مساهل في حديث لوكالة الأنباء الصينية ”شينخوا”:

الجزائر بلد آمن ومستقر

الجزائر بلد آمن ومستقر
  • 726
❊مليكة. خ❊ ❊مليكة. خ❊

أكد وزير الشؤون الخارجية، السيد عبد القادر مساهل، أن مبادرة ”الحزام والطريق” تعد مشروعا استراتيجيا متكاملا، كونه يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول خدمة لأهدافها التنموية ومصالحها المشتركة، مضيفا في حديث خص به وكالة الأنباء الصينية ”شينخوا”، أن الجزائر بحكم علاقاتها المتميزة مع بكين ودورها المحوري في العالم العربي، تعد فاعلا أساسيا لتحفيز التعاون الصيني العربي. كما أشار من جهة أخرى إلى أن الجزائر بلد آمن ومستقر، حيث تسخر الحكومة كل ما تملكه من إمكانيات بشرية ومادية لضمان سلامة وأمن المواطنين الجزائريين والأجانب وممتلكاتهم على حد سواء ودون تمييز.

س: تحتفل الجزائر هذا العام بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والصين: كيف تتم التحضيرات لذلك؟

❊❊أولا، أود أن أشكركم على هذه المبادرة الطيبة وعلى الفرصة التي منحتـموني إياها للتطرق إلى العلاقات المتميزة التي تجمع بلدينا وإلى روابط الصداقة والتضامن التي تربط الشعب الجزائري بالشعب الصيني الصديق، الذي نكن له كل المودة والاحترام.

إن الاحتفال بالذّكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الجزائرية - الصينية لمناسبة عزيزة علينا لما تحمله من معان نبيلة ودلالات عميقة تعكس عراقة ومتانة الأواصر بين بلدينا وشعبينا الصديقين، والتي لم تعرف على مدار السنين سوى التميز والامتياز، ولعلها سانحة سنؤكد من خلالها تمسكنا بنفس المبادئ وتقاسمنا لنفس الرؤى حيال القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وحرصنا الدائم على المضي قدما في سبيل تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة القائمة بيننا منذ 2014.

وتخليدا لهذا الحدث الهام، يتم تنظيم جملة من التظاهرات والنشاطات على مدار السنة في كلا البلدين وفي شتى المجالات، كتبادل زيارات الفرق الثقافية، إطلاق بعض المشاريع الثنائية، إقامة المعارض وإصدار طوابع بريدية. وزيارتي إلى الصين يومي 11 و12 جويلية 2018، تندرج هي الأخرى في إطار الاحتفال بهذه الذكرى. 

تستضيف الصين الدورة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني - العربي على المستوى الوزاري، ما هي توقّعاتـكم لهذا المنتدى؟

❊❊ منذ إرسائه عام 2004، ساهم منتدى التعاون العربي - الصيني كآلية تعاون فعالة في توطيد العلاقات بين الطرفين، فصارت اليوم تشمل جل مجالات التعاون، إذ لا تقتصر على التشاور والحوار السياسي، بل تعدته إلى إقامة شراكة اقتصادية حقيقية عربية صينية، وبالنظر للإرادة السياسية للجانبين في مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والمنطقة العربية، فإنني على يقين بأن الدورة الثامنة للمنتدى ستكلل بالنجاح وستسمح لنا بوضع برنامج عمل للعامين المقبلين يتماشى وتطلّعات شعوبنا.

ما هي الموضوعات التي تتوقّعون أن تناقشها الدول العربية مع الصين خلال المنتدى؟

❊❊تأتي الدورة الثامنة لمنتدى التعاون الصيني - العربي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية عدة توترات على الصعيد الأمني والسياسي وتواجه فيه جملة من التحديات على المستوى الاقتصادي والتنموي، لذا سيتطرق المشاركون إلى موضوع التنمية في المنطقة العربية وكذا دراسة الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا وفلسطين المحتلة، كما سيناقش الجانبان القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون الثنائي، لاسيما في مجال التبادل الثقافي والتواصل الإنساني.

