بلديات حمادي، بومرداس وزموري، واستهدفت بعد الإفطار وسط بلدية تيجلابين وغابة قورصو، لتوعية المواطنين والعائلات بأهمية السلامة الأمنية عموما. كانت لـ«المساء”، فرصة مرافقة القافلة ومشاركة عناصر الدرك وجبة الإفطار.
انطلقت القافلة التحسيسية من مقر قيادة المجموعة الإقليمية للدرك الوطني مساء يوم الخميس المنصرم على الساعة السادسة، وبعد 20 دقيقة، وصلت إلى سد موايسية ببلدية حمادي على الطريق السيار شرق-غرب، على مستوى الطريق الاجتنابي (أ/1) الرابط بين ولايتي بومرداس والجزائر، ومباشرة شرع عناصر الدرك في إيقاف بعض السائقين والعمل على توعيتهم عن طريق إبراز أهمية التقليل من السرعة، لاسيما قبيل الإفطار، من باب المحافظة على النفس والعودة إلى الأهل سالمين. اتفق أغلب المواطنين ممن تم إيقافهم أن التذكير المستمر بإيجابيات السياقة الحذرة شيء جيد، ومنهم من اعتبر أن الحواجز الأمنية المنتشرة هنا وهناك ”تشعره بالأمن لأنه تذكير حتمي للتقليل من السرعة”، تقول سائقة كانت برفقة أهلها قادمة من ولاية البويرة، متحدثة لـ«المساء”، وأضافت أنها لا تتعدى 90 كلم/سا على الطريق، مذكرة بالمثل الشعبي القائل ”أللي خاف سلم”، وأكد سائق آخر أن ”خسارة دقائق أحسن من خسارة الحياة”، وهو الذي كان يقود شاحنة من الوزن الثقيل، بينما اعترف سائق آخر باستعماله السرعة، مؤكدا خطورة الأمر، وحجته في ذلك ”قدمه” في السياقة وعدم تعرضه لأي حادث، رغم ذلك قال بأن السياقة الحذرة تجنب خسارة الأرواح.
تراجع الحوادث المميتة بـ34٪
يشهد الطريق السيار حركة مرورية كثيفة خلال رمضان، خاصة في أواخر النهار وقبيل الإفطار، حيث يسارع السائقون إلى الوصول إلى وجهاتهم بغية مقاسمة الأهل الإفطار، وهو ما قد يتسبب في تعرضهم لحوادث مرورية، مثلما تم تسجيله في أول يوم من رمضان الجاري على مستوى منطقة ”أولاد والي” ببلدية الأربعطاش، عند وفاة أربعيني بسبب السرعة، ويشير الملازم أول ياحي حبيب، من خلية الاتصال بالمجموعة الإقليمية للدرك الوطني، متحدثا لـ«المساء”، على هامش إطلاق الحملة. مبرزا أن العمل التوعوي ما زال متواصلا، وقال بأن المواطن في ولاية بومرداس بدأ يكتسب نوعا من الثقافة المرورية التي تساهم بشكل كبير في التقليل من حوادث السير، ودليله انخفاض عدد الحوادث خلال الـ15 يوما الأولى من رمضان، التي عرفت تراجعا بحوالي 34٪ عن نفس الفترة لرمضان السنة الماضية، كما أن نفس الفترة من رمضان 2017، عرفت تسجيل أربعة حوادث مميتة، بينما سجل حادث مميت واحد في رمضان الجاري، أي بانخفاض ناقص 75٪، ”وهذا أمر مشجع جدا”، يقول المتحدث، مرجعا ذلك إلى المخطط الأمني الخاص المسطر من طرف القيادة لتأمين رمضان بتجنيد كل الوحدات والتشكيلات الأمنية، واعتماد نظام عمل يسمح بالتغطية الأمنية الشاملة، خاصة خلال أوقات الذروة والأوقات التي تشهد حركة مرورية كثيفة، والفترات المسائية التي تعرف إقبالا كبيرا على الأسواق وأماكن العبادة والترفيه.
بومرداس تحصي عدة نقاط سوداء
من جهة أخرى، قال المتحدث بأن الدرك، بالتنسيق مع مصالح الأشغال العمومية والنقل لولاية بومرداس، أجرى دراسة معمّقة خلال الثلاثي الأوّل من السنة الجارية بغية الوقوف على أهم النقاط السوداء المسجلة لحوادث المرور، واتّخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الأرواح، وأظهرت النتائج الأولية أنّ العامل البشري وراء الحوادث بسبب الاستعمال المفرط للسرعة. كما أشار إلى أن منطقة ”أولاد والي” بالأربعطاش، تبقى على رأس قائمة النقاط السوداء في إقليم الاختصاص، فيما يتعلق بتسجيل حوادث مرور مميتة، تضاف إليها كل من حوش الخشبة وحي بارني على مستوى السيار شرق-غرب، ونقطة أخرى على مستوى بلدية تيجلابين على (ط.و/5) الرابط بين العاصمة وبومرداس، بسبب اهتراء الطريق، بالإضافة إلى تسجيل نقاط سوداء أخرى على مستوى منعرجات ومنحدرات بلدية عمّال. مؤكدا في المقابل، بأن احترام قانون المرور وعدم استعمال السرعة وتفادي التجاوزات الخطيرة كفيل بالحفاظ على سلامة السائقين.
