تعرف بحماماتها المعدنية وآثارها الرومانية وطبيعتها الخلابة
قالمة جوهرة السياحة
- 15634
تعددت أسماؤها من «ملاكا» إلى «كالاما» إلى «قالمة»، تُعرف بحماماتها المعدنية وآثارها الرومانية وطبيعتها الخلابة، يوجد بها عدد كبير من المواقع الأثرية السياحية، إضافة إلى مواقع تاريخية وأماكن شاهدة على معارك وبطولات جيش التحرير الوطني، وهي بذلك تخفي كنوزا تعود إلى عصور وحضارات غابرة، ومعالم أثرية تشهد على الماضي العريق لهذه المنطقة، التي تتوفر على مؤهلات سياحية، تجعلها من بين الولايات الرائدة في الوطن في هذا الجانب، حيث توجد بها السياحة الحموية التي تعرف إقبالا لعشاق المياه الحموية والاستجمام والراحة والتداوي بالمياه الحموية على مدار السنة، إلى جانب سياحة الآثار الرومانية والمواقع الأثرية والسياحة الجبلية والمعالم الأثرية والسياحة الدينية. حظي قطاع السياحة في هذه الولاية في السنوات الأخيرة، باهتمام السلطات، وعرفت ولاية قالمة قفزة نوعية في المشاريع الفندقية، مما سيرفع من عدد السياح المتوافدين إليها، بعد ما تعزز القطاع بمشاريع واعدة، منها الذي دخل حيز الخدمة، والباقي بصدد الانتهاء وفي طور الإنجاز.
تزخر قالمة بحمامات معدنية طبيعية تجذب السياح والمرضى على مدار السنة، وبات يشكل النشاط السياحي الحموي أكثر من أي وقت مضى العلامة المميزة لولاية قالمة، حيث اختيرت الولاية منذ 10 سنوات كقطب سياحي حموي بامتياز في الشرق الجزائري، لتوفرها على المركبات السياحية والينابيع الحموية، حيث يعود الإحصاء الوحيد لعدد المنابع الحارة بقالمة إلى سنة 1983، إذ يشير إلى ما يقارب 14 منبعا معدنيا منتشرا ببلديات حمام الدباغ، هيليوبوليس، عين العربي، حمام النبايل وبوحشانة، وتتراوح نسبة تدفق الواحد منها بين 6 لترات و25 لترا في الثانية، وتتوفر حسب المختصين على مواصفات كيميائية مفيدة لعلاج عدة أمراض، منها الجلدية، أمراض المفاصل، الأعصاب، مشاكل التنفس، الأذن والحنجرة وغيرها.
حمام «البركة» يتربع على عرش المناطق السياحية
تعتبر قرية «حمام أولاد علي» الواقعة شمال قالمة، والتابعة لبلدية هيليوبوليس، على بعد حوالي 12 كلم من قالمة، من أهم المناطق السياحية في الولاية وفي الشرق الجزائري، لاحتوائها على المركبين السياحيين، وهما مركبي «بوشهرين» و»البركة»، بالإضافة إلى المحطة المعدنية البلدية التي تضاهي هذين المركبين.
يعد حمام «أولاد علي» المعروف بحمام «البركة» و»بوشهرين» من أبرز المراكز العلاجية في الوطن، يحتوي المركب على مراكز العلاج الطبيعي، مثل التدليك المائي، التنفس والتنشق، التدليك بالأيدي والعلاج الميكانيكي. كما يوجد علاج فيزيائي، مثل العلاج الكهربائي، ويتوفر حمام «أولاد علي» أيضا على 4 ينابيع حموية، حيث توفر المركبات الراحة والهدوء للسياح، ومياه حمامي «البركة» و»بوشهرين» تنبع من باطن الأرض، حيث تبلغ حرارتها 57 درجة مئوية وتتكون من المغنزيوم، الكربونات، السلفات، الصوديوم، الكلسيوم والبوتاسيوم التي تفيد في معالجة أمراض التهاب المفاصل، أمراض الأعصاب، أمراض عصبية، نفسية ورئوية من ربو وزلة رئوية، إلى جانب أمراض الأنف والأذن والحنجرة والأمراض الجلدية وغيرها.