منذ انتهاء منتدى التعاون الصيني - العربي في الدوحة في 2016، كيف يرى معاليكم وتيرة التطور بين الجزائر والصين في المشاريع المشتركة وضمن إطار مبادرة ”الحزام والطريق”؟

❊❊تعتبر الجزائر مبادرة ”الحزام والطريق” مشروعا استراتيجيا متكاملا، يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول خدمة لأهدافها التنموية ومصالحها المشتركة خاصة من خلال مضاعفة الاستثمارات بما يخدم المصلحة المشتركة في التنمية والازدهار.

تعد الجزائر بحكم علاقاتها المتميزة مع الصين ودورها المحوري في العالم العربي، فاعلا أساسيا لتحفيز التعاون الصيني العربي. وفي هذا الإطار، عرفت العلاقات الجزائرية - الصينية خلال السنوات الماضية نموا متسارعا، تجلى في محافظة الصين على مرتبة الشريك التجاري الأول للجزائر بمعدل سنوي يفوق 08 مليار دولار أمريكي من إجمالي الواردات الجزائرية وإنجاز عدة مشاريع للبنى التحتية عبر ربوع التراب الوطني، كما تم تسجيل دعم لافت للإطار القانوني للتعاون الثنائي بجملة من الاتفاقيات، نذكر منها تلك الموقعة في مجال الفلاحة والصيد البحري وغيرها من القطاعات.

ولا يفوتني هنا التنويه بالجهود المشتركة المبذولة في مجال علوم وتكنولوجيا وتطبيقات الفضاء والتي توجت بالإطلاق الناجح لأول قمر صناعي جزائري للاتصالات (Alcomsat1) انطلاقا من الأراضي الصينية بتاريخ 11 ديسمبر 2017، حيث شكل هذا الحدث المتميز محطة هامة في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.

يركز البلدان اهتمامهما في الوقت الحاضر على مشروع ميناء الحمدانية الكبير بمحافظة تيبازة، إلى أين وصل هذا المشروع الضخم؟

❊❊في البداية أود أن أؤكد على الأهمية البالغة التي توليها السلطات العليا الجزائرية لإنجاز مشروع ”ميناء الوسط”، الذي يكتسي طابعا استراتيجيا على المستويين الوطني والإقليمي، حيث سيسمح بربط السوق الصينية بالسوق الإفريقية، من خلال الطريق العابر للصحراء، الذي يصل الجزائر بلاغوس في نيجيريا، وكونه سيشكل قطبا لجذب المستثمرين نحو المنطقة اللوجستية الهامة المحيطة بالميناء ومن خلالها نحو المنطقتين المتوسطية والإفريقية.

أجلت الجزائر تنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية بسبب أزمة التمويل، والصين تتوفّر على صندوق خاص في إطار التعاون الصيني العربي والتعاون الصيني الإفريقي، هل تعول الجزائر على تمويل مشاريعها ضمن هذا الصندوق؟

❊❊لقد اعتمدت الحكومة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة تدابير مالية خاصة بهدف الحفاظ على الاستقلال الـمالي للبلاد ومواصلة تمويل البناء الوطني، من بينها التسديد الـمسبق للمديونية الخارجية، إنشاء صندوق ضبط الإيرادات والتسيير الحذر لاحتياطات الصرف، كما قامت مؤخرا، عقب انهيار أسعار الـمحروقات في السوق العالـمية، بإجراءات استثنائية كتحديد حصص الاستيراد عن طريق الرخص واللجوء الاستثنائي لطرق التمويل غير التقليدية.

