الزربية الجزائرية

تراث أصيل بحاجة إلى التفاتة

تراث أصيل بحاجة إلى التفاتة
  • 4591
❊ مبعوثة «المساء» إلى غرداية / أحلام محي الدين ❊ مبعوثة «المساء» إلى غرداية / أحلام محي الدين

استطاعت الزربية التقليدية الجزائرية على اختلاف مناطقها وأشكالها ورموزها وألوانها، أن تحتل أماكن  كثيرة داخل البيوت وفي الخيمات، كما صاحبت الأجانب لبيوتهم في مختلف بقاع الأرض، نظرا لخاصيتها الجمالية وتفاني صانعاتها في عرضها في لوحات غاية في الإبداع والجاذبية، تحاكي من خلالها الزمان والمكان والبيئة التي ننتمي إليها، إذ يكفي أن تقع عين الناظر على بعض الرموز الموزعة عليها ليعرف إن كانت غرداوية، نموشية، أغواطية أو قبائلية، فلكل منطقة خصوصياتها وما يطبعها. ”المساء” تحدثت إلى العديد من الحرفين والحرفيات عن خاصية الزربية في العديد من مناطق الوطن، والموشحة بشتى الأشكال والرموز وكذا المشاكل التي يتخبط فيها الحرفيون، وعلى رأسها نقص المادة الأولية ومشكل التسويق، إلى جانب عزوف الفتيات ببعض مناطق الوطن عن تعلم هذه الحرفة، مما يشكل خطرا مستقبليا عليها، وهي التي تعد تراثا ماديا وعلامة هوية ورفاهية لمنطقة جغرافية.

الزربية فخر البيوت الجزائرية

كانت ولا زالت الزربية التقليدية فخر البيوت الجزائرية، خاصة في المناطق الداخلية التي تظل تدرجها ضمن جهاز العروس لتزين بها بيتها، وغالبا ما تكون من صنع أهل البيت من السيدات اللواتي يجتمعن حول المنسج لحياكة زربية ترافق الابنة إلى بيت الزوجية، تحمل في طياتها الدلال والحب الكبير للبنت والأماني لها بالاستقرار وصنع القرار في البيت الذي زفت إليه. والآن بات الحرص كبيرا على الحفاظ على هذا الإرث من قبل السيدات، خاصة في منطقة غرداية لأنها تشكل موردا اقتصاديا يساعد المرأة على التصدي لمتاعب الحياة، متحملة في نفس الوقت مشقة حياكة الزربية التي تتطلب الكثير من الجهد والصبر والوقت لإتمام ما بدأته من خيط ركب على المنسج، حيث أكدت لـ «المساء» بعض الحرفيات أن هناك  بعض الزربيات التي يحتجن لمدة ثلاثة أو ستة  أشهر كاملة لإكمالها.

حرص على حفظ الإرث

تحرص السلطات المحلية بولاية غرداية على الحفاظ على هذا الإرث الكبير، حيث أكد والي غرداية السيد مشري في تصريح لـ ”المساء”، أن عيد الزربية في طبعته الخمسين هذه السنة، كان مميزا بسبب الحضور المكثف للمواطنين والسياح الأجانب، داعيا إلى التعريف بهذا الموروث الثقافي والشعبي الذي صار ينافس المنتوجات العالمية، على غرار الإيرانية والتركية، مضيفا أن بعض الحرفيات الناشطات في هذا المجال يعانين من غياب أماكن التصنيع والمادة الأولية. وأشار إلى أنه بصدد استرجاع محلات الرئيس التي لم يعمل بها أصحابها، لإعطائها للحرفيين الذين سيتلقون المساعدة من السلطات وهيئات الدعم والمرافقة، كـ”أونساج”، وأضاف  أن عملا كبيرا ينتظر الحرفيين في هذا المجال.

