من أجل الدفاع عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي
الولايات المتحدة تنسحب من مجلس حقوق الإنسان الأممي
- 1019
بانسحابها من عضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي، تكون الإدارة الأمريكية قد عاودت لعب دور المحامي ولكن للدفاع فقط عن الكيان الإسرائيلي المحتل زاعمة أن أعضاء المجلس يتحاملون عليه.
وقالت نيكي هالي، السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة إن بلادها اتخذت قرار الانسحاب بقناعة أن مبادئها لا تسمح لها أن تكون عضوا في منظمة تستعمل حقوق الإنسان للضحك على الآخرين.
وبررت ذلك بكون المجلس عمل طيلة سنوات على حماية منتهكي حقوق الإنسان في مناطق العالم الأخرى وتحول إلى طرف سياسي كلما تعلق الأمر بالولايات المتحدة وإسرائيل، في إشارة إلى الانتقادات واللوائح التي تتهم في كل مرة حكومات الاحتلال بانتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة كما في الضفة الغربية.
وقالت الدبلوماسية الأمريكية التي كانت تتحدث إلى جانب كاتب الدولة الأمريكي للخارجية، مايك بومبيو إن بلادها ستواصل الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم ولكن وفق التصور والمنظور الأمريكي لحقوق الإنسان والذي أكد موقفها بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنها تقف إلى جانب الظالم على حساب المظلومين.
ومهما كانت التبريرات التي قدمتها السفيرة الأمريكية فإنها لم تجد من يؤيدها سوى سفير الكيان الإسرائيلي الذي وصف القرار بمثابة سند قوي لبلاده لمواصلة انتهاكاته التي لم تعد تخف على أي أحد، سوى من إدارة أمريكية التي فضلت غض الطرف بشأن المعاناة اليومية لأطفال فلسطينيين رضع يقتلون بدون رحمة من طرف جنود الاحتلال الإسرائيلي ولا يجد الرئيس الأمريكي أي حرج في القول إن ذلك يتم في إطار الدفاع عن النفس.
وفاجأت الإدارة الأمريكية العالم بقرارها، الذي اتخذته بدعوى الرد على الانتقادات اللاذعة التي وجهها المحافظ السامي الأممي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين ضد ما أسماه بـ«السياسة غير المقبولة والعنيفة” التي انتهجتها الإدارة الأمريكية بفصل أطفال مكسيكيين عن عائلاتهم على الحدود مع الولايات المتحدة. وكان كاتب الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو أكد أن هذا القرار جاء ردا على فشل كل المحاولات من أجل إصلاح مجلس حقوق الإنسان الأممي ولكن بكيفية تستثنى فيها إسرائيل من الانتقادات الدولية جراء سياساتها الإجرامية المنتهجة في حق الفلسطينيين دون أن تلقى العقاب اللازم.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من عضوية هذا المجلس حيث سبق للرئيس الأمريكي جورج بوش أن جمّد قبل 12 سنة عضوية بلاده فيه قبل أن يقرر الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما رفع التجميد والعودة إلى عضوية المجلس.
وقرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض الأمريكي بداية العام الماضي، الانسحاب من عضوية منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة ”اليونيسكو” وقطع المساعدات على عدة منظمات أممية قبل انسحابه من اتفاقية باريس حول المناخ وختمها شهر ماي الماضي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.
واعتبرت مختلف عواصم العالم وعديد المنظمات الحقوقية الدولية القرار الأمريكي بمثابة دعم معلن للجرائم المقترفة من طرف إسرائيل التي كانت أول مرحب بهذا القرار الذي وجدته بمثابة انتصار لها وغطاء لمواصلة جرائمها في حق الفلسطينيين.
وكان السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون، أول المبتهجين وراح يثني على الإدارة الأمريكية لرفض ما أسماه بـ«الحقد الأعمى ضد إسرائيل في مختلف المنظمات الدولية”.
وقال الأمين العام الأممي في أول رد فعل له على الانسحاب الأمريكي إنه كان يأمل في بقاء الولايات المتحدة في عضوية مجلس حقوق الإنسان. وانتقدت روسيا القرار الأمريكي واعتبرته احتقار للأمم المتحدة وضربة لمصداقية وصورة الولايات المتحدة واصفة القرار بـ«الخاطئ”. واتهمت ماريا زخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية، الإدارة الأمريكية بمحاولة إخضاع هياكل مجلس حقوق الإنسان الأممي وفق ما يخدم مصالحها مع أن مهمة المجلس هي خدمة مصالح كل الدول وليس دولة واحدة”. وقالت زخاروفا من أهمية هذا الانسحاب أن المجلس عمل بشكل عاد يوم جمدت الولايات المتحدة عضويتها فيه.
واعتبر إبراهيم خريشة المندوب الفلسطيني لدى مجلس حقوق الإنسان أمس، قرار الانسحاب الأمريكي، محاولة للتغطية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين ومحاولة أمريكية للنأي بالنفس عن إدانتها”. وأضاف خريشة أن القرار الأمريكي ”يرتبط كذلك بشأن أمريكي داخلي يتعلق بقضية فصل الأطفال المهاجرين المكسيكيين عن عائلاتهم” وما يثيره ذلك من انتقادات دولية واسعة.
وانتقدت منظمة ”هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن حقوق الإنسان القرار الأمريكي، وأكدت أن المجلس الأممي يلعب دورا مهما في دول مثل كوريا الشمالية وسوريا وبرمانيا ودولة جنوب السودان ولكن الرئيس الأمريكي بقي همه الدفاع عن إسرائيل”، متهمة إدارة الرئيس الأمريكي بمحاولة التأثير على عمل مجلس حقوق الإنسان الأممي بكيفية تخدم مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل دون غيرهما.
وهو الموقف الذي أبدته منظمة العفو الدولية ”أمنيستي” التي رأت في قرار الانسحاب بمثابة ضربة قاصمة للجهود الدولية لحماية حقوق الإنسان في العالم.