وتندرج هذه التدابير ضـمن خطة شاملة انتهجتها الجزائر قصد الخروج من التبعية لقطاع المحروقات وتعزيز الاستثمار في كافة القطاعات الـمنتجة للسلع والخدمات على نحو يساهم في رفع صادراتها وتنويعها بشكل محسوس، على الـمدى الـمتوسط، كقطاع الصناعة والزراعة والسياحة.

في عام 2016 أثناء مشاركة معاليكم في اجتماع عقد ببكين حول تنفيذ نتائج قمة منتدى التعاون بين الصين وإفريقيا، أعربتم عن الأمل في أن تزيد الصين مشاركتها في عملية التصنيع في الجزائر، وفي العامين الماضيين استثمرت الشركات الصينية في العديد من المشاريع الصناعية مثل مصانع إنتاج السيارات والصلب والإسمنت، كيف تعلّقون على هذه التطورات؟

❊❊حقيقة، لقد وقّعت الجزائر والصين في شهر أكتوبر 2016، على اتفاق إطار في مجال تعزيز القدرات الإنتاجية، يهدف إلى إعادة هيكلة العلاقات الثنائية الاقتصادية بين البلدين والتي ترتكز بشكل خاص ومنذ مدة ليس فقط على التبادل التجاري، بل تعداه إلى إبرام عقود الإنجاز العمومي والتوجه نحو ديناميكية استثمار وإنتاج مشترك من خلال وضع إطار تنفيذي وقاعدة للشراكة الصناعية والتكنولوجية بين البلدين، حيث يغطي الاتفاق مجالات الصناعات التحويلية واستغلال الموارد والطاقات (الغاز والنفط) والصناعة الميكانيكية وصناعة السكك الحديدية والحديد والصلب والبنى التحتية والصناعة البتروكيمياوية والطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية وتحويل المواد المنجمية والبناء والأجهزة الكهرومنزلية بالإضافة إلى التعاون التقني. وقد توج الاجتماع الأول للجنة المشتركة المكلّفة بتنفيذ هذا الاتفاق، المنعقد بالجزائر في شهر جانفي المنصرم، بالاتفاق على قائمة من المشاريع ذات الأولوية في إطار الشراكة الجزائرية الصينية. تضم هذه القائمة مبدئيا خمسة مشاريع هامة تتعلق بإنجاز ميناء الوسط بالحمدانية، استغلال الفوسفات بالشرق الجزائري، المناولة في مجال صناعة السيارات، صناعة وسائل الدفع الالكتروني واستغلال الغرانيت والرخام، كما تم في هذا السياق، بعث عدة مشاريع صناعية من قبل شركات صينية عبر كافة التراب الوطني.  ومن المنتظر أن تفتح آفاق جديدة لتعزيز التعاون الثنائي، من خلال إنشاء شراكات قوية مع مؤسسات صينية تنشط في مجالات التصنيع، مما سيمكن الجزائر من تنويع اقتصادها ويجعل منها وجهة مميزة للمستثـمرين الصينيين.

هل يرى معاليكم أن الجزائر بحاجة أكثر إلى تبني المزيد من سياسات الانفتاح الاقتصادي لجذب المزيد من الاستثمارات في المستقبل؟

❊❊لقد اتخذت الجزائر منذ تبنيها لنظام اقتصاد السوق في فترة التسعينيات عدة إصلاحات وتدابير لتحسين ”مناخ الأعمال” وتحفيز الاستثمار الأجنبي، بالرغم من مرورها بفترة العشرية السوداء التي أثرت سلبا على اقتصادها، وتواجدها حاليا في محيط إقليمي يتميز بعدم الاستقرار، فكما تعلمون يبقى الاستقرار السياسي والأمني عاملا أساسيا لجذب الاستثمار الأجنبي. وبالإضافة للمزايا والفرص الاستثمارية الضخمة التي يتوفر عليها بلدي، نعمل في الجزائر على ضمان استقرار الإطار القانوني والتنظيمي في مجال الاستثمار قصد توفير رؤية واضحة للـمتعاملين الأجانب وإعداد خريطة لفرص الاستثمارات عبر التراب الوطني على نحو يوجه ويحفز الـمرشحين لإنجاز الـمشاريع والحفاظ على مجموع المزايا الجبائيـة وشبه الجبائية التي يقرّها قانون الاستثمارات، بما في ذلك الـمحفزات الخاصة الـمعتمدة لتشجيع الاستثمار في ولايات الجنوب والهضاب العليا والإبقاء على الامتيازات التكميلية الـممنوحة بموجب القانون وتطوير البنى التحتية عبر كافة التراب الوطني خصوصا السكك الحديدية والموانئ.