جمعيات تحمل المشعل 

أكد السيد «البشير.ب»، رئيس جمعية ”المحافظة على التراث والتبادل الثقافي”  للسوق العتيق بغرداية، أن جمعيته حديثة النشأة، تعمل بكل ما أوتيت من قوة للحفاظ على الحرف التقليدية للمنطقة سواء بتشجيع الحرفيين على صناعتها أو بعرضها على زوار المنطقة من الأجانب والسياح المحليين يقول: ”خلال شهر سبتمبر، قمنا بحملة تنظيف للسوق بهدف استقطاب السياح والضيوف الذين يقصدون ساحته ، حتى يتسنى لهم التعرف بوضوح على جماليات المشغولات اليدوية للحرفين بالمنطقة، ومنها الزربية التي تكتسي شهرة عالمية    منذ القدم، لهذا أحرص كحرفي على تحسين منتوج الزربية من خلال عرض الأجود لينال إعجاب السياح”، مضيفا في السياق أن الجمعية تستقبلهم في  الأماكن المهمة في الولاية لتعريفهم بخاصيتها، وما فيها من إرث كالقصر العتيق أو ببني يزقن والغابة”.

من جهته، أشار لقمان بوغالي بن صالح من قصر بني يزقن، ممثل جمعية ”تافسلت أوغلان” التي ترأسها السيدة نادية عمي موسى، إلى أن الجمعية شاركت مؤخرا في فعاليات عيد الزربية الذي احتضنه قصر المعارض بغرداية في الطبعة الخمسين، بعرض زربية بني يزقن، لمساعدة السيدات والفتيات الماكثات في البيت على بيع منتوجاتهن وتشجيعهن على الاستمرار في هذا المجال، موضحا أيضا أن الجمعية التي تأسست سنة 2013، شاركت أيضا في معرض بمالي وحازت على المرتبة الأولى، مضيفا أن معروضاتهم من الزربيات والحنابل تباينت في الأشكال والأحجام والرسوم المختلفة، فمنها ما هو خاص بغرفة العريس وأخرى لزينة الصالة، ومنها ما يوضع في ردهة البيت إلى جانب الصغيرة منها التي تستعمل كلوحات لتزيين الجدران.   


رئيسة جمعية ”التنمية والتضامن لمساعدة المرأة”:

الأشكال والرموز تعكس نفسية المرأة

أكدت السيدة جمعة بلخضر، رئيسة جمعية ”التنمية والتضامن لمساعدة المرأة” بالجنوب، أنها تحرص على تعليم الفتيات الجامعيات بغرداية، فن النسيج خلال عطلهن بغرض حفظ هذا الإرث الكبير. مشيرة في نفس الوقت إلى أن الأشكال والرموز التي تحملها الزربية تعكس نفسية المرأة وتحاكي ما تشعر به خلال فترة النسيج.

أشارت السيدة بلخضر إلى أنها مدافع قوي عن الزربية التي أمضت عمرا طويلا في صناعتها منذ الطفولة، كما شاركت في العديد من المعارض عبر ولايات الوطن، وهي تحرص الآن، ومنذ تأسيس الجمعية التي ترأسها  عام 2015، على تعليمها للفتيات، تقول: ”لقد شاركت في عدة طبعات لعيد الزربية الذي يفرح به الحرفيون كثيرا، فقد انشغلت بها منذ الطفولة إلى الآن، فالنسيج بالنسبة لي هواية أعشقها، وهو إرث تركته الجدات والأمهات، فهي أمانة وأنا أحرص على حفظها من خلال تعليم البنات هذه الحرفة خلال عطلهن الجامعية”.

فيما يتعلق بخاصية الزربية الغرداوية، قالت محدثتنا: ”يوجد منها نوعان؛  زربية النيلة والعظم. فأما ميزة زربية النيلة فهي الرسوم التي تطبعها، ومنها المقص والمائدة والقلم الذي يرمز إلى العلم، والعقرب الموجود في المنطقة، وكذا  الجديان وهي من الأنعام، ترمز هذه الرسوم المحاكة إلى مشاكل المرأة، وتعبر من عن نفسيتها”، تشرح ”فمثلا رمز الزبروج يعبر عن عدم التوافق بين الزوجين وعن صد الزوج لزوجته، أما القلم، فيشير إلى الطفل أو الابنة التي تدرس. كما ترمز الطاولة للملة الأسرية، و«مرش العطر” للأفراح، أما الخلالة  فترمز للنسيج.

أشارت السيدة جمعة التي كانت بصدد نسج سجاد صغير الحجم، وهي تحدثنا إلى أنها لا تجد أي مشكل في صناعة الزربية، لأن توظف المال الذي تبيع به منتوجاتها تشتري به المادة الأولية، لكنها أشارت إلى أن المشكل يكمن في عدم وجود أسواق خاصة بعرض المنتوجات خارج المعارض المعروفة.    


