غياب النجوم عن أندية البطولة المحترفة

نقص في التكوين.. أم تقارب في المستوى؟

نقص في التكوين.. أم تقارب في المستوى؟
  • 2457
و.توفيق و.توفيق

تشهد البطولة الوطنية المحترفة في الفترة الأخيرة، تراجعا في تواجد اللاعبين النجوم والمواهب الكبيرة في صفوف الأندية مقارنة بسنوات مضت، حيث كانت كلّ تشكيلة في الدوري المحلي، تتوفر على بعض العناصر البارزة والمميزة، تصنع الحدث مع أنديتها؛ سواء في المستطيل الأخضر أو خلال انطلاق سوق التحويلات الخاصة باللاعبين. مع انطلاق كلّ موسم كروي ينتظر المتابعون والمهتمون بالبطولة المحلية بروز بعض النجوم الشابة والجديدة، التي تنجح في لفت الأنظار إليها بفضل أدائها المتميّز والمهارات والفنيات الكروية التي تقدّمها فوق الميدان، فالبطولة الوطنية تتوفّر بدون شك، على لاعبين لديهم إمكانيات كبيرة من الناحية الفنية، وبحاجة فقط إلى من يتابعهم ويمنحهم الثقة والدعم اللازم لتفجير طاقاتهم.لكن المستوى والأداء لدى أغلب الأندية يتراجع ويكون بعيدا نوعا ما عن توقعات وآمال عشاقها وجماهيرها، ولا نلحظ بروز أسماء جديدة ومميزة إلاّ في عدد قليل من الفرق، كون المستوى يكون متقاربا بين اللاعبين في جلّ المواجهات واللقاءات.

أجيال ذهبية لم تتكرّر

الكثير من المتابعين لمشوار البطولة المحترفة بقسميها الأول والثاني، يتّفقون على غياب نجوم يستحقون المتابعة، حيث لم يعد يتوفر لاعبون من أصحاب الإمكانات الجيدة والمهارات الجديرة بالمشاهدة، التي تُحدث الفارق في كل لقاء، وتمنح المتعة التي تبحث عنها الجماهير. فأغلب النوادي الكروية الجزائرية صارت تعاني من افتقار تعدادها لعناصر وأسماء رنانة في الوقت الحاضر مقارنة بسنوات الثمانينات والتسعينات، التي عرفت بروز جيل ذهبي للعديد من هذه الفرق، حيث لا يمكن الحديث عن أي فريق بدون أن نذكر اسما لبعض النجوم التي تتقمص ألوانه، على غرار عصاد وقاسي السعيد ومحمد شعيب من رائد القبة، وقندوز وماجر ومرزقان أو دزيري من النصرية، وفرقاني ومناد وصايب وقاواوي من شبيبة القبائل، ومزياني ولونيسي من اتحاد الحراش، وبن شيخ وبطروني وصايفي في مولودية الجزائر، ولالماس وياحي وباجي في شباب بلوزداد، والأسطورة لخضر بلومي الذي تقمّص ألوان عدة فرق، وخاصة غالي معسكر ومولودية وهران، والقائمة طويلة وكبيرة لعدة عناصر نجحت في كتابة أسمائها بحروف ذهبية في سجل كرة القدم المحلية والدولية.

  رؤساء ومدربون يصنعون الحدث أكثر من اللاعبين

عوّض غيابَ اللاعبين البارزين والنجوم في أنديتهم الرؤساءُ والمدربون، الذين دائما يخطفون الأنظار ويصنعون الحدث في كل موسم؛ سواء بالتصريحات التي يطلقونها أو بالتغييرات الكثيرة التي يقوم بها مسؤولو الفرق على مستوى العارضة الفنية؛ بضم مدرب جديد أو اثنين في الموسم الواحد، مما يجعلهم يصنعون الحدث أكثر من اللاعبين أنفسهم.

