انطلاق ندوة باليرمو لإنهاء الأزمة الليبية
هل تنجح إيطاليا حيث فشلت فرنسا والأمم المتحدة؟
- 721
إنطلقت أمس، بمدينة باليرمو عاصمة جزيرة صقلية الإيطالية، ندوة دولية حول الأوضاع في ليبيا، يحاول المشاركون فيها إلى غاية مساء اليوم، إصدار بيان ختامي يحمل اسم هذه المدينة بعد أن شرحوا الوضع المعقد في دولة محورية في حوض المتوسط، تشابكت خيوطه أزمتها واستحال على أطراف معادلتها إيجاد مخرج لها بعد سنوات اقتتال أكلت الأخضر واليابس في بلد يعد من أغنى بلدان القارة الإفريقية.
وحضر الندوة التي دعت إليها السلطات الإيطالية بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج وقائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيله صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، بالإضافة إلى رؤساء دول وحكومات أكثر من عشرين دولة من بينها دول جوار الليبي.
وأكدت السلطات الإيطالية أن الندوة تهدف إلى تحديد مراحل مسار تحقيق الاستقرار والتأكيد على مسؤولية الأطراف الليبية في لعب دور محوري للوصول إلى ذلك، بالإضافة إلى احترام المسار التي وضعته الأمم المتحدة لتسوية الأزمة.
وقال وزير الخارجية الإيطالي، إنتسو ميلانيزي، إن المناقشات ستركز على ”مقاربة شاملة” لأجل إعادة الاستقرار والسلم إلى ليبيا.
وقال غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عن سعي الهيئة الأممية لإجراء انتخابات بين نهاية مارس وبداية شهر جوان من العام القادم، بعد أن ألغى خطة لإجرائها في ديسمبر القادم، مشددا الإشارة إلى ضرورة قيام الليبيين، بعقد مؤتمر وطني، بداية العام القادم لتحديد شكل وآليات تنظيم هذه الانتخابات، وهل يريد الليبيون إجراء انتخابات برلمانية في مرحلة أولى ثم رئاسية أم العكس، إلى جانب تحديد طبيعة النظام السياسي الذي يريدون تطبيقه في بلادهم.
ورغم أهمية اللقاء بالنظر إلى السياق الزمني الذي تعقد فيه إلا أن نتائجها تبقى غير مؤكدة تماما كما كان عليه الأمر بالنسبة لندوة باريس التي انعقدت شهر ماي وأعطت الأمل في الخروج من المستنقع الليبي قبل أن يسقط الاتفاق الموقع بين الأطراف الموقعة على بيان باريس في نفس السيناريو التي تهاوت فيه كل المبادرات السابقة إلى الفشل الأكيد.
وسادت الشكوك حول قدرة السلطات الإيطالية في تحقيق النجاح حيث فشلت نظيرتها الفرنسية قبل نصف عام وخاصة بعد سريان معلومات حول تخلف المشير خليفة حفتر عن حضور أشغالها.
وتكرس مثل هذا الشعور بالفشل بعد أن اضطر رئيس المجلس الإيطالي جيوسيبي كونتي للتنقل إلى مدينة بنغازي أول أمس، حيث يقيم خليفة حفتر في محاولة لإقناعه بالحضور إلى باليرمو على اعتبار أنه طرف محوري وفاعل وبدونه لن يكتب النجاح لأية مبادرة مهما كانت الجهة التي دعت إليها.
ورغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استطاع إجلاس غريمي السلطة في ليبيا فايز السراج وخليفة حفتر لأول مرة إلى طاولة حوار واحدة وأعطى ذلك الاعتقاد أن باريس ستكون بداية لإنهاء الحرب في ليبيا إلا أن تلك الآمال تبخرت مع حرارة الصيف التي عرفت اندلاع أعنف المواجهات المسلحة في العاصمة طرابلس ورهنت كل فرصة لتحقيق انفراج في يوميات أزمة عمرت لأكثر من سبع سنوات.
وأدرك خليفة حفتر وزنه في معادلة الحل الليبية وهو ما جعله يستغل ذلك من أجل تحقيق أكبر المكاسب الممكنة أمام غريمه رئيس مجلس حكومة الوفاق الليبية وخاصة الظفر بمنصب قيادة الجيش الليبي التي يصر عليها ورفض كل وصاية عليه من طرف الحكومة الليبية في طرابلس.
والأكثر من ذلك، فإن حظوظ ندوة باليرمو تبقى هي الأخرى ضئيلة إن لم نقل منعدمة إذا سلمنا أن قوى دولية وأخرى إقليمية سوف لن تتفاعل وفق الرغبة الإيطالية وخاصة من طرف باريس التي رأت في ندوة صقلية إجهاض لكل الجهود التي بذلها الرئيس ماكرون من أجل إنهاء الحرب في بلد متوسطي ولكن بنوايا براغماتية الهدف منها تحقيق مصالح اقتصادية ضخمة في بلد يعد محوري في قلب المتوسط وأكبر منتج للنفط في إفريقيا.
وهي المعطيات التي قد تجعل آمال رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج تنهار هي الأخرى بعد أن راح يعبر عن رغبته أمس، في التوصل إلى نظرة مشتركة تجمع بين كل المبادرات من أجل التوصل إلى تسوية نهاية للأزمة الليبية.
وهي نفس الصدمة التي قد يصدم بها رئيس المجلس الإيطالي، جوسيبي كونتي الذي أكد من جهته أن ندوة باليرمو تعد خطوة أساسية على طريق تحقيق الاستقرار في ليبيا والأمن في كل حوض المتوسط.
وهي كلها معطيات تجعل من الصعب على الفرقاء والدول الفاعلة في المشهد الليبي تحقيق هدفي ندوة باليرمو والتي ستطغى عليها مسألتا استعادة الأمن والاستقرار وإعادة بعث الاقتصادي الليبي من جديد بعد سنوات الانهيار التي ضربته منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي شهر أكتوبر سنة 2011.