تجاوزات وإزهاق للأرواح
"مافيا" الشواطئ تبسط منطقها
- 1326
رغم مجانية الشواطئ التي أُعلن عنها مع افتتاح موسم الاصطياف للسنة الجارية، إلا أن أفراد مافيا الشواطئ يقومون باستغلال جيوب المواطن؛ سواء تعلق الأمر بكراء المظلات الشمسية أو ركن السيارات بالحظائر العشوائية، حسبما لاحظت "المساء". ورغم أن الدرك الوطني يقوم بدوريات فجائية لتفقّد مختلف الشواطئ، إلا أن مستغلي هذه الفضاءات يتحايلون لفرض منطقهم في عملية مطاردة غير منتهية راح ضحيتها المواطن.
مجانية شواطئ العاصمة تبخرت بشكل شبه كلي أياما قليلة بعد افتتاح موسم الاصطياف، فبمجرد انطلاق موسم الاصطياف بحلول شهر جوان عاد الخواص إلى العمل من جديد بطريقة فوضوية بدون أيّ اعتبار لقرار وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وبدون خوف من العقوبات المفروضة عليهم في حال مخالفة القرار.
«المساء" تجولت في بعض الشواطئ، وسجّلت تذمرا وسط العائلات، التي قالت إن مجانية الشواطئ مجرد "كذبة"، مؤكدة أن تعليمة وزارة الداخلية ضُربت عرض الحائط تماما، ليقابضل المواطنون بدفع مبالغ بين 1200 و2000 دج، للجلوس إلى طاولة وتحت الشمسيات.
دوريات الدرك لم تنفع
لاحظت "المساء" في زيارتها عدة شواطيء على غرار "الأزرق الكبير" و”شنوة" و”البلج" بتيبازة إلى جانب "ديكا بلاج" و”القادوس" بعين طاية واسطاوالي وعين البنيان وسيدي فرج، أنّ مستغلي الشواطئ لازالوا يفرضون منطقتهم بالتحايل على دوريات الرقابة التي تداهم المناطق السياحية في زيارات فجائية، حيث يقوم حراس الشواطئ بوضع مظلاتهم الشمسية مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 1200 دج، ويخفونها بمجرد قدوم الدرك.
وفي هذا السياق، قالت سيدة تحدثت مع "المساء" بشاطئ شنوة كانت رفقة عائلتها، إنّها دفعت مبلغا ماليا قدره 1200دج مقابل طاولة وأربعة كراسي، مضيفة أن أحد الشباب عرض عليها فور وصولها إلى الشاطئ، شمسية وطاولة وكراسيّ مقابل مبلغ خيالي. وعبّرت المتحدّثة عن استنكارها استغلال الشباب الشواطئ رغم إصدار تعليمة وزارية تمنع ذلك، مع إجبار العائلات على دفع مبالغ مالية مقابل الجلوس إلى طاولة بكراسي.
من جهته، أكد مواطن آخر أن التعليمة لا أساس لها من الصحة، رغم أن وزارة الداخلية أكدت أن دخول الشواطئ سيكون بالمجان في كافة الولايات الساحلية خلال موسم الاصطياف، غير أن الواقع عكس ذلك.
"خلّص ولا روح ولا تروح ضحية"
ظاهرة جديدة عرفتها الشواطئ هذه السنة، وهي فرض حراس الشواطئ غير الشرعيين مبالغ مالية غير معقولة لكراء الشمسيات وتوقيف السيارات، وفي حال الرفض يُطرد أو يفقد حياته، مثل ما حدث بولايات وهران وبجاية وبومرداس، حيث قُتل ثلاثة شبان على أيدي حراس "الباركينغ"!
واستغرب المواطنون المبالغ الضخمة التي تتراوح بين 200 و300 دج مقابل ركن سياراتهم، واستخدام سلوكات عنيفة ومستفزة للعائلات أثناء تنظيم عمليات الركن، حيث أكد أحدهم أن هذا الأمر غالبا ما يتسبب في حدوث مناوشات بين أصحاب المركبات وبين مستغلي الحظائر، خاصة عند دخول أصحاب المركبات في مفاوضات مع مسيريها من أجل دفع سعر أقل، أو في حال رفض دفع التسعيرة المطلوبة.