العودة إلى التكوين واستغلال المواهب الشابة لتطوير الكرة المحلية

يبدو أنه بات على مسؤولي الأندية في البطولة المحترفة تغيير السياسة التي ينتهجونها والتي لا يمكن أن تعطي ثمارها على المستوى البعيد، وهذا بإهمالهم الأساس في كرة القدم، وهو التكوين واكتشاف شبان بإمكانيات وفنيات رائعة، قادرة على شق طريقها، وتصنع لنفسها اسما في سماء الكرة الجزائرية، إضافة إلى إعادة بعث المدارس الكروية، التي كثيرا ما أنجبت خيرة اللاعبين الجزائريين في سنوات ماضية، لأن التكوين يُعد عاملا مهمّا من أجل تطوير كرة القدم الجزائرية والبطولة الوطنية على حد سواء. كما أن منح الفرصة للمواهب الشابة من شأنه أن يشجعها على إعطاء أقصى ما لديها لترك بصمتها، وفتح الأبواب أمامهم لإثبات ذاتهم كنجوم مستقبليّين.   

لخضر بلومي (نجم المنتخب الوطني الأسبق): العمل القاعدي والتكوين غائبان

يرى نجم المنتخب الوطني في سنوات الثمانينات لخضر بلومي، أن تراجع اللاعبين النجوم والبارزين لدى فرق البطولة الوطنية المحترفة مؤخرا، يعود إلى غياب العمل الفعلي على مستوى الفئات الشابة، وعدم التركيز على التكوين وإهماله أدى بالضرورة إلى تراجع بروز المواهب الكبيرة. وأضاف صانع ألعاب الخضر الأسبق في تصريحه لـ المساء”: الذهنيات تغيرت الآن عما كانت سابقا، فالأموال غلبت التكوين، والمسيّرون دفعوا باللاعبين إلى التركيز على الأموال عوض العمل من أجل البروز والتألق، وتطوير مهاراتهم الفردية والفنية التي تخوّل لهم أن يكونوا نجوما بارزين في أنديتهم وفي البطولة. كما أن العامل الأساس هو العمل القاعدي والتكوين الذي أضحى غائبا الآن عن أغلب أندية البطولة الوطنية المحترفة، إضافة إلى أن الفئات الشبانية جلها تعاني من عدة مشاكل ونقائص في الهياكل القاعدية والظروف اللازمة للعمل، وهذه كلها أسباب كانت وراء غياب بروز النجوم والمواهب الكروية في بطولتنا في الفترة الأخيرة.

المدرب يونس إفتسان لـ المساء”: إهمال التكوين وراء عدم تطور البطولة المحلية

تحدّث المدرب يونس إفتسان إلى المساء عن ظاهرة غياب الأسماء اللامعة واللاعبين النجوم في البطولة المحلية، مرجعا ذلك إلى عدة نقاط، من أبرزها عدم اهتمام مسؤولي الفرق بالتكوين واكتشاف المواهب الشابة ومتابعتها منذ الصغر، مضيفا أن إهمال التكوين لن يسمح بتطوير الكرة المحلية مستقبلا.

وقال اللاعب والمدرب الأسبق لاتحاد الحراش حول هذا الموضوع: لا يُختلف في أن افتقار أندية بطولتنا المحترفة لأسماء بارزة ونجوم في السنوات الأخيرة، يعود إلى غياب عمل قاعدي والتكوين في الصغر. الكثيرون يبحثون عن النتائج عوضا عن التكوين، وهو ما يعانيه بعض مدربي الفئات الشبانية في الأندية، الذين يجدون أنفسهم تحت ضغط تحقيق نتائج جيدة للحفاظ على مناصبهم، في حين أن في هذه الفئات الشابة يتوجب التركيز على صقل المواهب الكروية ومتابعتها وتكوينها أولا؛ لأنهم يمثلون نجوم المستقبل، إضافة الى عدم توفير الإمكانات والهياكل اللازمة التي تسمح لهؤلاء المدربين والمربين بالعمل في أحسن الظروف والنجاح في هذا المجال. وأضاف إفتسان قائلا: كما أن بعض المدربين لا يمنحون الفرصة للعناصر الشابة للتألق مع الأكابر إلا إذا كان هذا اللاعب يتمتع بموهبة عالية جدا؛ لأنهم يفضلون أصحاب الخبرة من أجل تحقيق النتائج الجيدة. الآن الفرق لا تتوفر على نجوم بارزين إلا قلة قليلة منهم، فسابقا، مثلا، اللاعبون الذين يحملون الرقم 10 كانوا بكثرة ونجوما كبارا؛ كبلومي وياحي ومزياني وبوكار

وعجيسة وغيرهم، حتى إن الناخب الوطني حينها كان يجد صعوبة في تحديد القائمة. اليوم، منتخبنا الوطني أصبح يفتقر لعدة عناصر ولاعبين من البطولة المحلية، أظن أنه من دون التركيز على التكوين لن تتطور بطولتنا.