يوجد منبعان مستغلان من طرف المركبين، ويتوفر حمام «البركة» على مصلحة طبية خاصة للعلاج، بينما حمام «بوشهرين» لا توجد فيه مصلحة طبية، فيما يستغل للاستحمام التقليدي، ناهيك عن المحطة المعدنية البلدية، وهو ما جعل قرية حمام «أولاد علي» تشهد إقبالا للسياح في فصل الخريف، يرتفع شتاء ويبلغ ذروته في فصل الربيع. أما في الصيف، فأصبح الإقبال متزايدا في السنوات الأخيرة، وهو إقبال من نوع خاص، يتمثل في توافد السياح إليها في حال الذهاب إلى الولايات الشاطئية القريبة كعنابة وسكيكدة، والعبور إلى تونس، وأصبحت قالمة في الآونة الأخيرة، محطة عبور للسياح المتوافدين من وإلى تونس.
«الشلالة» عروس الحمامات العالمية
أما عروس الحمامات «الشلالة»، «المعروفة عالميا، فتمتاز بخصائص علاجية كبيرة متميزة، نظرا لنوعية مياه الحمام وجوه اللطيف، ومياهه الجوفية الساخنة التي تصل حرارتها إلى 96 درجة مئوية، بتدفق 6500 لتر في الدقيقة، وتتكون المياه من الكالسيوم، المغنيزيوم، الصوديوم، الكبريت، الكلور، السلفات، البكربونات، النتريل والنترات، تفيد في أمراض الروماتيزم، العظام، المفاصل، ضغط الدم، أمراض الجلد، آلام الظهر، أمراض النساء وغيرها، وقد تم تصنيفه رفقة حمام «أولاد علي» من ضمن المحطات المعدنية في الولاية التي تستقبل آلاف الزائرين من مختلف ربوع البلاد، وتحظى منطقة حمامي الدباغ وأولاد علي بحصة الأسد من إقبال طالبي الاستشفاء والراحة، منهم القادمون من بلديات الولاية من المداومين على الاستحمام، أو الذين يقطعون مئات الكيلومترات من أجل الارتماء بين الأحضان الدافئة للحمامات الموجودة بالمنطقة.
يوجد ببلدية حمام الدباغ منبع بالمركب العمومي «الشلالة»، للتكفل بالعلاج الطبي الذي يتوفر على إقامة حموية ومصلحة طبية، بالإضافة إلى منبع «عين الشفى» المستغل من طرف مركز للراحة، منبع «ابن ناجي» المستغل من طرف الخواص، وهو خاص بالاستحمام التقليدي، حمام «الدروج» المعروف بالمحطة القديمة، مستغل من طرف مؤسسة عمومية للتسيير السياحي، ومنبع معروف بحمام «الطاهر» المستغل للاستحمام التقليدي، أما المنبع الآخر المعروف بالسكة الحديدية، فقد انطلقت به الأشغال لاستغلاله في السياحة الحموية.
يتم التكفل بجميع الأمراض في الحمامات المعدنية وفق معايير مضبوطة، لأن درجة المنبع لها تفسير علمي، حسب المختصين، بحيث يتم معالجة بعض الإصابات في مركب حموي، كما يمكن معالجتها خارج المحطة الحموية، لكن ربحا للوقت، يمكن شفاء المريض في مدة قصيرة داخل المحطة الحموية، ولهذه الحمامات المعدنية تحاليل فيزيوكيميائية، تستغل عن طريق الإرشادات الطبية لفائدة المرضى، مما يجلب السياح للاستحمام والتداوي بالمياه المعدنية.
كنظرة مستقبلية للمحافظة على الينابيع الحموية في بلادنا، يرتقب أن يشهد تخصص السياحة الحموية بقالمة، قفزة نوعية بعد إنجاز المشاريع المسجلة لتهيئة وتوسيع 3 مناطق سياحية ذات طابع حموي بكل من حمام الدباغ، حمام أولاد علي وعين العربي، ومن شأن هذه العمليات أن تعمل على إعطاء دفعة قوية للنشاط السياحي الحموي، بالإضافة إلى مؤسسات فندقية تتوفر على مصالح صحية مجهزة بمعدات حديثة، يشرف عليها أطباء مختصون. أما ببلدية عين العربي، فالأشغال جارية وبوتيرة متقدمة جدا، في سبيل إنجاز مشروع استغلال منبع حمام «بلحشاني».