كيف تقيمون التبادلات الإنسانية بين الجزائر والصين؟ وما هي المبادرات الجديدة التي تقوم بها الجزائر لتعزيز التبادلات الثقافية الثنائية؟ وهل تسعى الجزائر ضمن هذا الإطار إلى تبني سياسات لتسهيل عملية منح التأشيرات للسائحين الصينيين؟

❊❊ لقد عرفت التبادلات الإنسانية الجزائرية الصينية منذ إرساء علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين سنة 2014 ديناميكية ملحوظة، تميزت بإيفاد كل بلد للطلاب إلى البلد الآخر، فضلا عن التعاون في مجال تحسين الموارد البشرية من خلال تنظيم دورات تكوينية،التعاون بين الجامعات ومعاهد التعليم العالي والكتاب والصحفيين، تنظيم التظاهرات الثقافية وتبادل الزيارات في هذا المجال والتواصل بين المنظمات الأهلية والشبابية بالبلدين، وغيرها من النشاطات. في هذا الصدد، يحظى تعليم اللغة الصينية باهتمام خاص في الجزائر لاسيما وأن الإقبال عليها من قبل الشباب الجزائري يزداد من سنة لأخرى، كما تسعى الجهات المختصة في الجزائر للترويج لبلادنا كوجهة سياحية لدى الصينيين، لاسيما وأن السلطات الصينية قد صنفت الجزائر كوجهة سياحية معتمدة عام 2006، ولعل ”مذكرة التفاهم في مجال تسهيل سفر أفواج السياح الصينيين إلى الجزائر” التي نحن بصدد التوقيع عليها، ستساهم في تشجيع المواطنين الصينيين لزيارة الجزائر واكتشاف مواقعها السياحية وتنوعها الثقافي.

قبل فترة وجيزة قتل مواطن صيني في الجزائر العاصمة خلال عملية سرقة والتي تمّت معالجتها من قبل الأجهزة الأمنية باحترافية كبيرة، وفي الوقت الحالي هناك عشرات الآلاف من العمّال الصينيين في الجزائر وهي أكبر مجموعة أجنبية في الجزائر. هل يرى معاليكم أنّ هذه الجالية بحاجة إلى المزيد من إجراءات الحماية لصون حياة وحقوق ومصالح هذه الجالية، وهل هناك تدابير خاصة في هذا الشأن؟

❊❊قبل كل شيء أود أن أجدد تعازي الصادقة لعائلة الضحية على هذا الحادث المؤسف الذي لا يمت بأية صلة لأخلاق وتقاليد الضيافة التي يتميز بها الشعب الجزائري. وقد تم في ظرف قياسي إلقاء القبض على الجناة وإحالتهم على العدالة لمحاكمتهم. ومهما يكن من أمر فإن هذا الحادث يبقى معزولا. والجزائر بلد آمن ومستقر حيث تسخر الحكومة كل ما تملكه من إمكانيات بشرية ومادية لضمان سلامة وأمن المواطنين الجزائريين والأجانب وممتلكاتهم على حد سواء ودون تمييز. وأود مرة أخرى الترحيب بالأصدقاء الصينيين المقيمين بالجزائر من مختلف الفئات والأوساط والذين ساهموا في توطيد الروابط الإنسانية بين الشعبين الصديقين.