فيما أكد أن العالم يعيش على وقع أزمة غير مسبوقة
مساهل يدعو إلى إرفاق محاربة الإرهاب بإجراءات مكافحة التطرف
- 656
دعا وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل أول أمس، بنيويورك إلى العمل على أن تكون محاربة الإرهاب «مرفوقة بإجراءات مكافحة التطرف وبتشجيع سياسات تؤسس للعيش معا»، مشيرا إلى أن «الإرهاب الذي كانت الجزائر أولى أهدافه مع نهاية القرن الماضي، أصبح أحد الآفات الكونية الأكثر فتكا». كما أشار إلى أنه، بفضل تضحيات جسام، تمكنت البلاد من الوقوف منفردة في وجه هذه الآفة باعتماد مقاربة وبتسخير وسائل أثبتت نجاعتها.
وعبّر السيد مساهل في كلمته خلال أشغال الدورة العادية الـ73 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، عن استعداد الجزائر لتقاسم تجربتها وفق قناعة أن التصدي للإرهاب لابد أن يمر عبر القضاء على مسبباته العميقة، بحيث يكون ذلك مرفوقا بسياسة صارمة في مكافحة التطرف العنيف.
وذكر في هذا الصدد بلائحة الأمم المتحدة التي بادرت بتقديمها الجزائر، والتي اعتمدت تاريخ 16 ماي «يوما عالميا للعيش معًا بسلام»، مؤكدا أنها «تندرج ضمن الجهود الرامية لترقية مبادئ الحوار الشامل، الذي من شأنه أن يقود إلى البحث عن حلول للتحديات التي تواجه الاستقرار سواء على المستوى الوطني أو الدولي».
وأردف الوزير أنه «من دواعي اعتزازنا في هذا الشأن أن قيم ومبادئ العيش معًا بسلام كانت منطلق سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية التي قادها بكل عزم السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لإنهاء المأساة الوطنية والعمل على تصالح الجزائريين فيما بينهم»، مضيفا أن «هذه المثل الرامية إلى لمّ الشمل، تعتبر بالدرجة الأولى العامل المشترك للاستراتيجيات والسياسات والبرامج التي طبقت في مختلف ميادين النشاط الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والثقافي والديني».
قريبا الانتهاء من التقرير الوطني المرحلي حول أهداف التنمية
من جهة أخرى، أشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أن بلادنا، وفي إطار مساهمتها النشطة في إعداد الأجندة 2030 بصدد الانتهاء من إعداد التقرير الوطني المرحلي 2016-2018، حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة في إطار عرضها الطوعي أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جويلية.
وأوضح أن هذا النشاط يندرج ضمن «النموذج الجديد للتنمية الذي اعتمدته الجزائر عام 2016 وهي السياسة التي تضعها في أفق 2035 على طريق الدول الصاعدة وتمكنها من تنويع وتحويل اقتصادها عبر إعادة بعث ودعم النمو الاقتصادي لفائدة كل أبنائها ولدول المنطقة جمعاء».
في هذا الصدد، نوه الوزير بـ»الجهود التي بذلتها السلطات الوطنية في إطار المراجعة الدستورية الأخيرة لفائدة كل شرائح المجتمع الجزائري وبخاصة حقوق المرأة ودعم استقلاليتها وفئة الشباب لإدماجها الفعلي في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد»، مؤكدا أن هذه الجهود «حازت على اعتراف المجموعة الدولية ليس في ميدان ترقية حقوق الإنسان فحسب، بل وفي مجال تشجيع الاستقرار والأمن، وهي مكاسب تشرفنا وتحفزنا على مواصلة هذا المسعى الشامل».
كما أشار السيد مساهل إلى أن «العالم قاطبة لا يزال يعيش على وقع أزمة غير مسبوقة متعددة الأوجه» وأن هذا الوضع «يؤسف الجزائر كثيرا»، مضيفا أن السيد انطونيو غوتيراش كان مصيبا في التحذير من أخطارها»، في حين حذر من «تفاقم النزاعات وبروز مخاطر جديدة وبلوغ الانشغالات العالمية في مجال الأسلحة النووية حدا لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية».
وأضاف رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن «الاختلالات البيئية تتسارع بوتيرة تتجاوز تحركنا وهوة الفوارق تزيد اتساعا في وقت نسجل فيه انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وارتفاع حدة النزعات القومية ونبذ الآخر».
وأشار السيد مساهل إلى كلمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما ترأس الدورة الـ29 للجمعية العامة، حين أكد أنه «لا يكفي الحصول على عضوية الأمم المتحدة لنكون في مأمن من الجوع والخوف»، موضحا أنه «لا يمكننا اليوم الرضا بأزلية نظام دولي لا يشجع على ترقية وتجسيد القيم العالمية للسلم والعدالة والتنمية حيث التطور العلمي والتكنولوجي، بدل أن يسهم في تحسين ظروف الحياة، فقد كرس احتكار الموارد الاقتصادية والمالية بين أيدي أقلية، موسعا بذلك الهوة التي تفصل بين الدول والشعوب الأكثر غنى والأشد فقرا. وعليه فإن الخلاصة المؤسفة هو أننا أمام أزمة أخلاقية حقيقية».
وفي هذا السياق، أشاد السيد مساهل بـ»سداد ووجاهة» اختيار موضوع الدورة، داعيا الأمم المتحدة «أكثر من أي وقت مضى إلى أن تجد الوسائل والطرق التي تسمح لها بأن تضطلع بدوها كاملا كما تصوره الآباء المؤسسون بعد نهاية مواجهة عالمية مدمرة».