باعتبار قالمة منطقة سياحية حموية بامتياز، لما تمتاز به من حمامات تقليدية ومعدنية، فإن 05 حمامات تقليدية مستغلة من طرف البلديات، تعرف دراسة لتسوية وضعيتها، وجعلها محطات حموية عصرية، بإنشاء عيادة طبية خاصة للتدليك، واستغلال هذه المياه الحموية من أجل التداوي بطريقة قانونية، إذ تخص الدراسة ثلاثة حمامات في بلدية حمام الدباغ، حمام واحد في قرية حمام أولاد علي ببلدية هيليوبوليس، وحمام آخر في بلدية عين العربي المعروف بحمام «قرفة»، حيث تشمل ولاية قالمة 12 منبعا حمويا، منها 11 منبعا مستغلا، متحصلا على عقد امتياز، ومنبع واحد معروف بمنبع «عساسلة» ببلدية بوحشانة غير مستغل، لأنه يقع في أراض زراعية، حسب المسؤولين.
المعالم الأثرية محط أنظار السياح
من أهم المواقع السياحية التي تشهدها الولاية وتستقطب السياح في فصل الربيع من داخل الولاية وخارجها، وحتى من خارج الوطن، الآثار الرومانية والمواقع الأثرية الأخرى، إذ عاد الاهتمام بالسياحة الأثرية في ولاية قالمة في السنوات الأخيرة، وأصبحت المعالم الأثرية محط أنظار السياح المتوافدين عليها.
تشمل زيارات السياح الأجانب والمحليين على مستوى ولاية قالمة بالأساس، 3 مواقع تتمثل في كل من المسرح الروماني والحديقة الأثرية المجاورة له وسط مدينة قالمة، وكذا المدينة الرومانية الأثرية «تيبيليس» ببلدية سلاوة عنونة، الواقعة بنحو 37 كلم من الناحية الغربية للولاية، كما تشهد المواقع الأثرية، توافد مئات السياح من طلبة وباحثين ومهتمين بالتراث المادي القديم، للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة وبقايا الحضارة الرومانية العريقة التي عمرت المنطقة، مع الاطلاع والبحث في بقايا حضارة عريقة.
تقع الحديقة الأثرية «كالاما» بقلب مدينة قالمة وبجانبها «المسرح الروماني» الذي يقع في الجهة الغربية للمدينة، بُني في فترة حكم الإمبراطور سبتموس 198-211، بَنته الراهبة آنيا إيليا ستيتيرتا، وقد كلفها ذلك 400 ألف سيستر (عملة رومانية)، وهو مسرح يتسع لحوالي 4500 مشاهد، كان مخصصا لعروض مسرحية وفنية، وتم تصنيفه سنة 1900. يعرف من حين إلى آخر، تنظيم نشاطات ثقافية وسهرات فنية أثناء الشهر الفضيل والمناسبات الوطنية التاريخية.
كما يعتبر مسجد «ابن خلدون» أو المسجد العتيق، كما يسميه القالميون، الواقع بشارع عنونة بقلب مدينة قالمة، من أهم المعالم الأثرية والتاريخية المصنفة في التراث المادي للولاية، ومن أقدم المساجد بها، يستقطب السياح الوافدين بعمارته الفريدة من نوعها، شرع في بنائه سنة 1824 أثناء ولاية أحمد باي في أواخر العهد العثماني، ومن حينها إلى اليوم، لم يكف المصلون عن التردد عليه، خاصة في صلوات الجمعة والعصر، يشمل على 3 قاعات للرجال وقاعة للنساء، وقسم لتعليم القرآن الكريم، استعملت في بنائه الأحجار المقلوبة ذات أشكال مستطيلة وتقنيات هندسية دقيقة، وهو ذو طراز معماري عثماني راق، يحتوي على زخارف فنية جميلة مستوحاة من عهد بني حماد، ويتربع على مساحة 1200 متر مربع ويتسع لـ1200 من المصلين، يتربع سطحه على صومعة دائرية الشكل يبلغ ارتفاعها حوالي 7 أمتار، مبنية من نفس الحجارة. أما البناية الملحقة بالمسجد الرئيسي الأثري المتمثلة في الجناح الملحق، فهو بناء معاصر. يحتوي المسجد العتيق أيضا على غرفة كبيرة تحت الأرض، بنيت في عهد العثمانيين، وهو عبارة عن مخزن وضعت فيه المئونة إبان الثورة التحريرية، استفاد من عملية الترميم مؤخرا ويشهد توافد السياح إليه على مدار السنة.