ولاحظت "المساء" بشواطيء تيبازة، إجبار المصطافين على دفع مبالغ خيالية من أجل السباحة والاستجمام، وصلت في بعض الشواطئ إلى 1200 دج، هذا ما أجمعت عليه العائلات التي كانت متواجدة هناك، حيث قال أحد القادمين من ولاية المدية رفقة عائلاته، إنه دفع 1200 دج قبل حصوله على كراس وطاولة ومظلة. كما أن صاحب الحظيرة أجبره على دفع 200دج مقابل ركن سيارته، معتبرا ذلك بمثابة استغلال للمصطافين من قبل شباب يريدون فقط ربح المال رغم أن الشواطئ ليست ملكية خاصة.
ومن جانبها، تساءلت سيدة أخرى "أين هي الرقابة التي تحدثت عنها السلطات؟ وأين هي مجانية الشواطئ؟"، مؤكدة أن أقل سعر من أجل الجلوس على شاطئ البحر هو 800 دج، وأحيانا يصل إلى 1200 دج. وأردفت المتحدثة أن العائلات لاتزال تواجه صعوبات في الحصول على المرافق الضرورية، وإن كانت الداخلية قد أعلنت عن مجانيتها غير أن غيابها أو احتكارها من قبل أشخاص فوق العادة، حوّلها من ملكية عمومية بالمجان إلى ملكية خاصة.
مفارقة مجانية الشواطئ..
أجمع المواطنون على أن مجانية الشواطئ كانت حديثا أكثر منها واقعا، متهمين في الوقت نفسه السلطات المحلية بعدم متابعتها وعدم سهرها على تطبيق تعليمة وزارة الداخلية، التي أكدت على ضرورة مجانية الشواطئ بعد استغلال شباب الشواطئ، وإجبار المصطافين على دفع مبالغ مالية مقابل الاستجمام. وأكدوا لـ "المساء" أنّ الحظائر لم تسلم هي الأخرى من الاستغلال من قبل الشباب الذين يفرضون مبالغ مالية. وتابعوا يقولون إنّ السباحة في الشواطئ أصبحت مكلفة وباهظة، وهي في الأصل ترويح عن النفس لمن لم تسمح لهم مداخيلهم بالسفر خارج الوطن. وأضافوا أن حتى التموقع على الشواطئ أصبح محتكرا من طرف من وصفهم بالمستغلين، بعدما أصبحوا يحتلون الصفوف الأمامية، الأمر الذي جعل الكثير من العائلات تتذمر وتشعر بالإهانة، في ظل الصمت التام للسلطات المحلية.
الشكاوى لم تغيّر شيئا
الملاحَظ خلال زيارتنا أنه لا يمكن المصطاف إلا أن يخضع للمبالغ المالية الخيالية المفروضة عليهم، التي تتراوح ما بين 1200 و2000 دج، حيث تفاجأ المصطافون بارتفاع الأسعار بشكل جنوني عكس ما كانوا ينتظرون.
وفي نفس الشأن، ممنوع عن المصطافين وضع مظلاتهم في الأماكن التي احتلها هؤلاء الشباب، وإذا اصطحب شخص ما مظلته فلا مكان له إلا أن يضعها في الخلف؛ "لا يُسمح لك بتنصيب مظلتك في المنطقة التي تلامس البحر، كلها أماكن محجوزة".
وأوضح المواطنون أنهم تقدّموا بشكاوى على مستوى مراكز الأمن، لكنها لم تغيّر شيئا، وسرعان ما يعود مستغلو الشواطئ لتنصيب مظلاتهم بعدما يقوم الدرك بسحبها.
تصرفات محيّرة بالمساحات المجانية
من التصرفات المحيرة التي يعمد إليها الخواص والعاملون في المساحات المجانية على السواء، انتزاع المظلات من المصطافين بعد الساعة السادسة مساء رغم أنهم دفعوا ثمن "يوم كامل" من الاستجمام، وهذا يتم بدون أي استئذان من العائلات، فيمكن أن يسبح الشخص، ثم يعود ليجد المظلة قد اختفت؛ لأن عمال الشاطئ يرغبون في العودة إلى المنزل.
ويحدث أن يجلس المرء تحت المظلة حتى يفاجأ بالعامل ينتزع منه المظلة بدون سابق استئذان، وبعدها يرحل العمال تاركين المصطاف بدون حماية وتحت أشعة الشمس الحارقة، كما هي الحال بسيدي فرج.