مراد عريف يكشف تفاصيل حملة جمع جلود الأضاحي لـ”المساء”:
قدرات الشعبة على التصدير تتجاوز 20 مليون دولار
- 1317
كشف رئيس قسم دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوزارة الصناعة والمناجم، المكلف بملف حملة جمع جلود أضاحي العيد مراد عريف، أن الحملة التي أطلقتها الوزارة لأول مرة تهدف إلى تطوير شعبة الجلود لاسيما في ظل توفر الجزائر على قدرات لتصدير أكثر من 20 مليون دولار من الجلود المعالجة سنويا، في حال تم استغلال جلود الأضاحي، معلنا بالمناسبة عن تجنيد أكثر من 500 شاحنة وتهيئة مخازن في الولايات المعنية بالعملية التي ستتم بالتعاون مع المساجد وتسمح ـ حسبه ـ بتحقيق الاكتفاء الذاتي للدباغين من هذه المادة لمدة توفق السنة، فضلا عن تمكينها من تطوير نسيج المؤسسات الشبانية العاملة في هذا المجال.
المساء:كيف تم اتخاذ قرار القيام بالحملة وهي الأولى من نوعها؟ ولماذا هذه السنة بالرغم من أن المطالبة باستغلال جلود الأضاحي مطروحة منذ سنوات طويلة؟
السيد مراد عريف: هذه العملية هي نتيجة عمل سنة، قامت خلالها وزارة الصناعة والمناجم بتشكيل ما أسميناه «أرضية للحوار الاقتصادي عمومي ـ خاص»، حول ترقية صادرات مجموعة من الفروع والشعب التي تتوفر على إمكانيات حقيقية للتصدير. وبعد دراسة جملة من الشعب وقع الاختيار على الجلود لأنها تتوفر على إمكانيات حقيقية للتطور والتصدير فضلا عن شعبة الفلين.
ولأن تطوير شعبة الجلود يتطلب توفير مادة أولية ذات جودة، وكون الجلود الجزائرية الناتجة عن عملية نحر الأبقار والأغنام والماعز وحتى الجمال معروفة بجودتها العالية، ويوجد طلب كبير عليها لاسيما في أوروبا، فإننا أطلقنا حملة جمع جلود الأضاحي التي تهدر كميات هائلة منها سنويا.
فبالتالي فإن الهدف هو تطوير شعبة الجلود والصناعة المحلية للجلود من جهة، وترقية صادراتنا من هذه المادة من جهة ثانية.
في السنوات الفارطة كان بعض الدباغين القدامى الموجودين في بعض الولايات يقومون بعمليات الجمع عن طريق مجمعين تابعين لهم، إذ لديهم شبكة تقوم بهذه المهمة على مستوى الأحياء. لكن العملية لم تكن منظمة وهو ما أدى إلى ضياع الجلود والإضرار بالبيئة... فكلنا شاهدنا المظاهر غير المشرّفة في أحيائنا من تبذير وتلويث للبيئة. لذا قررنا أن نعمل هذه السنة على تطوير هذه الشعبة عن طريق تزويدها بمادة أولية جيدة ناتجة عن الأضاحي.
❊ تم اختيار 6 ولايات نموذجية هذه السنة في هذه الحملة، على أي أساس تم تحديدها؟
❊ فعلا اخترنا ولايات الجزائر العاصمة، وهران، سطيف، جيجل، قسنطينة وباتنة، وهذا لأنها تعد مكان تمركز تاريخي لوحدات الدباغة، وينشط بها عدد هام من مجمعي الجلد. وبما أن هذه الحرفة موجودة بهذه الولايات تم استهدافها على أمل أن يتم في السنوات القادمة توسيع العملية إلى ولايات أخرى.
❊ كيف سيتم إنجاز الحملة عمليا في الميدان؟ وما هي الأطراف التي ستساهم فيها؟
❊ شكّلنا لجانا ولائية في الولايات الست المعنية تضم ممثلي الولاة ومدير الصناعة والمناجم، الذي يعد محرك العملية وممثلي الشؤون الدينية الذين يعتبرون رقما فاعلا في العملية لأنهم سيقومون بتوعية وتحسيس المواطن في المساجد عبر الدروس وخطب الجمعة والعيد، بضرورة المساهمة في العملية وتفادي التبذير والمساهمة في التنمية الاقتصادية، إضافة إلى ممثلي وزارة البيئة والطاقات المتجددة وممثلي الجمعيات والإذاعات المحلية ووسائل الإعلام عموما، كون العملية قائمة أساسا على التحسيس قبل وخلال يوم العيد، بضرورة المساهمة في هذه الحملة.