من ضمن المواقع الأثرية في ولاية قالمة، نذكر المقابر، ومنها المقبرة الميقاليتية ببلدية الركنية، على بعد 50 كلم شمال غرب قالمة، تعود إلى فجر التاريخ. تعد المقابر الميغاليتية الواقعة بهذه البلدية، أكبر مقبرة ميغاليتية بشمال إفريقيا، حسب المختصين، وواحدة من أهم المواقع الأثرية والسياحية بالمنطقة، تضم نحو 3 آلاف قبر جنائزي محفور في قلب الصخور العملاقة بشكل هندسي لافت، كما يوجد بها نحو 300 حانوت بالموقع المطل على جبل المنشار، وتسمى هذه المقابر «الدولمن»، تحتوي على بقايا عظام وجماجم لهياكل بشرية، قطع من الفخار، إلى جانب حلي وقطع نقدية وأساور من معدن البرونز ومعدن الفضة، كذلك «خنقة لحجر» وهي عبارة عن رسومات ونقوش جدارية تمثل أشخاصا وحيوانات مختلفة، يعود تاريخها إلى فترة ما قبل التاريخ، وتقع الصخرة التي تحمل النقوش في مدخل «وادي بوالفرايس» المحاذي لوادي الشارف بمنتصف المسافة تقريبا، بين قرية سلاوة عنونة ومدينة عين مخلوف، إضافة إلى مقبرة «الشنيور»، وهي قبور صخرية كبيرة الحجم يرجع تاريخها إلى فترة فجر التاريخ، حيث تتنوّع هذه المعالم على مستوى مرتفعات وتلال المنطقة المحاذية لوادي شنيور، ويقدر عددها الإجمالي بأكثر من 3 آلاف مصطبة، إضافة إلى «عين النشمة»، وهو موقع أثري، شهد تعاقب حقبات تاريخية وحضارية نوميدية، فينيقية ورومانية، و»كاف بوزيون» الواقع في بلدية بوحشانة، يظهر عليه أنه كان قاعة أو مدينة رومانية محصنة، به أثار واضحة لسور من الحجارة الضّخمة المنحوتة، إلى جانب قلعة «بوعطفان» التي تعاقبت عليها الحضارات الفينيقية والرومانية، ثم البيزنطية.
تجدر الإشارة إلى أنه مؤخرا، تعهدت والي ولاية قالمة، السيدة فاطمة الزهراء رايس، بأخذ مشروع إعادة تأهيل المسبح الروماني بقرية حمام برادع في بلدية هيليوبوليس، على عاتق الأموال المحلية المتمثلة في المخططات البلدية للتنمية ببلدية هيليوبوليس، مع اعتبار مواصفات المسبح، من أجل خلق قطب صغير للسياحة، وخلق موقع ترفيهي للعائلات يكون مهيأ بكل ما حوله، ويمكن أن يكون هذا الموقع السياحي إضافة لولاية قالمة في مجال السياحة، والثاني للترفيه بالولاية بعد موقع «الشلال» بحمام الدباغ، خاصة أن الموقع يوجد بمحاذاة الطريق الولائي رقم 21 الرابط بين ولايتي قالمة وعنابة.
