بلدية بوسفر بوهران
سماسرة الشواطئ يشرعون في ابتزاز المصطافين
- 1848
شكلت حادثة اعتداء بعض المستغلين غير الشرعيين للشمسيات بشاطئ "كوراليس" ببلدية بوسفر في ولاية وهران مؤخرا، مادة دسمة لانتقاد الإجراءات المعلن عنها بخصوص مجانية الشواطئ ومحاربة ظاهرة الاستغلال غير الشرعي للسواحل، فيما حرّك الاعتداء عددا كبيرا من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين قرروا تنظيم وقفة سلمية للمطالبة بتطبيق قانون مجانية الشواطئ، ومحاربة احتلال السواحل الذي انتشر عبر كامل شواطئ الولاية.
شهد شاطئ "كوراليس" ببلدية بوسفر بدائرة عين الترك بوهران مؤخرا، حادثة أسالت الكثير من الحبر والانتقادات من طرف المواطنين، بعد الاعتداء الذي تعرّض له مواطن كان رفقة عائلته بشاطئ "كوراليس" بعد رفضه دفع مقابل مالي للجلوس بشاطئ العنصر، والذي يحدّده أصحاب الشمسيات بشاطئ كوراليس بـ 1200 دج، مما أدى حسب شهود عيان، إلى تعرض المواطن لاعتداء خطير من طرف بعض الشباب، كانوا يضعون الشمسيات بطريقة غير شرعية على الشاطئ. وقد أصيب المواطن بجروح خطيرة على مستوى الرأس ومناطق مختلفة من الجسم، ليحوَّل لتلقي العلاج بمستشفى "مجبر تامي".
وللوقوف على طبيعة ما يحدث تنقلت "المساء" إلى شاطئ "كوراليس" الذي يُعدّ من بين أهم شواطئ ولاية وهران، حيث يقصده المصطافون من كامل ولايات الوطن، وحتى من خارجه. وقد لاحظنا بصورة جلية السيطرة التامة لأصحاب الشمسيات على الشاطئ، الذي تمت محاصرته بالكامل من طرف بعض الشباب من المستغلين غير الشرعيين رغم الحادثة الأخيرة التي كان يُنتظر أن تقوم المصالح المعنية بالمراقبة لمنع احتلال الشاطئ.
وأكد بعض المواطنين أن المستغلين غير الشرعيين للشواطئ من أبناء بلدية العنصر، يقومون سنويا باتخاذ الشاطئ مكانا لوضع الشمسيات. وقد ساهم ضيق الشاطئ في عدم عثور المصطافين من قاصديه على مكان شاغر في المكان الذي يكتظ بالشمسيات، مما يدفع بالمصطافين مجبرين إلى كراء شمسيات وطاولة بمبلغ يتراوح بين 800 و1200 دج، وقد يصل المبلغ إلى حدود 2000 دج خلال عطل نهاية الأسبوع وأيام شهر أوت؛ حيث يُعرف الشاطئ بالإقبال الكبير للمصطافين لقضاء ساعات من الاستجمام.
وما يميز شاطئ "كوراليس" المعروف بكامل وهران وقوعه منذ سنوات، ضحية "سماسرة العقار"، حيث تم خلال السنوات الأخيرة إنجاز عدة توسعات بلغت حدود الشاطئ، إذ يمكن مشاهدة التعدي الفاضح على الساحل بالعين المجردة، بمجرد الوصول إلى الشاطئ الذي تحوَّل إلى ملكية خاصة. ويعمد الكثير من السكان المجاورين للشاطئ إلى بناء مداخل لقواربهم ودراجاتهم المائية بالإسمنت المسلح رغم أنّ القانون يمنع مثل هذه التجاوزات، في وقت ضيّق أصحاب الشمسيات ما تبقّى من الشاطئ الممتد على طول أكثر من 1 كلم.
وقد أكد المواطنون أن شاطئ "كوراليس" أصبح معروفا بكونه شاطئا شبه خاص، وملكا لبعض الأشخاص الذين استغلوا نفوذهم للسيطرة عليه.
وقفة سلمية للمطالبة بتحرير الشواطئ
بالمقابل، قرر عدد كبير من المواطنين من رواد فضاء التواصل الاجتماعي، تنظيم وقفة سلمية بشاطئ "كوراليس" للمطالبة بتدخل السلطات المحلية والأمنية لولاية وهران، للقضاء على ظاهرة احتلال الشاطئ من طرف أصحاب الشمسيات.
