في محاولة أجهضت في مهدها
عسكريون ينقلبون على الرئيس علي بانغو في الغابون
- 761
لم يدم الانقلاب الذي قام به عدد من العسكريين الغابونيين ضد الرئيس علي بانغو، سوى ساعات معدودة قبل أن يعلن غي برتراند مابانغو، وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة أن السلطة الشرعية تسيطر على الوضع.وأكدت الرئاسة الغابونية في بيان أصدرته مساء أمس، إلقاء القبض على متزعم الانقلاب والقضاء على اثنين من مساعديه واعتقال اثنين آخرين وتم تحرير الصحفيين العاملين في مقري الإذاعة والتلفزيون الذين وجدوا أنفسهم رهائن في هذه العملية.
وقدم الملازم أوندو أوبيانغ كيلي، الذي قاد المحاولة الانقلابية وهو يتلو بيان الدعوة إلى العصيان على قناة التلفزيون وأثير الإذاعة الرسمية، نفسه على أنه يشغل منصب نائب القائد العام للحرس الجمهوري، وأنه رئيس حركة وطنية للعناصر الشابة في الجيش النظامي، واصفا الهيئات الرسمية المعلن عنها في البلاد بعد مغادرة الرئيس علي بانغو البلاد بغير الشرعية.
وفشل عسكريون أمس، في محاولتهم الانقلابية التي سعوا من خلالها للإطاحة بالرئيس علي بانغو، الموجود في الخارج منذ قرابة ثلاثة أشهر وسط شغور في السلطة، إلا من حكومة بقيت تسير الشؤون اليومية في بلد يعيش أزمة سياسية حادة.
وفاجأ عسكريون فجر أمس، الشعب الغابوني على شاشة التلفزيون الرسمي بتوجيه دعوة علنية للقيام بثورة شعبية ضد النظام القائم، في نفس الوقت الذي أعلنوا فيه تشكيل ”مجلس وطني” لتكريس الديمقراطية في البلاد.
وذكر شهود عيان أن قيادة الحرس الجمهوري قامت مباشرة بعد ذيوع خبر الانقلاب إلى نشر تعزيزات عسكرية من حول مبنى التلفزيون الرسمي، حيث سمع دوي طلقات نارية في وقت قامت فيه دبابات قوات الجيش بإغلاق مفترق الطرق في الشارع الرئيسي في العاصمة ليبروفيل.
وأضافت المصادر أن عشرات الشباب من قاطني أحد الأحياء الشعبية بمحيط مقر الإذاعة والتلفزيون سارعوا إلى إضرام النّار في عدة سيارات كانت متوقفة في الشارع المحاذي تلبية لنداء العصيان الذي دعا إليه الانقلابيون قبل اعتقالهم، إلا أن تدخل قوات الشرطة ولجوئها إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع سمح بالتحكم في الوضع. وسارعت الحكومة مباشرة بعد هذه المحاولة إلى نشر تعزيزات عسكرية في كبريات شوارع العاصمة ليبروفيل، ومن حول الهيئات الحكومية الرسمية وأكدت أنها ستبقي على هذه الإجراءات الأمنية إلى غاية استعادة الهدوء التام والتحكم في الوضع العام.
ويبدو أن شغور السلطة الذي تعيشه دولة الغابون منذ نهاية شهر أكتوبر، شجع هؤلاء العسكريين على القيام بهذه المحاولة الانقلابية التي قبرت في مهدها ربما بسبب عدم تنسيق العملية وانحصارها في مجموعة محدودة العدد، وعدم سعيهم إلى كسب تأييد مختلف قيادات القوات العسكرية في الجيش النظامي الغابوني لضمان نجاح عمليتهم.
يذكر أن الرئيس علي بانغو غادر البلاد في 24 أكتوبر الماضي، باتجاه العربية السعودية في زيارة رسمية أصيب خلالها بجلطة دماغية أدخلته المستشفى قبل مغادرتها باتجاه المغرب، حيث يقيم هناك منذ الخريف الماضي.
ويكون استعصاء حالته الصحية وتدهورها في المدة الأخيرة هو الذي جعله يواصل فترة نقاهته في أحد المنتجعات المغربية، وسط سريان إشاعات متلاحقة في أوساط الشعب الغابوني وأحزاب المعارضة باستحالة قدرته على مواصلة مهامه الرئاسية الأمر الذي جعلها تطالب بإعلان حالة شغور منصب رئيس البلاد والدعوة إلى انتخابات مسبقة.
ومما زاد في تكريس حالة الشك العام في البلاد التزام السلطات الرسمية الصمت المطبق بخصوص حقيقة وضعه الصحي، وكذا تاريخ عودته وما إذا كان قادرا على مواصلة مهامه وهو في سن التاسعة والخمسين من العمر فقط. وكان آخر ظهور للرئيس علي بانغو، لأول مرة يوم 31 ديسمبر الماضي، وعلامات المرض بادية على ملامحه، حيث وجه كلمة بمناسبة احتفالات نهاية العام الميلادي إلى شعب بلاده انطلاقا من مكان تواجده بالعاصمة المغربية، سارعت مختلف أحزاب المعارضة إلى وصفها بـ ”إهانة للبلاد وأفقدت الشعب الغابوني كرامته”.
يذكر أن الرئيس بونغو، خلف والده الراحل عمر بانغو سنة 2009 وأعيد انتخابه سنة 2016.
وأدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد، ”بشدة” محاولة الانقلاب وجدد التأكيد على رفض الهيئة الإفريقية ”التام” لأي تغيير غير دستوري في السلطة، وهو نفس الموقف الذي اتخذته السلطات الفرنسية التي طالبت باحترام دستور البلاد.