سعيدة عوف رئيسة جمعية ”الوئام والسلام” لبني يزقن

قمنا بتصاميم جديدة  لكن نشكو غلاء المادة الأولية

عرضت السيدة سعيدة عوف  رئيسة جمعية ”الوئام والسلام” لبني يزقن، بجناحها في معرض الزربية، أشكالا وأنواعا مختلفة من الزرابي التي حيكت بطريقة فنية تسر الناظرين، وتعكس بدورها عبقرية الجزائرية التي أبدعت بدقة متناهية بأناملها الرفيعة، التي تغازل المنسج والخيط والقرداش لتصنع أجمل اللوحات التي تعد كنزا تراثيا عبر الأجيال، وموردا اقتصاديا تعتمده المرأة للعيش وإعالة أفراد عائلتها.

أكدت السيدة عوف في معرض حديثها لـ”المساء”، أنها شاركت في العديد من التظاهرات الثقافية في مختلف مناطق الوطن، للتعريف بالإرث العريق الذي تتميز به بني يزقن في مجال نسج الزرابي التي تطبعها الدقة وجماليات الألوان، على غرار احتفالية يناير بتيزي وزو، إلى جانب المشاركة في المعارض التي تقام خارج الوطن، والتي بفعلها يتعرف الأجانب على الذوق الراقي للمرأة الجزائرية في تزاوج الألوان والأشكال والرسوم الهندسية.

أشارت رئيسة جمعية ”الوئام والسلام”، إلى أنها تحرص على إظهار جهود السيدات الميزابيات في حفظ الإرث التقليدي من خلال مساعدتهن على عرض منتوجاتهن في المعارض، تقول: ”الجمعية مكونة من حرفيات كلهن ماكثات في البيت ويعملن في المنسج والصناعة التقليدية، طريقتنا في تصريف منتوجاتهن للسوق هي المعارض التي نشارك  فيها داخل و خارج الوطن، حيث أشرف على عملية بيع المنتوج وإعطائهن حقوقهن المادية بعد البيع، إلا أننا نتمنى أن نلقى المساعدة من السلطات المحلية، بفتح أماكن للتسويق حتى يتسنى لهن بيعها وكذا حفظ هذه الحرف ونقلها للأجيال، خاصة و أن الكثيرات يرغبن في تعليم الفتيات هذه الفنون، ونحن نفتقر لمراكز التكوين، وقد فتحت لهن بيتي لهذا الغرض وأنجزت فيه ورشة لأشجعهن على العمل”.

فيما يخص المشغولات التي تصنعها السيدات من أكسسوارات مرافقة للزربية،  قالت محدثتنا: ”في السابق، كنا نرفق الزربية أو الفرش بالوسائد أو ”المخايد” الكبيرة، والآن وسعنا تشكيلة الزينة إلى الزرابي الصغيرة على شكل لوحات تعلق على الجدران، إلى جانب قطع أخرى مربعة أو مستطيلة الشكل، وشخصيا تخصصت في زربية الرقمة، على اعتبار أنها جد مطلوبة وجميلة الشكل”.   

عن المشاكل التي تعترض طريق الحرفيات، قالت السيدة عوف: ”أن الزبون يشتكي غلاء السلع المعروضة رغم جمالها ودقة صنعها، وهو معذور، لأننا أيضا نشكو غلاء المادة الأولية، لهذا نتمنى أن يكون سعرها مقبولا حتى يتسنى لنا الشراء والصناعة ومنه البيع بأسعار في المتناول”.


حورية صايفي  حرفية النسيج التقليدي:

الغرداوية مطلوبة من قبل الأجانب بقوة

أكدت الحرفية في النسج التقليدي، حورية صايفي، في تصريح لـ”المساء”، أنها مازالت تحرص في عملها على طبع الرموز القديمة للحفاظ على تراث الزربية الغرداوية الأصيل، التي يطلبها الأجانب بقوة، في الوقت الذي لا يهتم بها ولا يطلبها أهل البلد.