وأردف أن «تحقيق هذه الغاية الحيوية للمجموعة الدولية بأكملها، لا يتسنى دون التزام جماعي متجدد لصالح العمل المتعدد الأطراف الفعّال والحقيقي والمنسجم مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، في حين أشار إلى أن التغيير الجوهري الذي «نتطلع إليه والذي يكتسي أولوية قصوى تتطلب حشد كل الإمكانات والجهود لإصلاح الأمم المتحدة نفسها».
وشدد الوزير على ضرورة أن يمس هذا الإصلاح هياكل المنظمة وطرق عملها وبخاصة مجلس الأمن، من خلال الحرص بالدرجة الأولى على رفع الظلم التاريخي الذي لحق بالقارة الإفريقية من حيث نقص تمثيلها في صنفي الدول الأعضاء في هذه الهيئة»، كما أوضح أن هذا الإصلاح يجب أن يشمل إعادة الاعتبار لدور الجمعية العامة ودعم سلطتها.
وقال السيد مساهل إن «رفض سياسات القوة وما يترتب عنها من أخطار، يتطلب البحث الدائم عبر الحوار والتوافق عن سبل دعم العمل المتعدد الأطراف»، مؤكدا أنها «الطريقة المثلى للتكفل بالتحديات الشاملة للأمن والتنمية التي تواجهها شعوب ودول العالم».
وأعرب الوزير عن «قناعة الجزائر بأن الفشل ليس حتمية، مثل أن النزاعات والمآسي الإنسانية والإرهاب والكوارث البيئية لا تقتصر على أطراف معينة إذ (لا وجود لقدر معزول) على حد تعبير الرئيس عبد العزيز بوتفليقة».
ومن هذا المنطلق، أكد أن الجزائر ستكون «في كل الأحوال شريكا وفيا وملتزما من أجل السلم والتنمية». وتطرق إلى الأجندة 2030 للتنمية المستدامة وبرنامج أديس أبابا لتمويل التنمية، معتبرا أنها «مكاسب قيمة تستحق حشدا معتبرا للوسائل والطاقات للتوصل إلى تطبيقها»، في حين أعرب عن أمل الجزائر في أن تكون نتائج الاجتماع رفيع المستوى حول تمويل التنمية المستدامة في أفق 2030 الذي نظمه الأمين العام للأمم المتحدة يوم 24 سبتمبر، مضيفا أنها «ساهمت في إرساء الأسس الصلبة لعمل تشاوري بين منظومة الأمم المتحدة والدول الأعضاء لصالح التنمية طبقا لتطلعات الدول النامية مثلما دعت إليه مجموعة الـ77».
مساهل يلتقي أعضاء الجالية الوطنية المقيمة في الولايات المتحدة
على صعيد آخر، إلتقى وزير الشؤون الخارجية أول أمس، في نيويورك أعضاء الجالية الوطنية المقيمة في الولايات المتحدة وذلك على هامش مشاركته في الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أطلعهم على الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لفائدة الجالية الوطنية المقيمة بالخارج وكذا من أجل الاطلاع على انشغالاتها.
وبعد أن ذكر وزير الشؤون الخارجية بأن «هذا اللقاء يصادف يوم هام في تاريخ الجزائر الحديث وهو تاريخ يرمز إلى انخراط الشعب الجزائري في ميثاق المصالحة الوطنية» الذي بادر به السيد رئيس الجمهورية، شدد على «الأهمية التي توليها الحكومة الجزائرية للتكفل بانشغالات الجالية الوطنية بالخارج وعلى توطيد جسور تعاون ومساهمة هذه الجالية في التنمية الوطنية».
ورحب أعضاء الجالية الجزائرية الحاضرون بهذا اللقاء الذي اعتبروه مبادرة تسمح لهم بالتعبير عن انشغالاتهم وتزيد من ارتباطهم بالجزائر وتفتح آفاقا تمكنهم من المساهمة بفعالية في التنمية الوطنية.
،،ويلتقي عدد من نظرائه
كما كانت لوزير الشؤون الخارجية لقاءات مع نظرائه على هامش الأشغال، حيث تحادث في هذا الصدد مع نظيره الكوبي برونو رودريغاث بارّيليا، حيث عبرا عن ارتياحهما لنوعية علاقات التضامن والصداقة القائمة بين البلدين. كما جددا التزامهما بتعزيز هذه العلاقات أكثر فأكثر.
وتحادث السيد مساهل أيضا مع نظيره الإيرلندي سيمون كونفيني، حيث تناول الطرفان العلاقات الثنائية وسبل دعمها، كما عبرا عن التزامهما بالعمل سويا من أجل بعث وتنويع التعاون الثنائي بين البلدين أكثر فأكثر.
من جهة أخرى، تطرق الوزيران إلى العلاقات التي تربط الجزائر والاتحاد الأوروبي، كما تبادلا وجهات النظر حول قضايا أخرى ذات الاهتمام المشترك، لاسيما إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن، علاوة على القضايا المسجلة في جدول أعمال الدورة الحالية لجمعية الأمم المتحدة.
تحادث وزير الشؤون الخارجية أيضا مع رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة السيدة ماريا فرناندا اسبينوزا، حيث تمحور اللقاء حول المسائل المسجلة في جدول أعمال الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما عبرت السيدة اسبينوزا في هذا الإطار عن شكرها للجزائر نظير دعمها الدائم لنشاطات ومهمة الجمعية العامة والذي يشهد عنه بشكل خاص تسهيل الجزائر للمصادقة على قرار حول إصلاح نظام تطوير الأمم المتحدة.
وتطرق الطرفان أيضا إلى المسائل الإقليمية والدولية الراهنة لاسيما الأزمات والنزاعات، بكل من مالي وليبيا والساحل والصحراء الغربية وكذا تهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة.