دكاترة يحاضرون حول مؤلف «دون كيشوت»
الجزائر أعطت سرفنتس شهرته

- 1285

أجمع المتدخلون في المحاضرة السنوية حول ميغال سرفنتس التي احتضنتها، أمس، مكتبة الحامة ونظمها كل من معهد سرفنتس وسفارة إسبانيا بالجزائر بالتعاون مع وزارة الثقافة، أجمعوا على المكانة الكبيرة للجزائر في أعمال وحياة ميغال سرفنتس، بعد أن قضى فيها خمس سنوات من الأسر.
بهذه المناسبة قال مدير معهد سرفنتس بالجزائر أنتونيو خيل، إن تنظيم مثل هذه المحاضرة السنوية حول ميغال سرفنتس، تحصيل حاصل؛ لما لهذا الكاتب من شهرة عالمية، إضافة إلى خدمته للثقافة واللغة الإسبانية، مشيرا إلى أن الفترة التي قضاها سرفنتس بالجزائر، جعلت منه رجلا ناضجا وأديبا مرموقا، ليعود ويؤكد أنه بدون الجزائر، ما كان سرفنتس بهذا التأثير والعالمية.
أما جمال فوغالي مدير دائرة الكتاب بوزارة الثقافة، فقد كشف عن ترجمته نصا من نصوص سرفنتس، ليضيف أن هذا الكاتب المرموق كتب رائعته «دون كيشوت»، التي قال إنها قمة الأدب رفقة كتاب «ألف ليلة وليلة»، مشيرا إلى أن ميغال لم يناحر في روايته طاحونته، بل حياته، مناديا في السياق نفسه، بقيم السلام، لينشر رسالة كم نحن بحاجة إليها، خاصة في زمن العولمة!
من جهته، تطرق الباحث ومدير دائرة اللغات الشرقية بجامعة الجزائر 2 شكيب بن عفري، للتأثر المتبادل بين سرفنتس والجزائر، فسرفنتس استفاد من فترة أسره بالجزائر، خاصة عيشه وسط مجتمع متعدد الأعراق في القرن السادس العشر (أتراك، عرب، بربر، أندلسيون، أوروبيون دخلوا الإسلام، يهود، موريسكيون، وغيرهم)، وكيف أنه تعلم مبادئ التسامح والقبول بالاختلاف من دون اللجوء إلى العنف. وأضاف بن عفري أن سرفنتس قارن بين الضفة الشمالية للمتوسط، وكيف أنها تحكم باسم الدين المسيحي بشكل مضطهد وبين الضفة الجنوبية للمتوسط، وبالضبط الجزائر التي تملك مجتمعا متفتحا، يسمح لأسراه بممارسة طقوسهم الدينية. وأشار المتحدث إلى ضم الجزائر العاصمة في القرن السادس عشر، 80 ألف نسمة من السكان، مضيفا أن الأرشيف الخاص بالدولة العثمانية يضم أسماء وألقاب وتاريخ أسر الأسرى إلى غاية سنة 1827. كما أن هؤلاء الأسرى كانوا يتمتعون بالعديد من الحقوق عكس الأسرى المسلمين في الدول المسيحية في تلك الفترة، علاوة على أنهم كانوا يطلقون عليهم تسمية الأسرى بدلا من العبيد.
واعتبر بن عفري أن الهدف من الأسر هو كسب المال واليد العاملة، لينتقل إلى كتابات سرفنتس التي يناهض فيها العنف، ويدعو إلى قبول الآخر وبناء جسور الحوار، وهو ما اعتبره الدكتور في غاية الأهمية، خاصة في عصرنا هذا؛ حيث نعاني من ويلات الإرهاب ومن العنف المتزايد. وبالمقابل، اعتبر أن الجزائر استفادت من كتابات سرفنتس، حيث رحلت إلى عدة بلدان خاصة الناطقة منها باللغة الإسبانية، لتتحول إلى حلم بالنسبة لعاشقي كتابات ميغال سرفنتس.
وشارك الباحث والمختص العالمي في أدب سرفنتس الياباني نوريو شميزو، في هذه المحاضرة السنوية. وفي هذا قال إنه لم يكن يعتقد يوما أنه سيزور الجزائر التي شهدت أسر سرفنتس، مضيفا أنه لا يمكن اعتبار سرفنتس مجرد ضحية في أسره هذا، بل استفاد من تجربته هذه التي أثرته رغم أنه عانى من غياب الحرية التي كان يعشقها. وأشار الدكتور الياباني إلى قدرة سرفنتس في التحرك، وفي إرسال خطابات إلى ملكه؛ كي يساهم في إطلاق سراحه، إلا أن توقه للحرية دفعه إلى محاولة الهرب أربع مرات بدون فائدة، ليضيف أن تجربة العيش في الجزائر، أضفت الكثير على كتابات سرفنتس، وأضفت الجديد على نظرته للإنسانية، في حين تساءل الدكتور محمد صالح منير عن وجود أمور غير معروفة في مسار سرفنتس من عدمها.