في ”أكتوبر الوردي”

‘’الألم” و‘’الأمل”

‘’الألم” و‘’الأمل”
  • 1711
نوال جاوت/نور الهدى بوطيبة نوال جاوت/نور الهدى بوطيبة

أجمل ما في الحياة، التمسّك ببصيص أمل رغم شدة الألم، وأكثر ما يؤلم أن تقرأ عن مرضى يتشبثون بالحياة أكثر من الأصحاء، عمادهم في ذلك الايمان بالقدر خيره وشره، سلاحهم الإصرار على الحياة ومجابهة الأوجاع، وحتى نظرة الأخرين الذين رغم تعاطفهم، يفعلون ذلك عن شفقة لا عن مبدأ، ومع الأيام الأخيرة من التظاهرة العالميةأكتوبر الوردي، ارتأتالمساءأن تقف عند الأمل والألم، عند الوجع والإصرار، مع نماذج لمريضات متفائلات بالغد ومتطوّعات جعلن الابتسامة أنبل ما يقدمنه لمرضى تقاذفتهم العلة ونخرت أجسادهم، ولم يمنعهممرض العصرمن توجيه رسائل إنسانية قوية، تحمل بين طياتها الإيمان والتفاؤل. كما زارتالمساءنموذجا للعمل التضامني الذي جسدته جمعيةالبدربالبليدة، والمتمثل فيدار الإحسان، ونقلت أجواءه ورصدت آمال قاطنيه وتفاني متطوعيها.

ولأنّ  كل امرأة هي مشروع حالة سرطان ثدي، سواء كانت عزباء أم متزوجة، عاملة أم ماكثة في البيت، مس ملفالمساءفئة العاملات، وحاولت نقل واقعهن وحقوقهن المهنية. كما حاولت التواصل مع صندوق الضمان الاجتماعي للعمال الأجراءكناس، لكن تماطل القائمين عليه حال دون الحصول على معلومات تدعّم الملف، فيما يتعلق بالتكلفة المالية الموجهة لتعويض المصابات بالسرطان، وسرطان الثدي على وجه الخصوص، وإعطاء ولو لمحة عن التغطية الاجتماعية للمصابات، لكن غياب المعلومة لم يثن صحفياتالمساءعن التطرق لهذا الشق. كما حاولن مس شريحة الشباب المتطوع في جمعيات مساعدة مرضى السرطان، وطرحت سؤالا بسيطا في معناههل يمكنك الارتباط بمصابة بسرطان الثدي؟.

ولأنأكتوبر الورديمحطة للتحسيس والتوعية بمرض بات في خانةالمعروف، أرادتالمساءأن تقيس مدى معرفة شاباتنا بالمرض وطرق الوقاية منه، والفكرة التي يحملنها عنه، ومواضيع أخرى حاولنا من خلالها أن نجعلالألم أملا والرفض دعما والخوف إقداما على الحياة”.

نوال جاوت

سرطان الثدي ... للمرض ضحاياه من الرجال

يعتبر مرض السرطان من أكثر الأمراض التي يخشاها الناس، ويظهر نتيجة النمو غير الطبيعي لبعض الخلايا والأنسجة التي تتكاثر ويصبح من الصعب التحكّم فيها، وأيضا بسبب وجود خلل في الجينات الوراثية خلال مراحل انقسامها، قد تحفّزها بعض العوامل الخارجية، كالقلق أو السلوكيات الخاطئة كالتدخين، شرب الكحول، أو اتباع نظام غذائي غير متوازن، أو التعرض المستمر للإشعاعات أو المواد الكيماوية. تكمن خطورة هذا المرض في أن الخلايا السرطانية الناتجة تكون قادرة على إصابة الخلايا المجاورة لها والتأثير عليها، لذلك يطلق عليها اسم الخلايا الخبيثة. ولعل أكثر أنواع السرطانات انتشارا في العالم؛ القولون والرئتين، وسرطان الثدي الذي كان ملازما للنساء فقط، لكن ظهرت مؤخرا بعض حالات إصابة الرجال بهذا السرطان، ويعد أحد أبرز مسببات الوفيات من السرطان في الجزائر عند النساء ولدى الرجال.. عن هذه الحالات، كان لـ«المساء، لقاء بالأخصائية في أورام الثدي بمصلحة الجراحة لمركزبيار وماري كيري، الدكتورة أمينة عبد الوهاب.