وحسب أحد المبادرين بالوقفة السلمية، فإن ظاهرة احتلال الشواطئ بقيت وصمة عار في جبين المسؤولين بولاية وهران طيلة سنوات، رغم التصريحات الكثيرة بمجانية الشواطئ، مؤكدا أن حادثة الاعتداء التي تعرّض لها مواطن أمام عائلته وأدخلته المستشفى، لا يمكن السكوت عنها، ويجب على الجميع التدخل والعمل على إنقاذ الشواطئ من أيدي سماسرة السواحل. كما ذكر المتحدث أن الظاهرة لا تقتصر على شاطئ "كوراليس" وإنّما انتشرت بكامل شواطئ الولاية، إذ أصبح المواطن عرضة للابتزاز، مشيرا إلى أن عددا من المواطنين كانوا يحاولون تنظيم وقفة سلمية بقلب مدينة وهران، غير أنهم لم يحصلوا على تصريح؛ لذلك قرروا نقل الوقفة إلى الشاطئ.
بالمقابل، كشف بعض الشباب من مستغلي الشواطئ ممن يعملون على وضع الشمسيات، أن ما حدث في شاطئ كوراليس سابقة، مؤكدين أنهم يستخدمون سنويا خلال موسم الصيف، الشمسيات ويعرضونها على المصطافين بدون أن يجبروهم على كرائها والطاولات. وأكد أحد الشباب أن موسم الصيف يُعد المعيل الوحيد لهم خلال كامل السنة، وأنهم اعتادوا لسنوات ممارسة النشاط بعد أن رفضت البلديات منحهم الاستغلال بطريقة قانونية. وأضاف المصدر أن جزءا كبيرا من الشاطئ يُترك لجلوس المصطافين، ولم يتم تسجيل أي حادثة اعتداء على المواطنين منذ عمله في المجال ما عدا الحادثة الأخيرة، "التي لا نعلم خلفيتها"، يضيف المتحدث، الذي طالب السلطات بتنظيم المهنة التي تُعد مورد رزق لعدة عائلات، ومنه موردا لخزينة البلديات.
سنة حبسا للمعتدي وحجز شمسيات
بالمقابل، علمت "المساء" من مصادر أمنية، أن المتهم المتورط في قضية الاعتداء على المواطن والذي يقيم ببلدية العنصر، تم توقيفه رفقة شخص آخر، وأحيلا أمام القضاء، حيث صدر في حق أحدهما حكم بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية، فيما استفاد المتهم الثاني من 3 أشهر حبسا غير نافذ. وعلمنا من مصادر أمنية أن حملة مراقبة خاصة شنتها مصالح الدرك الوطني على مستوى شاطئ "بومو" الواقع ببلدية العنصر الذي يُعد من أكبر شواطئ منطقة الكورنيش الوهراني وغير بعيد عن شاطئ "كوراليس"، أسفرت عن مصادرة 745 كرسيا بلاستيكيا و220 شمسية، وهي الحملة التي ستتواصل عبر كامل شواطئ الولاية، خاصة خلال فترة عطل الأسبوع لمنع الاستغلال غير الشرعي للشواطئ.
وعن ظاهرة الاستغلال غير الشرعي للشواطئ، أكد مصدر من دائرة عين الترك التي تقع بها بلدية بوسفر، أنّ حملات مراقبة تم إطلاقها عبر الشواطئ، وسيشرف عليها مسير خاص للشاطئ يمثل البلدية، وهو متصرف إداري استفاد من تكوين خاص بعمليات المراقبة وإعداد التقارير التي ستسلَّم مباشرة لرئيس الدائرة ومنه للوالي، على أن يتم التدخل بعد كل تقرير يؤكد وجود تجاوزات. وأكد المتحدث أن مهام مراقبة الشواطئ من طرف مسير الشاطئ ستتم بالتنسيق مع منتخبين اثنين من كل بلدية لتحقيق تقارب أكثر من المواطنين، وإشراك المنتخبين في عمليات فرض القانون وحماية المصطافين وتوفير ظروف لاستجمام زوار شواطئ وهران.
❊❊ رضوان.ق ❊❊