ميدانيا ستقوم اللجان الولائية بتحديد أماكن وضع الجلود، حيث ستخصص حاويات في الأحياء أو المساجد وسيتم الإعلان عن مكانها عبر وسائل الإعلام والملصقات.
ولأنه لايمكن الحفاظ على الجلد بدون وضع الملح على جانبه اللين فإن المواطن مطالب بذر الملح عليه، مع العلم أنه سيتحصل على هذه المادة مجانا في أماكن التخزين والتجميع كما سيتم توزيعه في بعض المساجد قبل النحر، وكذا من طرف لجان الأحياء أو مسؤولي البلدية.
عموما تم اقتناء الملح من طرف المجمع العمومي للصناعات النسيجية وصناعة الجلد «جيتيكس» الذي قام بتحضير كميات كافية من الملح لتوزيعها على الولايات المعنية.
بعدها ستقوم مؤسسات النظافة وجمع النفايات بجمع الحاويات ونقلها إلى مكان مخصص للتجميع والحفظ يتوفر على الشروط والمواصفات المطلوبة، وهناك عمال مجندون من طرف البلديات ولجان المساجد والمجمع العمومي وجمعية الدباغين، حيث ستتم تعبئة يد عاملة تقوم بتصنيف الجلود وتصفيفها وتنظيمها، لأن هناك تقنيات في حفظ الجلود لتفادي تعفنها...
العملية مضبوطة والبلديات ستقوم بتوفير الشاحنات، لأنه لابد من تعبئة مايفوق 500 شاحنة في هذه الحملة، وكما تعلمون فإنه في أيام العيد هناك ضرورة لتحفيز خاص من أجل تعبئة العمال للقيام بهذه العملية... ولحد الآن يمكن القول إن التجند تام وسنتمكن من تحقيق النتائج المرجوة.
ما نحبّذه فقط هو أن يستعين المواطن بخبراء في النحر من أجل عدم إتلاف الجلود عند عمليات السلخ، أو الانتباه جيدا عند عملية السلخ في حال القيام بالذبح من طرف المواطن، أو اللجوء إلى المذابح العمومية والخاصة التي ستفتتح يوم العيد ويمكن ترك الجلود على مستواها وستتكفل بعملية وضع الملح.
❊ تحدثت الوزارة عن 800 ألف جلد أضحية سيتم جمعه، على أي أساس تم تحديد هذا الرقم؟
❊ هي عمليات حسابية ونسب مدروسة. فبالنظر إلى ما يرمى على المستوى الوطني من جلود أضاحي، توقعنا الوصول إلى 800 ألف جلد خلال هذه الحملة. لكن نرجو أن يكون الجزء الأكبر من الجلود المجموعة صالحا وغير ممزقا، لذا نحاول أن نحسس المواطنين بضرورة إتقان عملية السلخ.
ومن الهدف المحدد بـ800 ألف جلد، لو وصلنا إلى إحصاء 600 أو 700 ألف جلد صالح للاستعمال فإننا سنعتبر أن الحملة نجحت، أما الباقي فيمكن استغلال صوفه.
ولابد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجزائر تتوفر على حوالي 22 مليون رأس ماشية وهي ثروة هائلة يمكن استعمال جزء كبير منها في الصناعات الجلدية والباقي يأخذ منه الصوف، وهو ربح كبير يمكنه توفير أرضية صناعية تعمل الحكومة على تشجيع الاستثمار فيها مستقبلا، بعد أن أطلقت هذا العام حملة تستهدف الجلود بصفة خاصة.
❊ ما هي تكلفة هذه الحملة؟
❊ لقد حرص جميع الفاعلين على تسخير الوسائل اللازمة بحس وطني، حيث سيعمل مجمع «جيتيكس» ووحدات الإنتاج ومراكز الردم على توفير مراكز التخزين، فضلا عن تعبئة كل الأطراف المشاركة في الحملة لإمكانياتها ومواردها البشرية.