أضافت الحرفية صايفي، أنها تصنع الزرابي بأحجام وأشكال مختلفة، خاصة الكبيرة منها التي تزين صالات الجلوس وتبرز مهارة المرأة في النسيج الذي يعتبر فخرا للمرأة الصحراوية. مشيرة إلى أن الزربية في السابق كانت بلونين       هما الأسود والأحمر ، إلا أنها الآن اكتست كل الألوان، مما يجعلها تحرص على اختيار الجذابة منها والمتناغمة لخدمة الذوق. مضيفة في السياق، أنه كلما كانت الألوان متناسقة والرموز جذابة كانت الزربية مطلوبة، خاصة إذا كان قوامها الصوف الحرة وتتميز برسم يشبه النبات والنخيل باللونين الأبيض والأسود.

فيما يخص الوقت الذي تستهلكه الحرفية في تحضير زربية من المقاس الكبير،  قالت: ”أحتاج إلى ثلاثة أشهر كاملة لإكمال نسج الزربية الكبيرة، أما الصغيرة ففي شهر ونصف الشهر، حيث أقسم الوقت بين أشغال البيت ومتطلبات الأسرة والنسيج”.


الحرفية  حفيزة قروي من سوق أهراس:

الزربية المتناسقة عمادها الحسابات وهناك عزوف للفتيات عن تعلمها

تعلمت الحرفية حفيزة قروي، ابنة مدينة سوق أهراس، فن صناعة الزرابي والحنابل والحياك من جدتها ووالدتها اللتين أورثتها هذا الفن الأصيل، وتفننت بدورها في صناعة الزربية ”النموشية” وزربية ”العقدة” و”الرقم”،  وتسعى بدورها إلى تعليم هذا الإرث الأصيل للفتيات، مؤكدة أن هناك عزوفا عن تعلمها، مما يجعل هذه الحرفة في خطر ، حيث تميل الفتيات إلى تعلم الحلويات والخياطة فقط.

استطاعت الحرفية أن تتألق في صنع الرموز الفنية للعديد من الولايات من أشكال هندسية ورسوم وهوامش نمطية، لاستفادتها من الدورات التكوينية التي تقام في العديد من الولايات لتصنع بدورها سجاجيد صغيرة للصلاة ولوحات محاكة تعلق على الجدران، تقول: ”لقد لاحظت خلال السنوات الطويلة التي قضيتها في صناعة الزربية، ونلت بفعلها العديد من الجوائز، أن الزربية النموشية تتوافق مع زربية خنشلة وتبسة في الرسومات وفي كل شيء، وشخصيا أصنع زربية العقدة وهي خنشلية الأصل، حيث تعلمت بها نسيج ”الدراقة”، ومن خاصيتها أنها جميلة الشكل خفيفة الوزن، إلى جانب زربية ”الرقوم” والمسرح”. والآن باشرت صناعة سجاد الصلاة واللوحات التي باتت مطلوبة بقوة، وهناك الكثير من الأشخاص الذين لا يمكنهم شراء الزرابي بسبب غلاء سعرها، فيختارون تزيين البيوت بشيئ منها والمتمثل في اللوحات التي أطبع عليها رسوما أو كلمات أو آيات قرآنية وكذا العلم، حسب طلب الزبون”.

كما شكت الحرفية من نقص مواطن فضاءات التسويق والإقبال على تعلم هذه الحرفة قائلة: ”نحن نعاني بسبب نقص المعارض للتسويق، والأمر يؤرقني كثيرا، فالحرفي بحاجة إلى المال الذي أستثمره في سبيل إعادة صناعة زراب أخرى تحتاج بدورها لمواد أولية، كما أريد تعليم الفتيات النسيج لأنني أريد أن تبقى هذه الحرفة حية، إلا أن الأمر الذي أتـأسف له، هو أنها لم تعد من اهتماماتهن رغم أن البلدية دعمتني بمحل يمكن استعماله للاستفادة مما تعلمت، فهن الآن يطلبن تعلم الخياطة أو صناعة الحلويات، وشخصيا تعلمت صناعة الحنبل والزربية عن جدتي التي يوجد لها منسوجات عمرها 90 سنة، تظهر كما لو أنها نسجت الآن، لأنها من الصوف الحرة”. 