محمد معوش (اللاعب السابق في فريق جبهة التحرير الوطني): صناعة اللاعبين النجوم تبدأ من الصغر

أكد محمد معوش اللاعب السابق في فريق جبهة التحرير الوطني، أن إهمال جانب التكوين لدى أندية البطولة المحلية، سينجرّ عنه غياب للمواهب الشابة والنجوم، التي من شأنها أن تفرض نفسها وتتألق في سماء الساحرة المستديرة.

وقال معوش محمد في حديثه إلى جريدة المساء حول هذه القضية: إن البطولة الوطنية باتت تفتقر لوجود لاعبين نجوم ومن مستوى عال، وصار هؤلاء قليلين حاليا، بينما، في وقت سابق، عند التطرق لأي ناد في البطولة، تجد نجمين أو أكثر في صفوفهم، وأظن أن هذا يعود إلى عدة أسباب، منها غياب التكوين اللازم الذي ينطلق منذ الصغر في المراكز الخاصة بذلك. ويشمل التكوين كل الجوانب النفسية والبدنية والذهنية للاعب. كما أشار المتحدث إلى غياب المدارس الكروية في السنوات الأخيرة، حيث قال: عدة أندية مكونة ومدارس كروية معروفة في الجزائر، لم تعد تنجب اللاعبين البارزين مثلما كانت عليه سابقا، على غرار رائد القبة، اتحاد الحراش وأولمبي العناصر، وغيرها من الفرق التي كانت تركز على تكوين اللاعبين الشباب، ومنحهم الفرصة لتفجير طاقاتهم الكروية. الآن يوجد نادي بارادو الذي يعمل في هذا المجال، وبرزت منه عدة أسماء شابة وذات مؤهلات كبيرة، وهذا كله بفضل منهجية العمل التي ينتهجها القائمون عليه، إضافة إلى عدم استغلال الدورات التي تقام بين الأحياء، والتي تسمح باكتشاف مواهب شابة تكون بحاجة إلى من يساعدها على صقل مواهبها الكروية، لأن صناعة النجوم تبدأ من الصغر، ومن المفروض أن يتوفر كل فريق في البطولة على مركز ومدرسة للتكوين خاصة به. على الجميع أن يضعوا في حسبانهم أن بدون تكوين لن يتحسن مستوى البطولة المحلية.

مراد لحلو (الرئيس السابق للنادي الهاوي لنصر حسين داي): البطولة تفتقر لأسماء بارزة والتكوين ضعيف

قال مراد لحلو الرئيس السابق للنادي الهاوي لنصر حسين داي في تصريح لـ المساء، إن غياب اللاعبين النجوم في أندية البطولة الوطنية المحترفة في الفترة الأخيرة يعود لعدة أسباب، أبرزها نقص التكوين وغياب المدارس التي تهتم بتطوير المهارات الشبانية وصقلها.

وقال مراد لحلو في هذا الصدد: التكوين ضعيف جدا في فرق البطولة، مما أدى إلى تراجع في مستوى اللاعبين. نحن الآن في مرحلة التحويلات الشتوية، ولا توجد أسماء بارزة ورنانة في السوق مثلما كان عليه الأمر في وقت مضى، وإن وُجدت فإن الفرق لا تتنازل عن خدماتها؛ لأنها بحاجة ماسة إليها، ولن تجد أفضل بديل لها لتعويضها في حال مغادرتها أو بيعها. وفي المقابل يتم تسريح العناصر التي لم ترق للمستوى المطلوب وفشلت في فرض نفسها مع هذه الأندية. الأمور اختلفت عن السنوات الماضية؛ حيث كان كل ناد يتوفر على اسم أو اثنين بارزين ونجوم بمستوى كبير.