تم اكتشاف مواقع أثرية جديد في ولاية قالمة خلال السنوات الأخيرة، بمشتة «مزياد» المعروفة بـ»لخوارنة» ببلدية الركنية، في مكان مرتفع على طول الموقع، توجد به أحجار بها ثقب وأشكال متباينة تعود إلى الفترة الرومانية، كما توجد به حجارة مصقولة ومربعة الشكل وبقايا أسوار مغمورة تحت التربة، وبقايا فخار منتشرة على كافة الأسوار، تم اكتشاف أيضا، موقع أثري آخر ببلدية ودائرة قلعة بوصبع، ناهيك عن اكتشاف جديد ببلدية ببوشقوف تمثل في أحجار منقوشة، في انتظار ما ستقدمه البطاقة التقنية.
«بئر بن عصمان» ظاهرة غريبة تجلب السياح
يعتبر معلم «بئر بن عصمان» بدائرة حمام الدباغ، ظاهرة غريبة لا تزال تحتفظ بأسرارها إلى يومنا هذا، تشهد توافد السياح على مدار السنة، اكتشف منذ قرون إثر سقوط صخرة يحتوي على مياه عذبة على مساحة 100 متر طولا و40 مترا عرضا و15 مترا عمقا، وقد زاره سنة 2011 الغطاس العالمي الفرنسي «باسكال بيرنبيو» المختص في الغطس في البحيرات والمحيطات والكهوف والمغارات، رفقة مصور تونسي تحت الماء وفرقة من عنابة، وعندما دخل البحيرة إلى عمق 121 مترا، وجد اتجاهين يمينا وشمالا، فاختار اتجاه اليسار، ولم يستطع حينها متابعة الغطس فعاد إلى نقطة البداية، ونشير إلى أنه وجد أثناء الغطس زورقا مكتوبا عليه من الجهة اليمنى «جورجات» ومن الجهة اليسرى «بون»، ولا يزال هذا المعلم أعجوبة جيولوجية تخفي أسرارا إلى يومنا هذا، أما معلم «غار الجماعة» في جبل طاية ببلدية بوهمدان، فهو عبارة عن مغارة اكتشفتها بعثة فرنسية سنة 1967، يبلغ طولها 1200 مترا وعمقها 200 مترا، بها ممرات وأروقة وبيوت، وقد تم اكتشاف عظام وآثار كتابية يرجع تاريخها إلى 8 آلاف سنة قبل الميلاد، وببلدية بن جراح، وعلى بعد حوالي 20 كلم جنوب الولاية، تقع قمة جبل «لالة ماونة» التي ترتفع عن سطح البحر بـ1411 مترا، تتميز بتضاريس جبلية وعرة وتزخر برسومات صخرية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ، إلى جانب العديد من الثروات الغابية كالفلين والزان، وهنا تظهر قمة «لالة ماونة» المرأة النائمة على ظهرها، وفي ذلك قالت الفنانة التشكيلية والرسامة من أصل ألماني «بيتينا هاينن عياش» ذات يوم، بأن قمة الجبل تشبه المرأة النائمة على ظهرها، حيث ترى سفوح القمة صخورا متراصة كأنها ثغر امرأة ابتسمت. يعرف جبل «ماونة» توافد السياح في فصل الشتاء أثناء سقوط الثلج وفي فصل الصيف للاستمتاع بالهواء النقي، وهو نفس الشيء بالنسبة لغابة «بني صالح». كما تعرف ولاية قالمة من حين إلى آخر، توافد السياح إلى الزوايا، منها زاوية «الشيخ الحفناوي» بديار في قرية الناظور ببلدية بني مزلين، وزاوية «سيدي عبد الملك» ببلدية عين العربي.
