في ملتقى فكري أدبي نظم بالنعامة
الثقافية الجزائرية في أعمال إيبرهارت
- 1546
اعتبر مشاركون في ملتقى فكري أدبي انتظم مؤخرا بعين الصفراء (النعامة)، أن العديد من كتابات وأفكار الأديبة إيزابيل إيبرهارت تحمل دلالات ثقافية وحضارية عميقة، نابعة من صميم المجتمع الجزائري.
خلال هذه الندوة التي نظمتها جمعية "صافية كتو" للإبداع الثقافي بعين الصفراء، بمناسبة الذكرى 114 لرحيل إيزابيل إيبرهارت (1877ـ 1904)، أبرز المشاركون من كتاب وأدباء وشعراء وإعلاميين من ولايات النعامة والبيض وسعيدة وبشار، أنّ الأثر الثقافي الذي خلفته هذه الأديبة والصحفية في كتاباتها جعلها تحتل مكانة هامة في التراث الأدبي الوطني والعالمي.
تطرق المتدخلون في هذه الندوة إلى عدة جوانب، تبرز دفاع الكاتبة في مقالاتها ومراسلاتها الصحفية عن القيم العربية والأمازيغية في الشمال الإفريقي، وتأييدها للانتصارات التي حققها الشيخ بوعمامة في مقاومته الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي.
اعتبر المشاركون أن مراسلات الحرب لإيبرهارت سنة 1902 فضحت الممارسات اللاإنسانية وغطرسة المستعمر الفرنسي في سلب الأرض من السكان. كما أن كتاباتها أثناء استقرارها الوجيز بالمنطقة تعبر عن عادات وتاريخ الجزائر، وما تشكل في مخيلتها عن زخم الهوية الثقافية الأصيلة لسكان المناطق التي زارتها.
يهتم هذا اللقاء السنوي الخامس من نوعه، الذي ينظم التعاون مع مديرية الثقافة لولاية النعامة بأعمال هذه الكاتبة، ويتيح تبادل الأفكار حول المواضيع التي تناولتها مؤلفاتها، كما أوضح عبد القادر ضيف الله رئيس لجنة التنظيم.
كما يهدف إلى إحياء تراث ومسيرة هذه المرأة التي كانت مفعمة بالأحداث، وتسليط الضوء على أعمالها الصحفية والأدبية التي تضمنها نحو 20 كتابا باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وترجمت كتاباتها إلى مختلف لغات العالم، من بينها اللغة العربية، كما أبرز المنظمون.
دعا الكاتب أحمد بن شريف، وهو روائي ورئيس المكتب الولائي لاتحاد الكتاب الجزائريين بالنعامة، بالمناسبة، إلى ضرورة إثراء الساحة الأدبية بمزيد من البحوث التي تغوص في اللون الأدبي، ونمط الكتابة والإبداع الثقافي الذي خلفته هذه الكتابة والرحالة الأوروبية التي تشبعت بتراث الجنوب الجزائري وثقافته الأصيلة.
وجه المشاركون نداء للمختصين في النقد الأدبي والأكاديميين لإثراء مثل هذه الندوات الأدبية، التي تعد فرصة للاحتكاك وعرض التجارب المختلفة في مجال ترجمة الأعمال الأدبية ودراسة ومناقشة مواضيع الهوية والمنفى والذاكرة والتاريخ، والتي كانت من ضمن محاور كتابات إيزابيل إيبرهارت.
يرى الباحث والناقد جيلالي بن عودة من المركز الجامعي بالبيض، أن كتابات إيبرهارت تنوعت بين أدب السيرة والرحلات والقصة والشعر، كما أنها تجمع بين القصة التوثيقية والكتابة الصحفية، وإستدل في ذلك على بعض المقاطع من أعمالها التي نشرت بعد وفاتها، ومنها مؤلفات " في بلاد الرمال "و "تحت الظل الدافئ للإسلام"، فضلا عن تقاريرها الإعلامية كمراسلة حرب في تلك الفترة.
من جهته، اقترح الكاتب والمترجم بوداود عمير القيام مستقبلا بنشاط توأمة أدبية بين الباحثين والمبدعين والكتاب من ولاية النعامة ومختلف مدن الوطن، التي أقامت بها إيزابيل إيبرهارت، مثل الوادي وعنابة وبوسعادة وتنس والقنادسة وغيرها، من أجل "اقتفاء آثار ومسيرة هذه الشخصية وتمحيص تجربتها الفكرية والأدبية".
تميز إحياء الذكرى 114 لرحيل هذه الكاتبة بزيارة قبرها في مقبرة "سيدي بوجمعة" بعين الصفراء، وتنظيم معرض للصور حول هذه الشخصية، وعرض مختلف الكتب التي تناولت سيرتها وترجمة أعمالها. كما تم عرض شريط وثائقي حول إيزابيل إيبيرهارت بعنوان "على خطى النسيان"، من إخراج رجاء عمار، وقدم شعراء من المنطقة إلقاءات شعرية.