من جهته، قال المساعد نصر الدين عابد، على مستوى حاجز موايسية، بأن من مهام عناصر الدرك الأساسية، التوعية المستمرة بأهمية السياقة الحذرة والمسؤولة. وقال بأن أغلب الجزائريين يطيلون السهر في ليالي رمضان ولا يعطون أجسامهم حق الراحة والنوم، ثم يستيقظون في اليوم الموالي للعمل أو غيره، وهو ما يعرضهم لخطر النوم وراء المقود، وأبرز أن عدم توقف السائقين في أماكن الراحة الموزعة على الطرق السيارة، مفضلين الإسراع لبلوغ مقاصدهم، يعرضهم للتعب المفرط وفقدان التركيز والنعاس، وهي عناصر خطيرة كثيرا ما تكون سببا في وقوع حوادث المرور.
ثاني نقطة قصدتها القافلة، كانت على مستوى حاجز القارص بالمدخل الجنوبي لمدينة بومرداس، حيث تم نصب جهاز رادار بسيارة مموهة أوقف على إثره عدة سائقين بسبب تعدي السرعة القانونية المسموح بها (80). واعترف أغلب السائقين بخطئهم، وحجتهم الرغبة في الوصول إلى المنزل قبل آذان المغرب ومشاركة الأهل الإفطار، وقالوا بأن خلو الطريق من ازدحام السيارات في أواخر النهار ”دافع محفز” لاستعمال السرعة، رغم ما قد ينجر عن ذلك من حوادث قد تكون مميتة أو تسبب إعاقات وعاهات دائمة. حسبما أدلى به بعض السائقين من مختلف الشرائح العمرية. لكن ما لمسناه بعد مغادرة هؤلاء للحاجز الأمني لا ينم عن أية مسؤولية، حيث عمد أغلبهم إلى استعمال السرعة المفرطة مباشرة بعد الخروج من الحاجز، كأن ما قيل لهم قبيل لحظات لا يعنيهم..
لحظات تضامنية بنكهة رمضانية
بعد ذلك، توجهنا إلى سد مفترق الطرق بمدخل زموري البحري، وشاركنا عناصر الدرك الإفطار على تمرات وحليب وماء، وكان تأمين الطريق أكثر شيء يشد عناصر الحاجز، حيث كانوا يسارعون إلى إيقاف كل سائق أدركه آذان الإفطار وهو في الطريق، ليوزعوا عليه حبات تمر وشربة ماء، دون إغفال توعيته بأهمية السياقة بحذر ليصل إلى أهله سالما. وبدأت حركة المرور تتناقص إلى أن هدأت تماما، آذنة للقافلة أن تتوجه صوب إقامة للدرك بغابة زموري البحري ومقاسمتهم وجبة الإفطار.
أضفت الألفة بين عناصر الدرك على المكان نكهة رمضانية خاصة، حيث اجتمع أفراد عدة وحدات رفقة رجال الإعلام ودار بينهم حديث كسر الروتين. تحدث بعض أصحاب البذلة الخضراء إلى ”المساء”، عن الحنين لتمضية بعض الأيام الرمضانية وسط الأهل، لكنهم سرعان ما أكدوا أن ”الواجب الوطني يحتم عليهم الصبر أمام كل المواقف”.. ثم راح كل فرد يحدثنا عن تقاليد مائدة الإفطار الخاصة بمنطقته، حيث جالسنا عناصر من ولايات غليزان ووهران وتلمسان وعنابة، وأخذنا نستمع من هذا وذاك كيف تختلف تسميات الأكلات والأطباق وتتوحد في كون رمضان فرصة عظيمة للتآخي والصبر، والتأكيد على أن حب الوطن من الإيمان.. نشير هنا إلى تلك الصورة التضامنية الرائعة من رجال الدرك الذين كانوا لحظتها بمنازلهم خارج أوقات دوامهم الرسمي، لما سمعوا بوجود وفد إعلامي يشارك الإفطار مع زملائهم بالإقامة، سارعوا إلى الطلب منا الالتحاق بموائدهم ومقاسمة آهاليهم الإفطار، وأصروا وألحوا إلحاحا شديدا، لكنهم خيبوا أمام المائدة المتنوعة التي حضرت خصيصا للوفد. وكانت فترة الإفطار وجيزة، لأن الواجب المهني كان مستمرا، حيث توجه كل عنصر صوب فرقته الخاصة للانطلاق في مهام أخرى تعنى بتأمين الأفراد والممتلكات إلى ساعات الصباح الأولى.
انطلاق مخطط ”دلفين”
في الموضوع، أكد الملازم أول حبيب ياحي، أنه تمت برمجة فرق خاصة لتأمين دور العبادة التي تشهد إقبالا ملحوظا لأداء التراويح، إضافة إلى تأمين خاص للأسواق التي تجلب لها الزبائن في الفترات الليلية، لاسيما في أواخر أيام الشهر الفضيل. كما برمج تأمين خاص بأماكن الترفيه، ومنه غابة قورصو التي تعرف توافدا ملحوظا من طرف العائلات، كما لوحظ بفضل الأجواء اللطيفة لقربها من شاطئ البحر، ووجود عدة محلات تجارية تعرض المثلجات، إلى جانب توافد الأطفال على فضاءات اللعب المنصبة بالغابة للمرح.
للإشارة، انطلق مخطط دلفين لتأمين موسم الاصطياف ببومرداس، يوم الجمعة الفاتح جوان الجاري، وتم تسخير كل الوحدات التابعة للمجموعة الإقليمية لولاية بومرداس، إلى جانب الاستعانة بفرق تابعة للقيادة الجهوية الأولى، ومنه فرق ولايات البويرة، المدية، الجلفة والمسيلة، وحتى من هياكل التكوين لمدرسة الشرطة القضائية بيسر في ولاية بومرداس، أو من مدرسة ضباط الصف لخميس مليانة بولاية عين الدفلى، من أجل دعم تأمين الأفراد والممتلكات..
حنان.س