  بداية، أعطينا شرحا مبسطا لسرطان الثدي؟

سرطان الثدي نوع من السرطان، يظهر على مستوى أنسجة الثدي أو في المناطق المحيطة به، كالرقبة أو تحت الإبط، وينتج عن التشويه الجينيبي ار سي ا 2” الهرموني المسبب لسرطان الثدي وكذا البروستات. تظهر أعراضه بظهور كتلة أو احمرار على مستوى الثدي، أو قشور مجاورة للحلمة، أو خروج سائل منها أو دم، وتتعدد مسببات الإصابة بسرطان الثدي كغيره من السرطانات الأخرى، إلا أنه لم يتم تحديد كل الحالات بشكل دقيق لها، ومنها التعرّض المستمر لحالات القلق، التدخين، الكحول والأنظمة الغذائية غير المنتظمة، فضلا عن التعرض الدائم للمواد الكيماوية أو الأشعة الخطيرة.

  ما هي نسبة إصابة الرجل بسرطان الثدي في الجزائر؟

عالميا، تسجل نسبة الإصابة بسرطان الثدي عند الرجال 2 بالمائة، وهي نفس النسبة المسجلة في الجزائر، وبمصلحةبيار وماري كيرينقوم بتسجيل 1500 حالة جديدة كلّ سنة لحالات الإصابة بسرطان الثدي، 2 بالمائة منها مسجلة لدى الرجال، وهي نسبة قليلة، مما يجعل هذا المرض عند الرجل يسجل ضمن الأمراض النادرة.

  كأخصائية، ألا تعتقدين أن هذه النسبة تستدعي أخذها بعين الاعتبار؟

هي نسبة منخفضة، لكن ذلك لا يمنع من توعية الرجال أيضا بهذا الداء، فهم أيضا معرضون له، لاسيما في حالة بروز هذا المرض وسط العائلة، لأنه في هذه الحالة يرتفع خطر الإصابة إلى 7 بالمائة، لأن العامل الوراثي مسؤول عن إصابة الرجل بمرض السرطان، على عكس الرجال من عائلات لا تسجل أية حالة إصابة، لأن انتشار الجينة المصابة احتمال توارثها من شخص لآخر جد مرتفع.

  لكن في المقابل لا نسجل حملات توعية وسط الرجال؟

نظرا للبروتوكول الذي تعمل وفقه المنظمة العالمية للصحة، تبعا للمخطط الدولي للسرطانات، لا يتم إطلاق جهاز الإنذار بالخطر لأمراض نادرة إن لم تمسّ نسبا كبيرة من الأشخاص في العالم، وعليه ليس هناك برامج لحملات وقائية تحسيسية عالمية في هذا الإطار، فتجد بعض المبادرات التي تتم على المستويات الوطنية يقوم بها ناشطون يحاولون نقل ثقافة التشخيص المبكر لدى الرجل، لحمايته هو أيضا من هذا المرض الخبيث.

  هل الرجال في الجزائر واعون بإمكانية إصابتهم بهذا المرض الخبيث؟

للأسف لا، إلا نسبة جد قليلة، غالبيتهم من العاملين في السلك الطبي، لكن أكبر نسبة من الرجال يجهلون ذلك، حتى وإن كانوا مثقفين ولهم وعي صحي، بسبب غياب الحملات التوعوية في هذا الإطار، التي تحسس الرجل بإمكانية إصابته بسرطان الثدي، لهذا السبب دائما ما نستقبل حالات لرجال مصابين في مراحل متقدمة، بسبب عدم قيامهم بتشخيص مبكر للمرض، إذ لا يتبادر مطلقا إلى ذهن الرجل إصابته بهذا الداء، وعليه لا يجري الفحوصات اللازمة، إنما تكون زيارته للطبيب بسبب ظهور حبة، أو احمرار على مستوى الصدر، أو خروج سائل من الحلمة، وعادة الطبيب العام هو الذي يكشف عن تلك الحالات، لتوجه الرجل مباشرة عنده من أجل إجراء الفحوصات عند ظهور تلك الأعراض.

  ما هي مراحل العلاج عند الرجل بعد اكتشاف إصابته بسرطان الثدي؟

على عكس المرأة، يصعب إجراء الفحوصات الروتينية على ثدي الرجل بسبب غياب النسيج المكوّن للثدي، ووجودطبقة رقيقة مكونة له فقط، تتمثل في الجلد السطحي والحلمة. وعلى هذا، يستحيل القيام بتصوير إشعاعي للثدي لأن حجم ثدي الرجل لا يتناسب مع صفائح جهاز التصوير الإشعاعي، إنّما يجرى له مسح ضوئي في منطقة الصدر للكشف عن أي خلل على مستوى الثديين، لتظهر وجود تورم. وعند تشخيص الإصابة يمر الرجل بنفس المراحل العلاجية التي تمر بها المرأة، حيث في البداية يتم إجراءخزعةلأخذ عينات من ذلك التورم وتحليله، والكشف عما إذا كانت تلك التكتلات أوراما خبيثة أو حميدة، ثم تتم الجراحة لاستئصال الورم، فالعلاج الإشعاعي، ثم الكيماوي، وبعدها العلاجات الهرمونية.

