لقاء ترامب - كيم جونغ إن

قمة تاريخية أنهت 6 عقود من العداء

قمة تاريخية أنهت 6 عقود من العداء
  • 1435
م. مرشدي م. مرشدي

كانت قمة العاصمة السنغافورية بين عدوي الأمس صديقي اليوم، الرئيسان ترامب ـ كيم جونغ إن، «تاريخية» بكل المقاييس إذا أخذنا بالهدف النهائي الذي كان محددا لها، وهو نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.

وتنفس العالم أجمع أمس الصعداء في ختام هذه القمة والتفاهمات التي انتهت إليها بخصوص إنهاء الأزمة الكورية التي عمرت أكثر من ستين عاما وتُوجت ببيان ختامي، حدد الإطار العام لعلاقات البلدين المستقبلية وشروط التعامل بينهما لتسوية كل الخلافات.

وكانت المصافحة بين الرجلين تاريخية فعلا، كونها الأولى بين رئيس أمريكي وزعيم كوري شمالي بعد عداء دفين، حيث فتحت الباب أمام عهد جديد، قال الرئيس الأمريكي على إثرها إنه على استعداد تام لاستقبال الرئيس الكوري في البيت الأبيض؛ في إشارة قوية إلى فتح صفحة جديدة بين البلدين.

وغطت تلك المصافحة على كل الأحداث في العالم وفي كل عواصم القرار الدولي؛ على اعتبار أنها ستكون بداية لتصور جديد في ضبط العلاقات، ليس فقط بين واشنطن وبيونغ يونغ ولكن في عواصم كل منطقة جنوب شرق آسيا، التي كانت عقاربها مضبوطة على درجة التوتر بين الكوريتين أو تلك القائمة مع الولايات المتحدة.

وإذا كان الرئيس الكوري الشمالي قد التزم الصمت بخصوص نتائج القمة، ربما بحكم طبيعة النظام الذي يقوده واكتفى بالقول إن الطريق إلى هذه القمة لم يكن سهلا، فإن الرئيس الأمريكي وعلى نقيض ذلك، راح ينشر رسائله النصية على موقع تويتر ليؤكد أن اللقاء سيمهد للقاءات قادمة، وأنه على استعداد لإقامة علاقات رائعة مع بيونغ يونغ. وكانت القمة التي لم تدم سوى أربعين دقيقة كافية للرئيس الأمريكي ليبدي تفاؤلا غير مسبوق بخصوص مستقبل العلاقة مع بيونغ يونغ، خاصة ما تعلق بقضية نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، متناسيا بذلك كل الشحناء والنعوت التي تبادلها مع الرئيس كيم جونغ إن.  ولم يُخف الرئيس ترامب ابتهاجه بالإنجاز الدبلوماسي الذي حققه في أقل من 500 يوم قضاها على رأس البيت البيض ضمن مهمة عجز الرؤساء الأمريكيين السابقين عن تحقيقها. وقال إنه يريد أن يجعل من هذا التقارب أهم إنجاز في عهدته الرئاسية؛ في تلميح إلى أنه لا يهمه ما يمكن تحقيقه بصورة عملية بخصوص نزع السلاح النووي الكوري الشمالي، الذي قد يستغرق عدة سنوات، وقد يكون الرئيس ترامب قد غادر البيت الأبيض.

والأكثر من ذلك فإن النظام الكوري الشمالي لا يمكنه بجرة قلم، أن يضحي ببرنامجه النووي مقابل الحصول على مجرد ضمانات أمنية أمريكية رغم أن كاتب الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي كان مهندس هذا التقارب، راح يطمئن الجميع بأن الموقف بالنسبة لكوريا الشمالية، تغير كثيرا، وأن نتائج القمة لن تلبث أن تتجسد على أرض الواقع.   


ارتياح دولي لنتائج قمة ترامب ـ جونغ إن

كان الارتياح نقطة مشتركة بين مواقف كل دول العالم، التي رحبت جميعها بنتائج القمة التاريخية بين الرئيسين الكوري الشمالي والأمريكي، واعتبرتها بداية انفراج أعقد وأطول أزمة من مخلفات الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي.

فمن بيكين إلى طوكيو وروما وبرلين مرورا بلندن وباريس ووصولا إلى الأمم المتحدة، كانت مواقف الترحيب واحدة، وصبت جميعها في سياق التأكيد على أن نتائج القمة ستكون بداية لعهد جديد في شبه الجزيرة الكورية وفي كل العالم.

وأكدت السلطات الصينية الحليف الاستراتيجي لكوريا الشمالية في سياق هذا الارتياح، أن قمة سنغافورة ستكون بداية لرسم تاريخ جديد في المنطقة، مطالبة هي الأخرى بنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. 

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن جلوس رئيسي البلدين جنبا إلى جنب يحمل دلالات ذات مغزى، وبداية لتاريخ جديد، مؤكدا على ترحيب بلاده ودعمها لكل النتائج التي تم التوصل إليها.

ووصف الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، أن اتفاق سانتوزا الجزيرة التي توجد قبالة مدينة سنغافورة والتي يوجد فيها فندق كابيلا الذي احتضن هذه القمة، سيبقى في التاريخ العالمي؛ كونه حدث سيضع حدا للحرب الباردة، و«يسمح للكوريتين بطي صفحة ماض قاتم بالحرب والصدامات».

وهو الموقف الذي عبّرت عنه اليابان عبر وزيرها الأول، شينزو أبي، الذي رحب بالاتفاق على نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية. وقال إن موافقة الرئيس كيم جونغ إن على نزع سلاح النووي لبلاده يُعد خطوة أولى على طريق انفراج تام في كل منطقة جنوب شرق آسيا، وإنهاء كل المشاكل العالقة بين دولها.

وأكدت السلطات الفرنسية أن الوثيقة الموقعة بين الرئيسين ترامب وكيم جونغ إن، يُعد بمثابة خطوة ذات مغزى ودلالات هامة في العلاقات الدولية. ولكن الارتياح الذي أبدته باريس على لسان نتالي لوازو وزيرة الشؤون الأوروبية في الحكومة الفرنسية، كان مشوبا بحذر معلن بعد أن شككت في إمكانية تسوية كل الخلافات العالقة بين البلدين خلال ساعات فقط، ولكن ذلك لم يمنعها من القول إن «الخطوة تبقى هامة».

أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فقد اعتبر القمة غير المسبوقة بين الرئيسين الأمريكي والكوري الشمالي تبقى حدثا إيجابيا في انتظار الاطلاع على الوثائق الرسمية، بعد أن أكد أنه تابع فقط تصريحات مسؤولي البلدين عبر شاشة التلفزيون.

ورحب الاتحاد الأوروبي بنتائج قمة سنغافورة، واعتبرها «خطوة مهمة وضرورية باتجاه نزع السلاح في شبه الجزيرة الكورية» في نفس اتجاه الموقف الذي أكدت عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموجود مقرها بالعاصمة النمساوية، باتفاق الرئيسين كيم جونغ إن ودونالد ترامب، وأكدت استعدادها للقيام بمهمة مراقبة وتفتيش في داخل المواقع النووية الكورية الشمالية.

ق. د


نص الاتفاق «التاريخي» بين ترامب وكيم جونغ إن

أصدر الرئيسان الأمريكي والكوري الشمالي في ختام قمتهما بالعاصمة السنغافورية، بيانا مشتركا، حددا من خلاله نتائج قمتهما والتزامات كل واحد منهما من أجل إقامة علاقات جديدة، أساسها الثقة المتبادلة.

«لقد تبادل الرئيسان دونالد ترامب وكيم جونغ إن، وجهات نظرهما بشكل معمق، وصادقا حول القضايا ذات الصلة بإقامة علاقات جديدة بين الولايات المتحدة والجمهورية الشعبية الديمقراطية الكورية، تسمح بإقامة نظام سلم صلب ودائم في ربوع كل شبه الجزيرة الكورية».

«فقد تعهّد الرئيس دونالد ترامب بتوفير آليات لحماية كوريا الشمالية من أي تهديد، بينما جدد الرئيس كيم جونغ إن تعهده الثابت بنزع كامل وشامل للسلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية».   «وقناعة منهما بأن إقامة علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية كوريا الشمالية يساهم في إحلال السلم والرقي في شبه الجزيرة الكورية وأن إقامة ثقة مشتركة بينهما كفيلة بالمساعدة على نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، فإن الرئيسين ترامب وكيم جونغ

يعلنان:

1ـ تتعهد الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بإقامة علاقات جديدة؛ رغبة منهما في إقامة سلم دائم وتحقيق الرفاه لشعبي البلدين.

2 ـ تتعهد الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشمالية بتوحيد جهودهما من أجل بناء نظام لسلم دائم ومستقر في كل شبه الجزيرة الكورية.

3 ـ تأكيدا لنتائج قمة الكوريتين في مدينة بانمونجوم في 27 أفريل 2018 الماضي، تتعهد جمهورية كوريا الشمالية بالعمل على نزع أسلحتها النووية بشكل نهائي وكلي من كل شبه الجزيرة الكورية.

4ـ تتعهد الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بالعمل سويا من أجل العثور على رفات أسرى الحرب والمفقودين في المعارك، وقيامهما بتسليم فوري لرفات الجنود، الذين يتم التعرف على هويتهم باتجاه هذه الدولة وتلك.

اعترافا منهما بأن القمة الأمريكية ـ الكورية الشمالية الأولى من نوعها في تاريخ علاقات البلدين تُعد حدثا ذا أهمية بالغة وفرصة لطي صفحة عقود من التوتر والصراع بين البلدين وتمهد لإقامة عهد جديد، فإن الرئيسين ترامب وكيم جونغ يتعهدان بالإسراع في تنفيذ مضمون الاتفاق النهائي لقمة سنغافورة.

تتعهد الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشمالية بالبدء في أقرب وقت، في مفاوضات ثنائية لمتابعة تنفيذ بنود قمة سنغافورة، يقودها عن الجانب الأمريكي كاتب الخارجية مايك بومبيو، وعن الجانب الكوري مسؤول سام تعينه سلطات بلاده لهذه المهمة.

ويتعهد الرئيسان دونالد ترامب والرئيس كيم جونغ إن على التعاون من أجل إقامة علاقات جديدة بين البلدين وتطويرها وترقية السلم والرقي والأمن في شبه الجزيرة الكورية وكل العالم. ق. د