مشاريع واعدة لرفع طاقة الاستقبال
عرف قطاع السياحة في ولاية قالمة انتعاشا وحركة نشيطة مؤخرا، نتيجة الاستثمارات الكبيرة التي قام بها الخواص، بفضل الدعم والمرافقة في سبيل ترقية السياحة بالمنطقة، حيث تعزز القطاع بمشاريع سياحية واعدة، من شأنها أن تقدم إضافة نوعية في مجال توفير هياكل الاستقبال والخدمات المتصلة بالسياحة، إذ دخل مركب حموي جديد ببلدية حمام الدباغ، مؤخرا، حيز الاستغلال بسعة استقبال تفوق 170 سريرا، يحتوي على عيادة طبية حموية ومسبح خاص بالمياه الحموية وحمامات، بالإضافة إلى غرف، مطعم وقاعة للرياضة والتدليك، فندق آخر دخل حيز الخدمة في بداية هذه السنة بسعة 25 سريرا، وهو فندق «ريان» ببلدية بلخير، مصنف بنجمة واحدة، يحتوي على غرف وشقق، بالإضافة إلى قاعة متعددة الخدمات للأيام الدراسية والاجتماعات وكذا الحفلات، إلى جانب مطعم ومقهى. كما تمت الأشغال بفندق ثالث ودخوله حيز الخدمة ببلدية مجاز الصفا، ويعرف حاليا مرحلة التأثيث، وبهذا تتجاوز هذه المؤسسات الفندقية سعة الاستقبال بها 250 سريرا. أما بالنسبة للمشاريع الاستثمارية الأخرى، فإن الأشغال تعرف وتيرة بنسب متفاوتة ومعتبرة، من بينها فندق مصنف في درجة 04 نجوم ببلدية قالمة، من المتوقع دخوله حيز الخدمة في بداية 2019، مشروع قرية العطل في بلدية عين العربي بحمام «بلحشاني»، بلغت نسبة الإنجاز به 65 بالمائة، ومن المتوقع دخوله حيز الخدمة خلال السنة المقبلة، بالإضافة إلى القرية السياحية لأحد الخواص ببلدية حمام الدباغ، ونزلين مصنفين ببلدية بوهمدان، في موقع يتميز بمنظر طبيعي وسياحي رائع، حيث يطلان على سد «بوهمدان»، المشروع الأول يحتوي على مسابح والثاني يشمل مراكز للراحة.
حسب مسؤولي القطاع، يوجد بقالمة حاليا 14 مؤسسة فندقية، منها فندق عمومي بـ3 نجوم «مرمورة»، في إطار الترميم، و3 مركبات حموية تشتغل وتقدم خدمات مقبولة، هي مركب «البركة» ومركب «بوشهرين» بحمام أولاد علي، والمركب المعدني السياحي «الشلال» في حمام الدباغ، وفي حالة إنجاز كل المشاريع بالولاية، التكفل سيرفع إلى 4470 سريرا.
في هذا الإطار، تقوم مديرية السياحة في الولاية بتشجيع كل المستثمرين الذين استفادوا من المشاريع، في إطار التوسع الذي قامت به الوكالة العقارية للاستثمار السياحي في السنوات الماضية، إضافة إلى تحفيز المستثمرين في بلديات أخرى لتنويع الاستثمارات التي تكمل بعضها البعض من ترفيه، معالجة، إيواء وغيرها، إذ يوجد على مستوى الوزارة للموافقة أو الاستشارة، 07 ملفات جديدة لطلب الاستثمار بقالمة، أهمها ملف ببلدية بوعاتي محمود لإنجاز مركب سياحي بمسابح وقاعات للحفلات والمحاضرات.
في انتظار استكمال المشاريع الفندقية، وفي إطار الترويج للسياحة بولاية قالمة، قامت مديرية السياحية بالولاية في السنتين الأخيرتين، بتشجيع السكان والأشخاص الراغبين في استئجار الشقق والإقبال للإجراءات الخاصة بالإقامة لدى السكان، احتراما للقانون المعمول به في سبيل استئجار الغرف والشقق.
للإشارة، توافد على المواقع الأثرية المصنفة بولاية قالمة خلال سنة 2017 ما لا يقل عن 11 ألف زائر بين محلي وسائح أجنبي، ومن بين زوار المواقع الأثرية خلال السنة الماضية، يوجد 1000 سائح أجنبي من جنسيات مختلفة، أما خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية 2018، فقد توافد على المؤسسات الفندقية والحموية بقالمة، 149 ألف زائر محلي، إضافة إلى 510 زائرين أجنبيين.
❊❊ وردة زرقين ❊❊