فيما يخص حرصها على استعمال صوف الخروف في صناعة زرابيها قالت: ”قمت بتجارب لصناعة زراب من الصوف الاصطناعية، إلا أن النتيجة لم تكن في المستوى، فالرسومات لا تظهر جيدا عليها، خاصة أن الزرابي تحتاج للألوان الزاهية، على غرار الأحمر، الأصفر والأزرق، كما تعلمت من جدتي التي كانت تحرص على غسل الصوف و«قردشتها”، ثم خلطها بشعر الماعز لصناعة الخيط الذي ينطلق منه النسيج، وهو ما يجعل الزربية ”متينة”، إلا أننا الآن نستعمل ما يسمى بـ«القيام”. فيما يخص الرموز التي تستعملها الحرفية في زربيتها، أشارت إلى أن لمنطقة سوق أهراس رموزها التي تعكس طبيعة المنطقة، وهي مكونة من ”الحميلة والنواوش والأمقاص”، وكذا المحراب ويرسم عليها التفاح وظهر السلحفاة،  إلى جانب الرموز الهندسية من معينات ومثلتاث وأشكال أخرى مختلفة”.

أكدت الحرفية أنها تحترم المقاييس والحسابات التي لا يمكن بدونها تقديم زربية متناسقة هندسيا ذات أشكال ورسوم مدروسة، لأن تحقيق المعادلة يتم وفق الدقة، وفي هذا الصدد تقول: ”قمت بحياكة الزرابي لسنوات رفقة أمي وأخواتي البنات والجدة ـ رحمها الله ـ، والآن أصبحت أعتمد على نفسي بوضع منسج وسداية صغيرة، أمرر من خلالها الخيط بنفسي بدل الاعتماد على تمريرات المساعدات في صناعة الزربية، كما أن لغة الحساب هي قوام الزربية المتناسقة، لهذا أحرص عليه وإلا كان العمل خاطئا”.


خيرة بوكرابيلة رئيسة جمعية ”الأيادي الذهبية” بتلمسان

الصباغة الطبيعية للصوف تحافظ على جمال الزربية

أكدت السيدة خيرة بوكرابيلة رئيسة جمعية ”الأيادي الذهبية” للزربية التقليدية سبدو تلمسان، وأستاذة بالتكوين المهني، شاركت بعرض الزربية التلمسانية الأصيلة المصنوعة من الصوف الحرة والصبغة طبيعية الألوان في معرض الزربية بغرداية، أنها تعمل منذ ثلاث سنوات، وهو عمر ميلاد الجمعية من أجل  المحافظة على كل ما هو تراث أصيل، سواء في المحافظة على صناعة الزربية الصوفية أو صباغة الصوف بالصبغة الطبيعية التي أكتشفتها، وهي 1000 لون بالتدرجات، مما سيسمح بإعطاء الرسوم ألوانا زاهية طبيعية ”لا تحول ولا تزول”، كما أنها تعد فرصة لتشغيل اليد العاملة التي تقطف النباتات في مختلف مناطق الوطن للحصول على الألوان.


رئيسة جمعية ”الأصالة والتراث” خديجة بوقران من الأغواط:

أذواق الزبائن تختلف من منطقة لأخرى

تتميز زرابي مناطق آفلو والبيض والأغواط برسومها الممزوجة بألوان حمراء وسوداء وبيضاء، وتعكس تجذر صناعتها بالمنطقة، إذ تحرص السيدة خديجة بوقران، رئيسة جمعية ”الأصالة والتراث” بالاغواط، على حفظ خصائص الزربية الأغواطية. كما عمدت إلى تنويع منتوجاتها لخدمة كل الأذواق، حيث أشارت في حديثها لـ”المساء”، إلى أن في مخزونها زراب من المنطقة وأخرى موجهة لأهل العاصمة، وأنواع أخرى للمعارض خارج الوطن.

أكدت السيدة بوقران أن الزربية الأغواطية من حيث الشكل والحجم تشبه الخنشلية، مشيرة في السياق إلى أن المعارض التي تقام عبر ربوع الوطن سمحت باحتكاك الحرفيات فيما بينهن، مما ساهم في تبادل الخبرة، وأضافت أن غلاء سعر المادة الأولية جعلها تستعمل الصوف الاصطناعية، وتحافظ على الحرة كلما سمحت الظروف، تقول: ”صناعة زرابي الصوف الحرة تستوجب وجود الكثير من الصوف الذي تعد طريقة تحضيرها التقليدية، من غسل وقردشة وغزل، ثم صباغة بمختلف الألوان التي تستوجب بدورها توفر قدور كبيرة الحجم، عملية جد مكلفة، لهذا أصبحنا نستعمل الصوف المصنوعة”.