  هل يتم استئصال ثدي الرجل في تلك الحالة؟

نعم، غالبا ما يتم استئصال الورم باستئصال الحلمة والنسيج المجاور، أي ما يشكل ثدي الرجل، وهذا يتم بشكل أسهل من جراحة ثدي المرأة، خصوصا أنّ الرجل المصاب لا يمانع مطلقا الأمر، ففي الأصل ليس لديه ثدي بارز سيشكل له مشكلا عند استئصاله.

  كيف تكون ردة فعل الرجل عند إخباره بالإصابة؟

يصعب جدا بالنسبة للرجل تقبّل فكرة إصابته بهذا المرض، حيث يدخل في المرحلة الأولى مرحلة الصدمة الحقيقية، وهناك من الرجال من لا يستوعبون مطلقا حديث الطبيب، إلى درجة يردون عليهليس لدي ثدي..” أو أنا لست امرأة..”، وهي الجمل التي يكررها مرارا الرجل المصاب، حيث يشعر بضياع أفكاره، لاسيما أنه دائما ما يربط هذا العضو من الجسم بالمرأة، كأن ليس لديه هو الآخر ثدي.

  كيف يتعامل مع مرضه وسط المجتمع؟

إن الحديث عن سرطان الثدي لا يزال من الطابوهات في أوساط أفراد المجتمع، الذين يعتقدون أن الثدي عورة ولا يجوز الحديث عنه، حتى في حالة وجود مشكل على مستواه، حيث لا يزال يرتبط هذا العضو بالمرأة وبالمنطقة الحميمية لديها المخصصة فقط للرضاعة. وإن كان الحديث عن سرطان الثدي عند الرجل، فالمشكل هنا بضعفيه، إذ أن إخبار رجل بإصابته بسرطان الثدي سيكون بمثابة التشكيك في رجولته، وهذا حقيقة ما يعتقدونه، إذ يظنون أن  هذا السرطان مرتبط بهرمونات أنثوية، لهذا تجد المصابين من الرجال يخفون مرضهم ولا يكشفون مطلقا عنه، وعليه يتنقلون إلى مناطق أخرى للعلاج والخضوع للمتابعة الطبية، خوفا من نظرة المجتمع.

  ماذا عن التأثير النفسي، هل هو نفسه عند المرأة المصابة؟

لا، سواء على المستوى النفسي أو الصحي، فالرجل يعيش أزمة نفسية في مرحلة اكتشافه للمرض، ومباشرة بعد العلاج يرتاح، حتى وإن تم استئصال الثدي، خلافا للمرأة التي تتدهور نفسيتها عند فقدانها لأحد رموز أنوثتها. أما على المستوى الصحي، فالعلاج الذي يتلقاه المصاب بالسرطان يسمى بعلاجالأعمى، إذ أن العلاج الكيماوي لا يفرق بين الخلايا السرطانية الخبيثة والخلايا الحميدة، فيقضي على مختلف الخلايا، وبذلك يمكن أن يقضي على خلايا المبيض، لاسيما عند المرأة التي يتعدى عمرها 35 سنة، بالتالي يقلل من خصوبتها ومن نسبة إمكانية الحمل والإنجاب مستقبلا، على عكس الرجل الذي  يؤثر عليه العلاج بنسبة أقل.

نور الهدى بوطيبة

بسبب توارث التشوه الجيني ... عائلة تحصي 15 مصابا بسرطان الثدي

أوضحت الأخصائية في أورام الثدي بمصلحة الجراحة في مركز بيار وماري كوري، الدكتورة أمينة عبد الوهاب، أن العامل الوراثي يرفع من نسبة احتمال إصابة الرجل بسرطان الثدي، إذ أن عددا معتبرا من أفراد من نفس العائلة تم تسجيل إصابتهم بسرطان الثدي، فهذا يزيد من احتمال إصابة رجال تلك العائلة به.ذكرت الدكتورة أن عائلة موضوعة تحت مجهر المركز، يعالج عدد من أفرادها في المركز منذ سنة 1987، وتم اكتشاف منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا 15 حالة لرجال مصابين بسرطان الثدي من نفس العائلة، من الجد، الأب، العم، الإخوة وغيرهم من رجال العائلة، وهذا دليل على توارث التشوه الجيني من جيل لآخر. 

ن. بوطيبة