❊ ما هي الأرباح المتوقعة منها؟
❊ اقل ما ستحققه الحملة هي تحقيق الاكتفاء الذاتي لمجموع وحدات الدباغة العمومية والخاصة. إذ يرتقب أن توفر لها مخزونا كبيرا يمتد لسنة أو أكثر، ويمكنها استعماله في التحويل الأولي وتوجيهه للتصدير. فالجزائر بإمكانها أن تصدر سنويا أكثر من 20 مليون دولار من الجلود المعالجة أوليا.. فهي إذا ثروة يمكنها أن تدر العملة الأجنبية على الخزينة العمومية، فضلا عن مساهمتها في تطوير الصناعات الجلدية ببلادنا.
❊ ما هي قيمة صادرات الجلود حاليا؟
❊ هناك متعاملون عموميون وخواص يقومون بالتصدير حاليا، ولديهم طلب من متعاملين في إيطاليا وإسبانيا لكن القيمة ضئيلة، وهناك جزء كبير من الجلود يحول إلى وحدات الإنتاج..
لدينا في حدود 300 متعامل في مجال الصناعات الجلدية كالأحذية والألبسة والمحافظ في عدة ولايات، إضافة إلى مستعملي الجلود في الصناعات التقليدية. كما ويوجد 18 وحدة دباغة وطنيا.
❊ هناك تجارب في دول أخرى تقوم باقتناء الجلود من المواطنين.. هل هناك تفكير في اللجوء إلى هذه الصيغة وتقديم مقابل مادي للمواطنين من أجل تشجيعهم على منح جلود الأضاحي؟
❊ فعلا هناك تجارب هامة في هذا المجال بتركيا وبنغلاديش وتركيا التي تقوم صناعة الجلود بها أساسا على حملة الجمع في أيام العيد، وهناك ثروة طائلة تجنى من العملية. وليس هناك شيء يمنع من تطبيق هذه التجارب بالجزائر.
أما فيما يخص تحفيز المواطن لبيع الجلد، فأنا لست مفتيا، لكن شركاؤنا وزملاؤنا في وزارة الشؤون الدينية يحبذون تفادي بيع الجلد من طرف المواطن. فالجانب الفقهي هام لأن الأمر يتعلق بشعيرة دينية، وبيع جزء من الأضحية لايجوز..
هذا ما أعلمنا به من طرف وزارة الشؤون الدينية. وبالتالي فإن المواطن مثلما يتصدق باللحم عليه أن ينوي التصدق بالجلد عوض رميه، وقد اتفقنا مع وزارة الشؤون الدينية على أن تمنح عائدات بيع الجلود لوحدات الدباغة، إلى جمعية «سبل الخيرات» التابعة للوزارة والتي ستقوم بصرفها في أعمال خيرية مثل بناء المساجد وتقديم الصدقات...
❊ هل لدينا حاليا القدرات الصناعية لاستغلال هذه الجلود؟ وما هي السياسة التي ستنتهجها الوزارة لتطوير هذه الشعبة؟ وهل هناك استثمارات أو شراكات مقررة في هذا المجال؟
❊ العملية هي الأولى من نوعها وهي رائدة ونموذجية، غير أنها تهدف أساسا لترقية شعبة بكاملها، هناك مسار متكامل وهذه عملية من ضمن عمليات أخرى في مسار دعم الاستثمار في هذه الشعبة ومرافقة المستثمرين والمنتجين النشطين حاليا، لاسيما عبر عمليات التأهيل والمرافقة والدعم وتسهيل الاجراءات.
هناك منظومات في خدمة هذه الشعبة تخص دعم الاستثمار، تحسين الجودة، دعم تنافسية المؤسسات والمحافظة على البيئة باعتبار أن الدباغة نشاط ملوث، وهناك مرافقة المتعاملين في مسايرة التقنيات الحديثة في مجال تصفية المياه المستعملة.
كما أن هناك أمر هام يجب التركيز عليه، هو أن هذه الحملة ستساهم في تكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشتغل في سلسلة تثمين هذه الشعبة. ففي الفترة القادمة سنشهد خلق مؤسسات تقوم بجمع الجلود. وهذه الأخيرة ستقوم بعمل متكامل، ابتداء من النحر والسلخ والتمليح ومعالجة الجلد، وصولا إلى بيعه للمدابغ. فشبابنا يمكنه إنشاء مؤسسات مصغرة في هذا المجال. لذلك لابد من الإشارة إلى أن المواطن وبحركة بسيطة سيساهم في خلق الثروة ومناصب العمل وترقية المنتوج المحلي، وسيلبس حذاء مصنوعا من جلد أضحيته وكل هذا مهم جدا ويصب في مصلحة الوطن والمواطن.
❊ حوار: حنان حيمر ـ تصوير: ياسين اكسوس