أشارت رئيسة الجمعية إلى أنها عمدت إلى تكوين الفتيات في صناعة الزرابي اللواتي بتن بدورهن اليوم منتجات، تقول: ”تعلمت عندي 20  فتاة أسس صناعة الزربية الأغواطية بألوانها وأشكالها الهندسية وصوفها البارزة، وقد أصبحن اليوم منتجات، منهن من استقلين بعملهن بعدما تزوجن، وبقيت معي سبع فتيات يعملن، علما أنهن تحصلن على ديبلومات، لأنني أعمل بالتنسيق مع مركز التكوين المهني الذي يتعلمن فيه النظري، والتطبيقي عندنا”.

أكدت رئيسة جمعية ”الأصالة” أن المشكل الذي يعترض مسارهن، عدم وجود أماكن للتسويق وغلاء مساحة كراء المعارض، مشيرة إلى أنها لم تجد ثمن تكاليف المشاركة في معرض بالعاصمة، مما حرمها من العرض”.

فيما يخص المصنوعات التقليدية التي تصنعها، قالت: ”الزرابي مطلوبة في كل الأوقات والولايات، ولكل منطقة خاصيتها ومتطلباتها، فالعروس الأغواطية تصطحب إلى بيتها زربية من المنطقة، إلى جانب فرشة الصالة والمكونة من أربع زراب باثنين من ”المساند”، كما نصنع لحوف الصوف والرانبس والقشابة والخيمة، حسب طلبات الأفراد والعرائس، إذ أن هناك سيدات من الجمعية من الأرامل واليتامى اللواتي تسعى الجمعية إلى مساعدتهن لكسب قوتهن متفوقات في نسج الخيم، حيث يعكفن على صناعتها خطوة بخطوة، بداية من غسل الصوف وقردشتها، وصولا إلى سدها”.


الحرفية فروجة العربي:

القبائلية تحمل في ألوانها الأمل والحزن على الشهداء

أكدت الحرفية فروجة العربي من ولاية تيزي وزو، (دائرة بوغني)، التي شاركت مؤخرا في عيد الزربية، الذي احتضنه ”قصر المعارض” بغرداية، أن السائح كان على موعد لاكتشاف جمالية التصاميم وخصائص الأشكال والرموز التي تكنسيها الزرابي في كل منطقة من مناطق الوطن، وتظهر إبداع الجزائرية في كل شبر من هذه الأرض المباركة.

أشارت محدثتنا إلى أنها حرصت على عرض كل المواد الأولية التي تدخل في صناعة الزربية القبائلية، التي تتمتع بخاصية الخفة وألوانها الزاهية، قائلة: ”لقد عرفت السياح على صوف الخروف التي تجز وتغسل، إلى جانب القرداش الذي يمشط الصوف، وأداة الغزل التي تحولها إلى خيط يأخذ مكانه في المنسج ليرسم أجمل الأشكال والتصاميم”.

كما أشارت إلى أنها تحرص على مواكبة الجديد في عالم صناعة الزربية دون التفريط في أساسها، تقول: ”أنا أحرص على العمل بالمثل القائل ‘الجديد حبو والقديم لا تفرط فيه’، فلابد من المحافظة على ما ترك الأجداد من خاصية جمالية للزرابي الموروثة، كما يستوجب على الحرفي مواكبة العصر ومتطلباته لخدمة أذواق الزبائن”.

تعمد الحرفية العربي إلى المحافظة على الألوان القديمة القبائلية، على غرار الأحمر والأسود والأبيض، وحيال دلالتها قالت: ”الأحمر يرمز إلى دم الشهداء  والأبيض للأمل، والتقدم للأمام، أما الأسود فيمثل حزننا على الشهداء”. فيما يخص خاصية زربية العروس القبائلية، قالت محدثتنا بأنها خفيفة الوزن ويطلق عليها اسم ”ثاريكنتا” ألوانها زاهية تزيد البت بهاء.